تبقى فلسطين جذر الصراع في المنطقة والاقليم ، منها ممكن ان تتغير السياسات والوقائع، أخبارها تنافس اخبار الحرب في أوكرانيا رغم عالميتها.
في فلسطين يقدح البارود فيشعل النار، ويضيء ضياء وإخوانه بدهم درب العزة والنصر .
في فلسطين يسقط المطبعون ويسقط الخائنون.... في فلسطين تسقط القمم ويسقط أصحاب السعادة والفخامة والسمو..... في فلسطين تصنع الكرامة والسيادة والحرية.
كان المطلوب كي الوعي وغسل الادمغة وسلب الارادة للاقرار بالأمر الواقع ثم التسليم والاستسلام، لكن العمليات كشفت الحقيقة:
عجز وفشل وارتباك واحباط
في أجهزة الكيان المؤقت الأمنية.
وهنا لا نقلل من كفاءة الأجهزة الأمنية الصهيونية لكن اختراقها بهذا الشكل يتطلب براعة وابداع وجرأة وثبات.
في دلالات العمليات البطولية:
اولا: في موضوع الأمن،
هذا الكيان المؤقت يحاول بيع الوهم بأن لديه فائض امن، ويسوق له، البعض اشترى هذه البضاعة الفاسدة، لكن هل يستطيع من اشتروا هذا الوهم ان يفسروا لنا كيف يشترون من تاجر لا يملك البضاعة اصلا، فها هو يستجدي الأمن من الاردن والسلطة الفلسطينية ومصر بالضغط على المقاومة في غزة ومن امريكا حيث ارسل مدير جهاز الشاباك، مع العلم ان جهاز الشاباك جهاز امن داخلي رئيسه لا يقوم بمثل هذه الزيارات ومن يقوم بها هم روؤساء الاستخبارات العسكرية والموساد والجيش.
ثانيا: أسرى محررون هم من نفذ هذه
العمليات البطولية، أي ان التنكيل
والقمع والسجون لم تحقق المرجو منها بل ازدادوا صلابة وإصرار على المقاومة.
ثالثا: الدعوة للتسلح من قبل قادة
الكيان للمستوطنين ليست دليل قوة بل دليل ضعف وفشل للأجهزة الأمنية في تحقيق الامن. وتدل ايضا على فاشية هذا الكيان،
هي وصفات لعدم الهجرة ولكننا راينا حتى الجنود يهربون من امام هؤلاء الأبطال.
رابعا: منسوب الثقة ارتفع عند
الفلسطينيين مستندين الى مقاومة لم تخذلهم من غزة في معركة سيف القدس، وهذه المقاومة تستند الى سند قوي وهو المقاومة في لبنان والتي اعلنت عن الاستعداد والتجهيز ليكون اي اعتداء على القدس والمقدسات يعادل حرب اقليمية، وهذه المقاومة في لبنان كلها ثقة ومستندة لسند إقليمي في سوريا وايران.
دون أن ننسى أهلنا الأبطال في اليمن، الذين كانوا اول من لبى النداء بالجهوزية للمشاركة في الدفاع عن القدس والمقدسات.
اما الكيان الغاصب فانكشف وانخفض منسوب الثقة بقيادته واجهزته الأمنية وراينا ذلك من خلال الصراخ في مابين القادة من جانب والصراخ على القادة من قبل المستوطنين من جانب اخر.
خامسا: في موضوع داعش،
نلاحظ ان اول عمليتين كان منفذوها من أهلنا في مناطق الخط الأخضر او الاراضي المحتلة عام ٤٨، أما العملية الثالثة فكان منفذها من أهلنا في الضفة الغربية وتحديدا من جنين.
اول عمليتين حاول العدو نسبهما لداعش، ونحن نعرف ان داعش صناعة امريكية إسرائيلية، فتم تزويدهم بالسلاح وعلاجهم داخل الكيان، وكل أفعالهم كانت في خدمة العدو. أما العملية الثالثة فلم ينسبها لداعش، لأن انتماء منفذها لا يمكن اخفاؤه فهو معروف في منطقته.
اذا نحن امام سردية صهيونية تحاول أن تنسب العمليات لداعش حيث تستطيع بهدف:
١- محاولة انكار ان هناك مقاومة
في الاراضي المحتلة عام ٤٨.
فبعد اكثر من سبعة عقود لم
تستطع اخضاع أهلنا في مناطق
ال ٤٨ .
٢- تحاول الايحاء امام الراي
العالمي انها تتعرض لهجات
إرهابية وليس اعمال مقاومة
حتى تبرر التنكيل والعنف والقتل
وفي نفس الوقت تجد مبرر
لطلب إدانة العمليات وطلب
المساعدة.
سادسا: في موضوع مصطلح
"الذئاب المنفردة"
هو مصطلح غربي استعمل ضد من يقومون بعمليات إيذاء لاسباب عنصرية. بالنسبة لكلمة ذئاب هناك عدة دعوات من كتاب وصحفيين لاستبدالها بكلمة اسود، خاصة وان الذئاب توحي بالتوحش أما الاسود فتحي بالجرأة والقوة، وهو مصطلح معقول.
أما مصطلح المنفردة، فقد قدم لنا الشهيد ضياء أروع صورة:
هذا الثبات... هذا التوثب ... هذه الجرأة ... هذه الثقة والقدرة على السيطرة على الموقف .....كيف تصرف مع الأطفال والنساء وكيف تعامل مع المستوطنين القتلة، هذا يدل على تدريب عالِِ، قد يكون في أقل عدد ممكن من الأفراد من اجل المحافظة على السرية. وهنا ايضا لسنا ملزمين بتبني السردية الصهيونية التي تحاول أن تبرر فشلها بهذه النظرية، مع انها قد تكون صحيحة في بعض العمليات.
سابعا: في موضوع السلاح المستعمل،
تم استعمال ابسط أنواع السلاح، الشهيد ابو القيعان استعمل سيارته وسكينه، والشهيدان اغبارية استعملا مسدسات في البداية وقبل الاستيلاء على البنادق. وهنا لا بد أن نستحضر الاخبار التي تكلمت عن زيادة في تهريب السلاح عبر الحدود اللبنانية الفلسطينية والحدود الاردنية وتم كشف عدة محاولات وكانت تحتوي كمية كبيرة من المسدسات.
اذا لو توفر السلاح لهذا الشعب لكان له كلام اخر.
ثامنا: في موضوع التنسيق الأمني.
ان الهدؤ الذي سبق هذه العمليات كان نتيجة مسار التسوية وعندما حصل استعصاء، وصار العدو يزيد من تطرفه عبر مستوطنيه واجهزته الأمنية، وانخفض منسوب الأمل لدى الشعب الفلسطيني بتحقيق تقدم، إضافة لعملية الاستفزاز التي شعر بها
من استثنائه مما يجري من ترتيبات في المنطقة، ثار هذا الشعب ليثبت حضوره وانه صاحب الكلمة الأخيرة.
فالتنسيق الأمني رغم ان له درجة من الفاعلية في الضفة الا انه جزء من الأمن الصهيوني ثبت انه لا يمكن الاعتماد عليه ويمكن تجاوزه.
تاسعا: تحري الجنود دون المدنيين من قبل الأبطال اضافة لما فيه من بعد أخلاقي، فانه يسحب الذريعة من كل من يحاول إدانة العمليات الفدائية ، ويصبح كل من يدينها مشبوه او موضع مساءلة في أقل تقدير.
عاشرا: هدف العمليات هو الرعب وهو اهم من القتل، اصبح كل فلسطيني جندي يخيف المستوطنين واجهزتهم الأمنية. ادت العمليات لاستمرار كامل والاستعانة بالجيش مما يترتب عليه أعباء اقتصادية كبيرة. وادت العمليات لفقدان الأمن الشخصي، عام ٢٠٠٠ قالوا لم نعد نستطيع ركوب الحافلات والان يقولون لم يعد بالإمكان المشي بالشوارع.
هذا يلخص ازمة الكيان الذي لا يستطيع حماية نفسه.
ان التحولات المرتقبة لا يتحكم بمساراتها ما شاهدناه من قمم وصور استعراضية انما من يتحكم بحركة التغيير هو المعطيات الميدانية.
دخلنا في مسار جديد ونحن على أبواب انتفاضة جديدة ستؤدي لتحولات سياسية والى تطورات جديدة.
م. مدحت ابو الرب



