صراع التناقض التناحري بين الرأسمالية المضاربة ( المركز الرأسمالي) ورأسمالية الدولة ( روسيا والصين)\ جورج حدادين
مقالات
صراع التناقض التناحري بين الرأسمالية المضاربة ( المركز الرأسمالي) ورأسمالية الدولة ( روسيا والصين)\ جورج حدادين
جورج حدادين
14 حزيران 2022 , 18:14 م

بم تفكر؟

يدور نقاش حامٍ ، في وسائل الإعلام وعلى صفحات الجرائد وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، هذه الأيام حول سؤال محوري ومركزي، في سياق الحرب الدائرة على الأرض الأوكرانية بين حلف الناتو من طرف والاتحاد الروسي من طرفٍ آخر:

أيهما تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية العدو الرئيسي ؟

الاتحاد الروسي أو الصين الشعبية

تنقسم الآراء، بين من يفترض روسيا هي العدو الرئيس لأمركيا وآخر يعتبر الصين وكل منهما يدعم موقفه ببراهين.

الإجابة على هذا السؤال تتطلب تشخيص علمي ودقيق لطبيعة المرحلة القائمة بالفعل وفي الواقع، على الصعيد العالمي، المنظومات الاقتصادية الاجتماعية لأطراف الصراع، البنية الثقافية لكل طرف، الأسباب التي أدت إلى انفجار الصراع.

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، نهاية القرن الماضي، حاول إعلام المركز الرأسمالي العالمي، اعلان انتصار نهائي غير مرتد للنظام الرأسمالي العالمي على النظام الاشتراكي، مقولة نهاية التاريخ وصراع الحضارات، وإعلان الولايات المتحدة، أداة المركز ، القطب الواحد السائد في هذا العالم، المطلب الأول في الفكر الغربي الرأسمالي.

ومن هذا المنطلق فرض الأعلام الغربي على الوعي الجمعي العالمي مفهوم القدر الأمريكي الذي لا يقهر،

تنامي شعور العظمة لدى المركز، وتنامى تبعاً لذلك حالة التعالي على التاريخ،

حيث اعتبر المركز روسيا دولة إقليمية ولم تعد دولة عظمي، وكذلك الأمر بالنسبة للصين، حيث تعاملت هذه العقلية العنجهية مع الصين الصاعدة بقوة على أنها دولة ما زالت أحد دول العالم الثالث،

هذا الحكم الواهم والبائس نجم عن بنية ثقافية زائفة متهافتة ، تماماً كما ابتدعت النازية شعور رفعت العرق الآري على شعوب العالم،

هذا في الجانب الثقافي أما في الجانب الاقتصادي الاجتماعي، ففي الحقيقة والواقع أنه صراع تناحر بين قطبين عالميين:

القطب الأول، المركز الرأسمالي العالمي، الشركات العملاقة متعدية القوميات، الطغمة المالية العالمية التي سيطرت على القرار الدولي بعد انهيار المعسكر الاشتراكي، ومحاولة المركز فرض بنية جديدة على منظومة الرأسمالية، وهي بنية المضاربة، على السلع والبشر والبيئة،

القطب الثاني الصين وروسيا ممثلا رأسمالية الدولة

حيث تبنت الطغمة المالية العالمية في المركز، ما سمي في بداية التسعينات من القرن الماضي "توافقات واشنطن " والتي تنص على خصخصة القطاع العام أينما وجد، والترجمة العملية لهذا الشعار، هي إعلان الحرب على منظومة رأسمالية الدولة المتمثلة في الصين وروسيا

بمعنى أن سؤال من تعتبره الولايات المتحدة العدو الرئيسي روسيا أو الصين هو مجرد سؤال وهمي غير منتج

في الحقيقة والواقع

أنه صراع التناقض التناحري بين منظومة الرأسمالية المضاربة ومنظومة رأسمالية الدولة