ذاكرة مغارة
منوعات
ذاكرة مغارة " مراح سلامة "\ جورج حدادين
16 آب 2022 , 20:59 م


الأمة التي لا تملك ذاكرة حضارتها وتاريخها لا تستحق الحياةا

غزا الآشوريون القدس بداية القرن الثامن قبل الميلاد، وفي طريقهم إلى القدس مروا بجبل الصياغة حيث بنوا معبداً لآله يدعى نيبا، إله الحكمة والمعرفة والتجارة، الذي ورد في التوراة بأسم نيبو، كون العبرانيين يحولون الألف إلى واو، نيبا = نيبو،

لماذا نسقط الأسم التاريخي الحقيقي لصالح حدث عابر، بناء معبد، على جبل.

مادبا العراقة والتاريخ والحضارة، مادبا مدينة الفسيفساء الأولى في العالم، مدينة الحصاد المائي والبساتين الغناءه، مدينة المبدعين والمثقفين والعلماء،

مادبا مدينة السياحة والزراعة،

مادبا أمكم التي احتضنتهم بحب عظيم، فلا تجحد وها حقها، وعلى عاتقكم تقع مهمة استعادة ذاكرة تراثها وحضارتها،

اثبتوا أنكم تستحقونها بجدارة.

هل علمتم فهمتم لماذا خوفي وحيرتي في إعلان مادبا عاصمة السياحة العربية 2022؟

أدوميون مؤابيون وأنباط وغساسنة

قسم المؤابيون المغارة الكبيرة، داخل مراح سلامة، الى ثلاثة أجزاء، استخدم القسم الأول مسبح عام، والقسم الثاني معبد الإله بعل ، والقسم الثالث مصنع نبيذ.

تتوضع في المغارة طبقات فوق بعضها البعض، الأسفل الأقدم وما فوقها يكون الأحدث:

طبقة صخور رسوبية تسمى الترافرتين ، يترسب هذا الصخر فقط في بيئة المياه الحارة، وبحسب سماكة الطبقة، فأن عملية الترسب استغرقت بضع ملايين السنوات، تعلوها طبقة صوانية ، وهي صخور رسوبية كيماوية، تعلوها

طبقة جيرية كلسية، تعلوها تتابع من طبقات صوانية وجيرية

في المرحلة الأولى، حيث كانت أرضية المغارة طبقة صوانية، تم نحت الجداريات على طبقة الجير التي تعلوها ، في العصر الحديدي، ثم حفروا أرضية المغارة، طبقة صوان ومن ثم طبقة الترافرتين، بعمق أكثر من متر، وشيدوا المسبح.

أبدع المؤابيون فن النحت، على جدران المغارة الكبيرة في المراح، نحتوا جداريات:

على الجدار الشمالي نحتوا رأس آلة على شكل مثلث يحتوي منخار وأنف،

بجانبه ثلاثية: رجل كبير في العمر وامرأة وشاب، والمرأة أعلى قامة من الرجل الكبير والشاب، لماذا؟

يبدو أنه تعبير رمزي العصر الأمومي ( المترياركي)، الذي كان سائداً، قبل العصر الذكوري ( البطريركي) وكانت الأم سيدة المجتمع، فهي المنتجة في حقل الزراعة،

وكان الأولاد ينسبون إلى أمهم، كون الزواج الأحادي لم يكن معروفاً بعد، والأولاد يعرفون خالهم، ولا يعرفون عمهم،

بجانب المثلث، منحوتة البغاء المقدس،

ففي نهاية العصر الأمومي، كانت مجامعة الرجال الغرباء في البدء واجب كل امرأة، ثم غدت من نصيب الكاهنات وحدهن، ومنح بنات الطبقة العليا، امتياز ممارسة الجنس في المعبد مدة سنتين، من بعد يحق لهن الزواج،

حددت قوانين الأسر السومرية وقوانين حمورابي، العلاقات الجنسية داخل إطار الزواج الأحادي، بداية العصر البطريركي.، وهذا لا يعني، بحال من الأحوال، أن هذه القوانين تمثل بداية العصر البترياركي، بل تعني القوانيين تتوج لحالة نضج في هذا المجال، أي نضجت ظروف تشريعات الزواج الأحادي.

جسد انتصار جلجامش على عشتار، في الملحمة السومرية، انتصار الرجل على المرأة ، والانتقال من العصر الأمومي ( المترياركي ) الى العصر الأبوي ( البطريركي ) بمعنى آخر جسدت هذه الملحمة حالة انتقال سابقة تاريخياً عليها.

رافق هذا التحول من العصر الأمومي إلى العصر الأبوي، معركة ثقافية ما زال صداها قائماً الى يومنا هذا، عادات ومفاهيم وسلوكيات، تتناقلها الأجيال إلى وقتنا الحاضر، دون أن نعي ذلك،

لدينا مثل يقول " الخال مخلى والعم مولى" لماذا؟ لأن الخال كان هو المول قبل ذلك

من يخرج البنت يوم زفافها ويسلمها لعريسها، أليس الخال،

والخال هو من يحصل على لبسه تسمى "عباءة الخال" من أهل العريس،

بقايا عادات ومفاهيم العصر الأمومي.

استمرت معركة الانتقال من العصر الأمومي إلى العصر الأبوي حوالي ثمانية آلاف عام، وهو عصر الانتقال من "المشاعية " إلى الملكية الفردية، قبل ذلك الوقت كانت المشاعية هي السائدة،

المثلث هو السائد في هذه الجدارية: الرأس المثلث، وثلاثية الرجل والمرأة والشاب، وبجانبه نحت مثلث، جميع هذه الأشكال تدل على التثليث الديني، الذي انتقل إلى المسيحية تحت عنوان: الآب والإبن والروح القدس،

ومنه انتقل إلى الحروف الأرامية / العربية: ألف باء تاء جيم ....ياء. وكل تلك الأحرف تخضع لقانون التثليث، حيث كل حرف يلفظ ثلاثة أحرف: أ ل ف، ثلاثة أحرف، ب ا ء ثلاثة أحرف ج ي م ثلاثة أحرف، وهكذا دواليك.

بجانب المثلث، منحوتة البغاء المقدس،

ثم منحوتة الشعلة المقدسة،

ما شد انتباهي وأثار حيرتي، منحوتة رقيمو (والبتراء) في الجدارية، أي أن رقيمو (والبتراء ) كانت مدينة قائمة، حوالي 900 عام، قبل العصر النبطي، كون الجدارية تم نحتها من قبل المؤابيين، بداية العصر الحديدي.

وفوق منحوتة رقيمو، رأس رجل حيّ، حيث البؤبؤ في عينية يدل على ذلك،

وما أثار انتباهي وحيريتي، منحوتة رأس قط، فوق رأس الرجل،

القط رمز من رموز الفراعنة المعبود، وليس له في تراثنا أي ذكر،

فما السبب لوجوده في جدارية مؤابية؟

هذا دليل متانة علاقة المؤابيين مع الفراعنة، حيث القار الذي كان يخرج في البحر الميت يتم بيعه للفراعنة لاستعماله في التحنيط،

كما وجدت رسالة، في تل العمارنة، موجهة من أهل الزرقاء إلى الفرعون توت عنخ أمون، تطالبه انقاذهم من حصار البدو لمدينتهم، وهذا دليل آخر على عمق العلاقة بين الطرفين.

اعتمد المؤابيين في فنهم تداخل الشخوص الحيوانية والبشرية، فعلى الجدار الغربي منحوتات أشكال بشرية وحيوانية متداخلة ، حصان في حالة سباق والخيّال حيوان وليس بشر، وجوه كبيرة ووجوه صغيرة، تدل على استعمال المؤابيين أدوات حديدية دقيقة في نحت هذه الأشكال، وحيث فن الأبعاد – المسافة، فكلما ابتعدت من الجدارية تبدو لك الوجوه الكبيرة بوضوح، وحالما اقتربت منها تختفي الوجوه الكبيرة وتظهر الوجوه الصغيرة .

بجانب المثلث، منحوتة البغاء المقدس، ففي نهاية العصر الأمومي، كانت مجامعة الرجال الغرباء في البدء واجب كل امرأة، ثم غدت من نصيب الكاهنات وحدهن، ومنح بنات الطبقة العليا، امتياز ممارسة الجنس في المعبد مدة سنتين، من بعد يحق لهن الزواج،

مع قوانين الأسر السومرية وقوانين حمورابي، حددت العلاقات الجنسية داخل إطار الزواج الأحادي، بداية العصر البطريركي.

جسد انتصار جلجامش على عشتار، في الملحمة السومرية، انتصار الرجل على المرأة ، والانتقال من العصر الأمومي ( المترياركي ) إلى العصر الأبوي ( البطريركي ).

ثم منحوتة الشعلة المقدسة في الجدارية،

بقايا جدار يفصل المسبح عن معبد، لم يعرف من الذي قام بقصه، الأنباط أم الغساسنة،

يتبع

المصدر: موقع إضاءات الإخباري