تحويل المحنة إلى فرصة، البقاء أو الفناء
جورج حدادين
أظهرت الأزمة الطاحنة التي يعيشها العالم اليوم، أنه من غير الممكن للقيادة السياسية والاقتصادية في الأردن، الاستمرار في اعتماد سياسة الاستهلاك والبذخ والفساد، وترك لصوص المال العام يعيثون فساداً في هذا البلد، ولم يعد مقبولاً استمرار سياسة الاعتماد على المساعدات الخارجية، المنح والقروض، لإدارة شؤون الدولة والمجتمع، ولم يعد مقبولاً الاعتماد على سياسة استيراد الغذاء والسلع الأساسية لتوفير لقمة عيش المواطن الأردني، ولم يعد مقبولاً الخنوع التام لإملاءات الخارج، صندوق النقد والبنك الدوليين، ولم يعد مقبولاً الاستمرار في نهج قاد الدولة والمجتمع إلى هذه الحالة الكارثية، الإنهيار أو الفناء.
أصبح واضحاً للجميع أن خيار الاعتماد على الذات، هو شرط البقاء، ولم يعد مقبولاً أن يبقى هذا الخيار خاضعاَ المماحكة والمناكفة، بين مراكز قوى ونخب تابعة في هذاالبلد، يعتاش على فتات المركز الرأسمالي الذي يستحلب ثرواتنا ومقدراتنا، ويرمي الفتاة إلى قوى التبعية المحلية، التي تعمل على سوق مبررات و أضاليل وأكاذيب، لضمان إستمرار نهج وضع الدولة والمجتمع أمام مصير مظلم، الإنهيار أو الفناء، إذا لم يكن الغد فبعد غدٍ، لا محالة، حياة أو موت، بقاء الدولة أو فنائها، ولم يعد مقبولاً ترك هذا القرار بيد مجموعة التبعية في السلطة وفي السوق وفي صفوف البعض من النخب، على الاطلاق، وعلى عاتق الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة تقع مسؤولية إنقاذ البلاد من الإنهيار والمجتمع من الدمار.
معطيات وحقائق مستخلصة من الأزمة القائمة،والتنبيه إلى بوادر تداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي وخاصة على دول ومجتمعات دول المحيط المستهلكة التابعة:
· يبدو أن هذه الأزمة ستمتد على مدى سنوات قادمة، وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية تتعمق مع مرور الزمن، ارتفاع أسعار بسبب الأزمة وبسبب استغلال الطغمة المالية المضاربة لها لجني أرباح خيالية، وتنامي حالة كساد مترافقة مع تضخم، تؤدي إلى افقار مروحة جديدة من شرائح وفئات اجتماعية، كانت إلى حد قريب، تعتقد أنها بمنأى عن وحش الفقر.
· هذه الأزمة ستكون تداعياتها كارثية على دول المحيط التابعة، والأردن في قلب هذه العاصفة.
· الإعتماد على الذات، هي الطريق الوحيدة للخروج بسلام من تداعيات أزمة غير مسبوقة، بالنسبة لدول المحيط التابعة، الأردن في قلبها، كون الأزمة القائمة نتاج حرب تناقض تناحري طويلة الأمد، بين منظومتين ضخمتين ممتدتين: الرأسمالية المضاربة والرأسمالية المنتجة، بين منظومة رأسمالية مضاربة متعالية على التاريخ تتصرف بغطرسة غير مسبوقة، تعاقب من تشاء ومتى تشاء بلارحمة، وفي الوقت ذاته مصابة بجنون العظمة، مقابل منظومة رأسمالية منتجة مصممة على المقاومة وجهزت نفسها لهذا اليوم.
· هل شروط وعناصر الإعتماد على الذات متوفرة في الواقع الأردني، الجواب نعم كبيرة وبالتأكيد،