عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
إن إحضار سفينة وحدة إنتاج الغاز الطبيعي المسال ENERGEAN POWER إلى منطقة بحرية متنازع عليها هو خطوة عدوانية على لبنان أعدتها الغرف السوداء في البيت الأبيض ومن إعداد أمريكي دون الإكتراث بلبنان ومسؤوليه. فما حصل هو إنتقام أمريكي من لبنان بعد فشل الإنقلاب السياسي في لبنان عبر الإنتخابات مستغلين ضعف الحكومة التي تذعن للإملاءات الخارجية وبالمجان ؛ وخير دليل هو السماح غير الدستوري لتدخل كل من شينكر وهيل والسفير السعودي في إنتخابات لبنان. وعلى سبيل المثال لا الحصر على التدخل الأمريكي المباشر ؛ هي الأوامر الأمريكية لليونان بحجز سفينة نفط إيرانية خلافًا لقانون البحار الذي يحكم حرية التجارة الدولية.وشاءت "الصدف" ان تكون هذه السفينة أيضًا هي يونانية الأصل.
وقد تحركت العواطف الجيّاشة في لبنان حول عدة عناوين أهمها :-
1- لماذا بقي المرسوم 6433 حبيس الأدراج دون التوقيع عليه لحماية حقوق شعب لبنان؟
2- لماذا لا ترد المقاومة كما وعدت وتدمر تلك المنصة؟
3- لماذا الإكتفاء بالوسيط الأمريكي هوكشتاين بالرغم مع أنه ثبت وبالدليل الملموس انه وسيط غير نزيه ويفرض شروطًا لصالح العدو وَمنها إلتقاط صورة تذكارية للوفد العسكري اللبناني المفاوض مع العدو العسكري؟
4- لماذا بلع أصحاب السيادة المزعومة ألسنتهم عن إدانة هذا الإستفزاز والأهانة والعدوان؟
ونظرًا لدقة الموضوع وخطورته لا بد من التفكير بعقل هادئ وعاقل لإتخاذ الموقف المناسب ولوضع الحقائق أمام كل نسيج المجتمع اللبناني بعيدًا عن أي موقف سياسي. فمن خلال بحثي عن الوثائق القانونية الدولية التي تثبت حق لبنان في أرضه ومياهه وجدت ضالتي في معاهدة بوليه نيوكومب لتحديد الحدود البرية والبحرية التي جرت بين الإنتداب الفرنسي الذي كان محتلًا لسوريا ولبنان وبين الإنتداب الإنكليزي المحتل لفلسطين وقد وصلتُ بناءً إلى الوثائق إلى التالي:-
1- إن مزارع شبعا وملحقاتها هي أراضي لبنانية
2- إن حدود لبنان البحرية مثبتة لدى بريطانيا وفرنسا والأمم المتحدة وهي تنطلق من النقطة B1 حسب ترسيم بوليه نيو كومب للحدود اللبنانية؛ وليس حسب خط الإنسحاب الذي إخترعه المندوب الأممي لارسون خدمة للعدو والذي بات يعرف بالخط الأزرق.
وبالتالي نستنتج ان هناك في الدولة العميقة فريقًا سياسيًا يريد التخلي عن بعض الأراضي اللبنانية ومساحات إستراتيجية من الحدود البحرية لصالح العدو الصهيوني.
فإعادة ترسيم الحدود البرية مع العدو الصهيوني بعد الإنسحاب المذل عام كانت فخًا صهيوأمريكيًا محكمًا ونقطة إستدراج لما نعانيه حاليًا. ولا بد من التذكير بالتدخل الأمريكي السافر في عهد فخامة الرئيس المقاوم إميل لحود حين طلبت منه وزيرة الخارجية الأمريكية إصدار بيان رسمي بأن قوات العدو إنسحبت إلى الحدود الدولية ، فأكد لها بأن الضباط اللبنانيين على الأرض ينفون ذلك. عندها قالت للرئيس بكل وقاحة :" هل تعلم مع من تتكلم"؛ فسمعت كلامًا صدمها حين قال لها الرئيس المقاوم : " أعرف ولكن الوقت متأخر وأريد أن أنام".
ووجدت أيضًا بحثًا قانونيا حول الموضوع؛ وللأمانة الصحفية أنقل إليكم بعض الفقرات منه التي تؤكد بأن لبنان ليس بحاجة إلى مفاوضات لأن حقوقه البرية والبحرية مثبتة بموجب معاهدة بوليه نيو كومب. فالتفاوض حول حق مثبت هو خارج حدود المنطق ومن يفعل ذلك، فإنه يضع نفسه موضع الشبهات:-
حدود لبنان كما رسمها اتفاق “بوليه – نيوكمب” قبل ١٠٠ عام
– دراسة قانوية لميشال قليموس 14 أكتوبر / تشرين الاول 2020
في ظل الاوضاع الدولية والاقليمية الدقيقة التي يجتازها لبنان في ظل التهديدات الاسرائيلية لسيادته ومنابع النفط والغاز في مياهه الاقليمية.
وتبعا لاطلاق عملية الترسيم البحري للحدود البحرية اللبنانية برعاية الامم المتحدة وبوساطة اميركية.
كان لا بد من التأكيد على الوضع الدستوري والقانوني لهذه المفاوضات التي يجب ان تكون متوافقة مع احكام الدستور واتفاقية الهدنة سنة 1949 ومع قرارات مجلس الامن الدولي التي ترعى موضوع الحدود اللبنانية في اطار المواثيق والاتفاقيات والمعاهدات الدولية المكرسة قانونا منذ ايام عصبة الامم وحتى تاريخه وخاصة احكام القانون الدولي للبحار.
منذ اعلان دولة لبنان الكبير في العام 1920 كانت مزارع شبعا ضمن الحدود الدولية للبنان، وهي تقع في منطقة استراتيجية لها بعدها التاريخي والحضاري كما ولها قيمتها واهميتها نظراً للمياه الجوفية الموجودة فيها مما اعطاها اهمية اساسية نظراً لموقعها الجغرافي المميز، الامر الذي ادى الى احتلالها من قبل اسرائيل في بداية السبعينات وليس خلال حرب العام 1967 الامر الذي يجعل من المطالبة بخضوعها للقرار رقم 242 الصادر عن مجلس الامن الدولي او لجهة كونها ضمن الحدود السورية في غير موقعها القانوني والواقعي كما سوف نورده لاحقا.
1 – بتاريخ 31/آب/1920 أي قبل يوم واحد من اعلان دولة لبنان الكبير، اصدر المفوض السامي الفرنسي الجنرال غورو قراراً يحمل الرقم 318 يتعلق بحدود لبنان حيث ورد فيه بشكل صريح ما حرفيته :
“Au Sud, la frontière Palestinienne telle qu’elle sera determinée par les accords internationaux”.
أي ان القرار المذكور ربط تحديد الحدود الجنوبية للبنان والملاصقة لفلسطين بمضمون الاتفاقات الدولية التي سوف توقع لاحقاً.
2 – بتاريخ 23/12/1920 أي بعد حوالي اربعة اشهر من تاريخ اعلان دولة لبنان الكبير، تم توقيع اتفاق بين فرنسا وبريطانيا بصفتهما الدولتين المنتدبتين على كل من لبنان وفلسطين ولقد عرف هذا الاتفاق باتفاق “ترسيم الحدود في المشرق” في ما بينهما بحيث ادى هذا الامر الى وضع اتفاق الترسيم وتوقيعه بتاريخ 3/2/1922 ولقد وقعه السيد “بوليه” عن الجانب الفرنسي ووقعه السيد “نيوكومب” عن الجانب البريطاني حيث يتبين من هذه الاتفاقية التي سميت يومها اتفاقية “بوليه-نيوكمب” وخاصة في النقطة 39 منها بان مزارع شبعا هي ضمن الحدود اللبنانية.
3 – خلال شهر آذار 1923 تم التوصل الى رسم الحدود بين لبنان وفلسطين انطلاقا من بنود اتفاقية “يوليه – نيوكمب” المذكورة اعلاه.
5– بتاريخ 9/4/1925 اصدر المفوض السامي الفرنسي الجنرال سراي قراراً يحمل الرقم /3066/ قضى بالتأكيد على اعتبار القرى الواقعة ضمن مزارع شبعا كقرية النخيلة مثلاً، ضمن الاراضي اللبنانية.
6 – وفي العام 1926 تم تكريس حدود لبنان في المادة الاولى من الدستور اللبناني.
ولقد نصت المادة 2 من الدستور اللبناني على ما حرفيته :
“لا يجوز التخلي عن احد اقسام الاراضي اللبنانية او التنازل عنه”.
وبالتالي فان رئيس الجمهورية اللبنانية وعندما يقسم اليمين الدستورية سندا لاحكام المادة 50 من الدستور فان القسم الدستوري ينص على ما حرفيته :
“احلف بالله العظيم اني احترم دستور الامة اللبنانية وقوانينها واحفظ استقلال الوطن اللبناني وسلامة اراضيه”.
وهنا تكمن اهمية الدور المعطى حصريا على الصعيد الدستوري ضمن المادة 52 من الدستور لرئيس الجمهورية باجراء المفاوضات بشأن المعاهدات كونه اقسم يمين المحافظة على حدود الاراضي اللبنانية وحقوقه السيادية في البر والبحر.
7 – عام 1934 صادقت عصبة الامم في جنيف على اتفاقية “بوليه – نيوكومب”.
"أما بالنسبة للحدود البحرية.
فان لبنان وقع على القانون الدولي للبحار وهو قانون رفضت اسرائيل حتى تاريخه التوقيع عليه وبالتالي فان هذا القانون يستند لتحديد الحدود البحرية اللبنانية الى آخر نقطة برية على الحدود البرية وهي النقطة التي تحمل الرقم B1 سندا للترسيم النهائي والرسمي لحدود لبنان سندا لاتفاقية الهدنة سنة 1949 (المادة الخامسة منها) ، بحيث يتم السير بصورة عامودية ومستقيمة من نقطة B1 وصولا الى الحدود الاقتصادية الخالصة التي هي 200 كلم ضمن البحر.
ان ما تم سابقا وبصورة خاطئة سنة 2007 عندما تم توقيع اتفاقية الترسيم البحري بين لبنان وقبرص والتي لم يصادق عليها المجلس النيابي لم يكن ناشئا عن نقطة B1 كما هي اساسا ضمن الحدود الدولية للبنان مما افقد لبنان مساحة /860/ كلم مربع ضمن حدوده الاقتصادية الخالصة في البلوك 9 وبالتالي فان اسرائيل تسعى لتغيير مكان نقطة B1 الاساسية لتعديل الحدود البحرية للبنان كي تسيطر على المساحة البحرية المذكورة اعلاه والتي هي من حقوق لبنان.
وبالتالي يتوجب على المفاوض اللبناني التمسك بالترسيم البري الاساسي للحدود الدولية للبنان في نقطة B1 وعدم التفاوض على تعديل مكان وجودها الاساسي.".
وبناءً عليه فإن الدولة العميقة في لبنان تسعى بكل جهودها لإيجاد إطار قانوني وليس دستوري للتخلي عن أجزاء إستراتيجية من لبنان كما حصل مع شركة سوليدير حيث تم وبشكل مخالف للدستور التخلي عن قسم كبير من الأراضي اللبنانية والذي بات يعرف الوسط التجاري لصالح سلطة سوليدير وليس لسلطة الدولة اللبنانية؛. فأصبحت سوليدير دولة داخل الدولة بكل ما للكلمة مَن معنى.
وختامًا لا بد من الإشارة بأن أي شركة في العالم لا تحضر إلى مناطق متنازع عليها بدون موافقة وتغطية أمريكا، وطبعًا للحفاظ على المصالح الصهيونية وليس اللبنانية. وأما المزايدات ومحاولة المس بمصداقية المقاومة؛ فقد كان موقفها صريحًا جدًا وهي ان تقول الدولة اللبنانية فقط بأن العدو قد تعدى على الحدود البحرية اللبنانية فهي ستتصرف.
وإن غدًا لناظره قريب
07 حزيران/ يونيو 2022