لم تكن أعين أردوغان يوما على مكافحة الإرهاب كما يزعم في شعاراته الكاذبة في كل مرة أراد فيها اجتياح الأراضي السورية، وإنما تركيزه الأوحد كان - ولا يزال- النفط السوري، وهو ذات الهدف الذي يرنو إليه بمقترحه الأخير على روسيا، أو المنطقة الآمنة التي أراد إقامتها شمال شرقي سوريا أو ما يُعرف بمناطق شرقي نهر الفرات والتي تسيطر عليها حاليا قوات سوريا الديمقراطية
عدوان النظام التركي على شمالي سورية مستمر منذ أكثر من أسبوع...مطامع أردوغان العثمانية وأمانيه في إقامة منطقة أمنة واحتلال أراضي جديدة في سوريا تتصاعد يوما بعد يوم، في محاولة منه لإحداث تغيير في الواقع الميداني من جهة وفي الواقع الديمغرافي من جهةٍ أخرى.. عدوان لا زال حتى الآن في إطار القصف المستمر للشمال السوري دون أي توغل جديد.. وهو ما يضع إشارات استفهام حول النوايا الحقيقية لأردوغان من كل ما يقوم به في سورية وكيف سيتصرف مع الموقف الأمريكي الملبد تجاه هذا العدوان؟
هذه التساؤلات أجابنا عليها الخبير العسكري والاستراتيجي العميد المتقاعد هيثم حسون، حيث أكد لموقع اضاءات، أنه ومنذ بداية الحرب على سوريا كانت واضحة المطامع الاستعمارية التركية التاريخية في الأراضي السورية ويعد هذه الصحوة بدأت تركيا بتحريك مخابراتها أولا ثم قواتها داخل الأراضي السورية وصولا إلى عام 2013 عندما أعلنت عن مخطط إنشاء منطقة آمنة داخل سورية على طول الحدود السورية التركية وبعمق في لك الوقت يتجاوز 50 إلى 100 كيلومتر في بعض المناطق إلى وسط البلاد.
العميد حسون أوضح أن أنقرة نفذت عدة مراحل من هذا المخطط كونها لا تستطيع أن تنفذه بالكامل نتيجة عوامل كثيرة داخلية وخارجية عسكرية وسياسية بدأت هذه المراحل منذ عام 2016 واستكملت المرحلة الثانية في 2018 في عمليات أطلقت عليها تسميات عديدة مختلفة كــ"نبع السلام"، و"غصن الزيتون"، و"درع الفرات"، واحتلت بلدات ومدن كثيرة في سوريا تتجاوز مساحتها ال 9000 كيلومتر مربع.
والآن تتابع تركيا الاستفادة من الفرصة الذهبية المتاحة وهي انشغال روسيا في حربها في أوكرانيا وإيران في وضعها الداخلي وباقي حلفاء سوريا في أمور أخرى تخصهم داخليا أما بالنسبة للدول الأوربية والولايات المتحدة فهي لا يهمها أساسا توسع تركيا في مناطق داخل الأراضي السورية كونها لا تؤثر سلبا عليها .
العميد حسون رأى أنه ورغم محاولات الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوربية حماية الميلشيات الكردية الانفصالية التي تعمل كمرتزقة لدي الولايات المتحدة لتنفيذ مخططاتها في الأراضي السورية إلا أن العلاقة مع تركيا بالنسبة لواشنطن في هذه المرحلة لها الأولوية خاصة في ظل الحاجة لموقف تركي واضح تجاه الحرب الأوكرانية الروسية وموضوع انضمام فنلندا والسويدي لحلف الناتو والوقوف في وجه الخطر الروسي المزعوم وايضا في محاولة لإثارة أو تحسين العلاقة التركية مع الناتو فيما يتعلق بالخلاف المحتمل مع الصين مستقبلا لذلك أعتقد أن تركيا جادة في تنفيذ هذه المرحلة الرابعة من خططها الاستعماري وهي لن تتردد في الاستفادة من الفرصة المتاحة في ظل الوضع الدولي الراهن أما الحديث والرهان عن موقف عربي ودولي فهو رهان على السراب .