إيهاب شوقي لإضاءآت /  سورية تقع ضحية للصراعين الدولي والإقليمي بسبب مواقفها وتمسكها بالثوابت وخيار المقاومة
منوعات
إيهاب شوقي لإضاءآت / سورية تقع ضحية للصراعين الدولي والإقليمي بسبب مواقفها وتمسكها بالثوابت وخيار المقاومة
29 آب 2022 , 15:09 م

 .

             حوار مع الكاتب والباحث السياسي

                   الأستاذ إيهاب شوقي 

أجرى الحوار  /  حسين المير


إعداد وإشراف /  الأستاذة ربى يوسف شاهين


موقع إضاءآت   ..  بيروت 

في البداية يسعدنا ويشرفنا إستضافة الأستاذ إيهاب شوقي من جمهورية مصر العربية الشقيقة في موقع

إضاءآت ..   بيروت   وأهلاً وسهلاً  بحضرتكم  .

متغيرات سياسية كثيرة شهدتها الساحة العربية بشكل عام إن كان سياسيا أم عسكريا وخاصة لجهة التصعيد السياسي والعسكري بالنسبة للملف السوري وعموم المنطقة وباعتبار أن الحروب السياسية غالبا ما تسبق العسكرية ومع التطورات التي يشهدها الشمال الشرقي والغربي عموما وخاصة المناطق التي تتمركز فيها الجماعات الإرهابية نلاحظ محاولة تكثيف الاعتداءات على المناطق التي فيها تماس مع الجيش العربي السوري من قبل الجماعات الإرهابية التابعة للعدو التركي وأولها وليس أخرها اعتداءاته على محطة علوك بريف الحسكة وحرمان الشعب السوري من الحياة

أستاذ إيهاب سؤالي الأول لحضرتك  ..

برأيكم هل سقطت بنود منصة أستانا وسوتشي من حسابات النظام التركي وتم نسف الحل السياسي الذي رعته روسيا وإيران ؟؟

أجاب الأستاذ إيهاب  ..

دعنا نقول في البداية، أن تركيا بتصدرها لواجهة الجماعات الإرهابية وتفاوضها باسمهم في سوتشي هو اعتراف مبدئي تركي بتصدر المشروع الإرهابي في سورية والعمل كوكيل لدى المشروع الأمريكي الصهيوني لإسقاط الدولة السورية بنسقها المقاوم وتحويلها لنسق آخر، إما متصارع على النسق الأفغاني، أو مهادن على نسق الأنظمة العربية التي تقيم علاقات وثيقة مع العدو الإسرائيلي.

وبالتالي فإن الدور التركي قائم طالما كان هذا المشروع قائما، وكل الاتفاقيات والتفاهمات، يجب وضعها في إطار التهدئة والمناورة ويجب أن توضع تحت عنوان الهدنة لا عنوان التسوية.

ولو راقبنا بنود اتفاقية استانا، فإننا سنجدها بنودا لخفض التصعيد الميداني وليست معاهدات سياسية، وبالتالي هي رهينة الأوضاع الدولية والإقليمية العسكرية بالأساس، وهذا التصعيد ينخفض ويرتفع وفقا لتوازنات القوى بالميدان، وربما ترى تركيا انشغال روسيا بمعركتها العسكرية في أوكرانيا، فرصة سانحة لفتح جبهة سوريا، رهانا على توجيه المجهود الحربي للساحة الأوربية والتأثيرات السلبية لغلق المضائق والأجواء على سلاسة وحجم الإمدادات الروسية للجبهة السورية.

ما نراه انه استمرار للدور التركي المناهض لمحور المقاومة وروسيا رغم حرص تركيا على الحفاظ على سقف للتصعيد لايؤدي للقطيعة مع الروس والإيرانيين بسبب تداعيات ذلك الخطيرة على تركيا، ولكن ربما لا تستطيع تركيا الحفاظ على هذه الشعرة بعد وصول التصعيد الدولي بين روسيا وامريكا الى مستويات خطيرة واشتراك تركيا العلني مع أمريكا في تسليح أوكرانيا وطلعات تركيا التجسسية فوق القرم بمشاركة الناتو، وهو ما ينقل العلاقات الروسية التركية تدريجيا إلى مرحلة الصراع.

أستاذ إيهاب  سؤالي التالي  ..

على ما يبدو انه تم الإذعان للأطراف المسببة في الحرب الإرهابية على سوريا لتحديد ساعة الحراك العسكري فنجد تحرك أمريكي للضغط السياسي على سوريا بالنسبة لموضوع اختطاف او اعتقال مواطنين لها ومن جهة اخرى تدعم ميليشيا قسد وتساند التركي في النهب والسرقة للثروات السورية في الشمال الشرقي  .

لماذا هذا التصعيد السياسي والعسكري على جميع الجبهات من قبل أعداء سوريا ؟؟

أجاب الأستاذ إيهاب  ...

لا نستطيع الجواب على هذا السؤال بمعزل عن قراءة الوضع الدولي والإقليمي  الراهن ومحددات جميع الأطراف، ولا شك ان سوريا تقع ضحية للصراعين الدولي والإقليمي بسبب مواقفها وانحيازاتها وتمسكها بالثوابت وبخيار المقاومة.

فقد اعترفت أمريكا عبر خبرائها الاستراتيجيين وعدد من مسؤوليها وربما في تصريحاتها الرسمية العلنية، بأن هدفها الرئيسي حاليا وأولويتها المتقدمة هي هزيمة الرئيس بوتين وقطع الطريق على روسيا لتشكل قطبية متعددة في النظام العالمي.

وبالتالي فإن تحركات أمريكا يجب قراءتها ورصدها من هذا المنظور، وعلى مستويين، أولهما الشواهد والقرائن، وثانيهما المعلومات.

وعلى مستوى الشواهد، فإن المراقب يجد أن أمريكا تسعى لإشعال جميع الجبهات حول روسيا، فهي تؤجج الصراع في أوكرانيا عبر إطالة أمد المعركة واستنزاف روسيا، وتسعى لفتح جبهات في المحيط الروسي بين صربيا وكوسوفو، وهناك رصد لحشود أفغانية على حدود كازاخستان، وتعد سوريا جبهة مباشرة بين أمريكا ووكلائها وبين روسيا في إطار الصراع على خطوط الطاقة والتمركز في شرق المتوسط.

وعلى مستوى المعلومات، فقد كشف رئيس المخابرات العسكرية الروسية أن أمريكا تسعى لتحويل سوريا ساحة مواجهات إيرانية إسرائيلية، كما تدعم المنظمات التكفيرية لاقتحام مناطق سيطرة الدولة السورية.

ومن جهة أخرى إقليمية، فإن المعسكر الصهيو أمريكي، يجد في سوريا حجر العثرة حول تمدده وتحقيق نظرية الطوق الآمن، ويشكل احتضان سوريا للمقاومة انكشافا استراتيجيا للعدو الإسرائيلي، وبالتالي فإن رأس النظام وكذلك الجيش العربي السوري، هي أهداف على لوحة التنشين الأمريكية والإسرائيلية، وهو ما نراه من حرب شاملة، سواء بالاستهداف الدوري الصهيوني والعدوان المتكرر، أو عبر الأذرع الإرهابية، أو عبر الحصار الاقتصادي.

وكلما ازداد التصعيد الدولي والإقليمي حدة، فلابد أن نتوقع زيادة حدة الاستهداف لسوريا.

استاذ إيهاب سؤالي لحضرتك  ..

لبنان العائم على بحر من المشاكل الاقتصادية والسياسية لايزال يشكل مانعا كبيرا للغرب وللكيان الصهيوني بوجود محور المقاومة خاصة ومع المحاولات المتكررة للسفارة الأمريكية للتدخل في تفاصيل العديد من الملفات اللبنانية وتحديدا موضوع ترسيم الحدود البحرية

هل معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي يؤكد عليها السيد حسن نصر الله ستأتي ثمارها خاصة مع الانقسامات السياسية للحكومة اللبنانية؟

هل تجرؤ إسرائيل على خوض معركة مع حزب الله وقد سمعنا عبر وسائل الإعلام عن تحضيرات لذلك ؟؟

أجاب الأستاذ إيهاب  .

المقاومة في لبنان تحارب على عدة مستويات، أبرزها حربها الممتدة مع العدو الصهيوني، والمفهوم ضمنيا أنها في هدنة مؤقتة، واندلاعها هو مسألة وقت، وكذلك الحرب الاقتصادية على لبنان لتأليب الشعب على المقاومة عبر تصدير قناعة أن الحصار هو عقاب احتضان المقاومة وأن الانفراجة هي جائزة التطبيع، وكذلك تحارب المقاومة في جبهة الدعايات والتشويه والفتن والاستفزازات ومحاولات الجر لحرب أهلية على أمل استنزافها داخليا.

ولا شك أن معادلة الجيش والشعب والمقاومة هي المعادلة المثالية التي تستطيع الصمود في وجه جميع هذه المستويات من الحرب وتنويعاتها المختلفة وهو ما يجعل المقاومة والسيد نصر الله دوما في غاية الحرص والتأكيد عليها باعتبارها سلاحا رئيسيا ومتعدد الفوهات في إطار الصراع مع العدو.

ورغم الانقسامات السياسية والتي ترعاها وتغذيها أمريكا، فإن هناك فشلا في خرق هذه المعادلة، ويعود الفضل في نجاح استمرارها للمقاومة حصرا، بعد استيعابها وتحملها وصبرها على العديد من الاستفزازات من كافة الأطراف.

أما بخصوص قضية الترسيم ونذر التصعيد مع المقاومة، فينبغي هنا إيضاح حقيقة القضية، لأن بها العديد من الالتباسات والتي تنعكس على كثير من التحليلات، وهو ما نرى أن من الواجب توضيحه بدقة شديدة:

مسألة الحدود وترسيمها لا تخص المقاومة، حيث لا تعترف المقاومة بحدود مع الكيان لأنها لا تعترف من الأساس بالكيان الإسرائيلي، وتعتبر حدود لبنان هي حدود مع فلسطين المحتلة.

ورغم أن المقاومة لا تعترف بالعدو، وأن لبنان رسميا لايقيم علاقات مع العدو وبالتالي يتفاوض عبر وسيط أمريكي، ألا أن المقاومة أوكلت التفاهمات بشأن الحدود للدولة اللبنانية كنوع من الاحترام للدولة ونوع من إتاحة الفرصة بشكل عملي للتنقيب عن ثروات لبنان باعتبارها الفرصة الأخيرة والوحيدة المتاحة للخروج من شبح الانهيار الاقتصادي.

وبالتالي فإن حل قضية الترسيم نظريا دون حل عملي برفع الحصار والفيتو الأمريكي على شركات التنقيب لن يحل القضية، أي أن المقاومة حددت مهلة ولا تنتظر جوابا بشأن الترسيم بل جوابا برفع الحصار والبدء في إجراءات عملية للتنقيب عن الثروات اللبنانية، وإلا سيتم تنفيذ وعد المقاومة بمنع التنقيب في الحقول التي يغتصبها العدو الإسرائيلي في كاريش "وما بعد بعد كاريش"، كما توعدت المقاومة.

هنا نجد أن المبادرة كانت للمقاومة والكرة في الملعب الصهيوني والأمريكي، وهناك معضلة كبرى لدى العدو، ملخصها أنها لا تستطيع القبول بتداعيات الرضوخ للمقاومة وتبعاته استراتيجيا على كافة الملفات بالصراع، كما تخشى نشوب حرب لا تعلم مدى توسعها وانزلاقاتها، وربما هذا هو سبب تعطيل الرد والارتباك الصهيوني الذي تفضحه التقارير المتضاربة في وسائل الإعلام الصهيونية.

ولا نستطيع هنا ترجيح خيار بعينه إلا أننا نثق أن المواجهة لو اندلعت فلن تكون وفقا للمزاج الاستراتيجي للعدو الذي يفضل "أيام قتالية" أو معركة بين الحروب، بل ستكون مواجهة كبرى وحرب شاملة.

أستاذ إيهاب سؤالي التالي  ...

الاعتداءات الإسرائيلية لم تنقطع عن سوريا بل زادت وتيرتها في الفترة الاخيرة مع انشغال روسيا بعمليتها العسكرية مع أوكرانيا؟

برأيكم لماذا هذا الصمت الدولي عن جرائم الاحتلال وما هو الحل برأيكم لردع الكيان الصهيوني عن انتهاكاته المستمرة للاراضي السورية ؟؟

أجاب الأستاذ إيهاب  ..

لا رهان ولا تعويل على المواقف الدولية، بل والأكثر أنه لا تعويل على القانون الدولي نفسه، حيث انتهكت أمريكا و"اسرائيل" هذا القانون مرارا وتكرارا وهو ما أفقده هيبته وفاعليته في درء مخاطر الوصول للفوضى الدولية وتحكم شريعة الغاب.

ورغم أن سوريا ودول محور المقاومة تعمل في إطار الشرعية الدولية، إلا أنها تعمل بقناعة صاغها الزعيم المصري جمال عبد الناصر عقب حرب حزيران في العام 1967، عندما قال "إننا نعمل في السياسة ولا ينبغي أن تغيب عنا الحقيقة، وهي أنه ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة".

والحل بالتالي هو الصمود والتمسك بخيار المقاومة، وإكمال الاستعدادات لمعركة كبرى وفاصلة مع العدو، والسعي السياسي والعسكري لتثبت قواعد اشتباك ومعادلات ردع في هذه المرحلة التي تسبق المواجهة المنتظرة.

وهناك ظاهرة جديدة أقدم عليها العدو الصهيوني في الأسابيع الأخيرة، وهي كسر التفاهمات الاسرائيلية الروسية بخصوص قواعد الاشتباك، حيث يقوم العدو باستفزازات وتحديات للوجود الروسي في سوريا وليس للوجود الايراني فقط، وهي ظاهرة بمثابة لعب بالنار قد توسع من دائرة النيران وتدخل القوى الكبرى في دائرة الاشتباك.

وهناك بروز لملامح التنسيق العلني بين أمريكا وتركيا و"اسرائيل" في الفترة الأخيرة عبر محاولات لتشتيت تركيز وتمركزات الجيش العربي السوري في جبهات مختلفة، وتنويع في العدوان وتوزيع للأدوار بينهم، وهو ما يستدعي مزيدا من التنسيق الروسي الإيراني السوري، وربما الإقدام على وسائل رادعة لم تستخدم من قبل.

استاذ إيهاب سؤالي لحضرتك  ..

لاتنفك القوات الأمريكية عن تزويد ميليشيا قسد بالمعدات والدعم اللوجستي والعسكري وتجعل لها قاعدة في اكبر حقل للنفط في سوريا في الشمال الشرقي (حقل العمر) والذي تتخذه طريقا لها عبرالحدود السورية العراقية لسرقة النفط السوري

كيف تقرؤون الرد الأمريكي بالنسبة لتعرض قاعدتها في حقل العمر السوري  لهجوم بالطائرات المسيرة  ؟؟

أجاب الأستاذ إيهاب  ..

عندما يأتي الرد الأمريكي وسط إعلان بأنه بأمر مباشر من الرئيس بايدن، فهو مؤشر على التصعيد ودلالة على أهمية القاعدة استراتيجيا لأمريكا وهو ما يجب توضيح عدة نقاط به:

تاريخ السيطرة على حقل العمر وهو أكبر الحقول النفطية السورية، يفضح أدوات أمريكا وممارساتها، وتوزيع الأدوار بين أدواتها، حيث بدأت السيطرة على الحقل عبر ما يسمى "الجيش الحر"، ثم انتقلت السيطرة إلى "داعش"، ثم انتقلت عبر ما يسمى "التحالف الدولي" إلى ما تسمى "قسد"، وبالتالي استخدمت أمريكا أدواتها تدريجيا للسيطرة والنهب لثروات الشعب السوري.

كما أن التواجد هنا لا يقتصر على النهب، ولكن التواجد في شرق الفرات هو تواجد استراتيجي لقطع تواصل محور المقاومة عبر المحور الاستراتيجي الواصل من إيران والعراق إلى سوريا، وهو ما تحرص أمريكا عليه بالتواجد في التنف وشرق الفرات.

وما نراه هنا أننا نلمح ولادة لمقاومة للاحتلال الأمريكي، وهو تطور استراتيجي لافت، ينبغي تعميقه وتطويره وخلق كلفة مادية وبشرية للاحتلال، وخاصة وأن هذه القواعد تشكل تمركزا هجوميا أمريكيا سيشارك في العدوان عند نشوب أي مواجهات كبرى.

أستاذ إيهاب سؤالي التالي  ..

على الرغم من تاكيد الحكومة الروسية يوميا على انها ماتزال تتابع الملف السوري وان عمليتها العسكرية في أوكرانيا لن تثنيها عن مواصلة ايجاد حلول للملف السوري إلا أن ما يحدث على الأرض يفتح المجال للبعض بأن يستغل ما يجري لصالحه

انتم في مصر كيف تقرؤون المشهد السوري خلال الإحدى عشرة  سنة من الحرب الإرهابية وخاصة مع الاعتداءات الأخيرة للعدو الاسرائيلي على منطقتي طرطوس ومصياف ؟؟

أجاب الأستاذ إيهاب  ..

روسيا بلا شك هي صديق وحليف موثوق، ولا نرى مصلحة للتشكيك في دورها، ولا شك أن روسيا فصلت بعض الملفات بإعلان تعاونها مع سوريا في مجال مكافحة الإرهاب ، وجنبت ملف الصراع مع العدو الصهيوني، وهو ما يوفر الأرضية للهجوم على الدور الروسي بسبب الانتهاكات الاسرائيلية والموقف السلبي الروسي من ردعها.

لكن هنا ينبغي للإنصاف أن نعلم أن هناك تنسيقا عسكريا كبيرا وتحالفا استراتيجيا عميقا بين روسيا وسوريا، وأن هناك أيضا دعما سياسيا إلى جانب الدعم العسكري، وربما ينحصر الانتقاد في عدم تفعيل أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة مثل نظام اس 300 والذي يمكن أن يردع العدو.

ربما هنا الأمر بحاجة الى مناقشة وإعادة للنظر في المقاربة الروسية، حيث حرصت روسيا على بعض التوازنات مع العدو الإسرائيلي، باعتباره واجهة للولايات المتحدة، وباعتبار أن الصراع قابل للتوسع ليصبح دوليا إذا ما حدث كسر للتوازن الإقليمي بمشاركة روسية.

ولكن ومع تصاعد الصراع الدولي والتوتر الفعلي بين روسيا و"اسرائيل" والذي يقتصر حتى الآن على الجانب السياسي مثل التراشق بالتصريحات وتجميد عمل الوكالة اليهودية، وكذلك خرق بعض الخطوط الحمراء مثل انكشاف مساعدات صهيونية لأوكرانيا واحتكاكات فعلية بين روسيا وأمريكا في القرم، فإن الأمور قابلة لتصعيد مستوى التعاون وتعديل المقاربة الروسية لتصل إلى معادلة ردع تشارك بها روسيا.

وربما شهدنا مؤشرات لذلك مثل الطلعات الجوية المشتركة والتقارير التي تفيد بنقل منظومات بانتسير اس وإعادة تمركزها، وهي ملامح ربما تفيد بأن التعاون الروسي لن يقتصر على ردع العدو الاسرائيلي فقط، بل ربما يصل للمواجهة مع أمريكا.

وفي مصر هناك قراءات متباينة زمنيا وأيضا على مستوى النخب والقطاعات الشعبية، ففي بداية الحرب الكونية على سوريا، اختلطت الأمور على النخب والقطاعات الشعبية بسبب التزامن بين الثورات وحملة الدعايات التي افتتحت بها الحرب.

ومع تطور الأحداث وانكشاف مؤامرة "الربيع العربي"، اعترفت أغلبية النخب السياسية بخطأ التقدير وسارعت في تعديل مواقفها، بينما تم حسم الأمر شعبيا تماما بأنها مؤامرة، باستثناء القطاعات المنتمية لتنظيم الأخوان والتنظيمات السلفية الوهابية، وبعض الليبراليين والتي تتنوع تصنيفاتهم بين العملاء والممولين، وبين المستقلين ولكنهم متشربين بالثقافة الأمريكية ووهم الديمقراطية الغربية.

وبخصوص العدوان الصهيوني المتكرر على سوريا، فهو محل غضب شعبي مصري وبمثابة عدوان على مصر، إلا أن الكثير من المصريين منشغلين عن المتابعة المعمقة بسبب الوضع الاقتصادي وبالتالي تسود قناعة لديهم بأن هناك تقصيرا من الجانب السوري بعدم الرد على العدو !

أستاذ إيهاب سؤالي الأخير لحضرتك  ..

منذ العقود الماضية وسوريا ومصر تتمتعان بعلاقات قوية ومميزة  وتنسيق مستمر حول كل القضايا العربية

وخصوصاً القضية الأساس قضية فلسطين  .

ومنذ إندلاع الأزمة في سوريا وبداية العدوان عليها انقطعت العلاقات السياسية بين البلدين وتحجمت  .

وبعد الإنفتاح العربي الجديد على سوريا من خلال إعادة العلاقات مع الإمارات والبحرين والكويت والاردن، ما الذي يمنع مصر من إعادة العلاقات مع سوريا بالكامل وتواصل ولقاء بين الرئيس الأسد والسيسي  ؟؟

أجاب الأستاذ إيهاب   ..

قضايا الأمن القومي لا تتجزأ رغم تغير الأنظمة وتوجهاتها، وبالتالي، فإن العلاقة المصرية السورية هي مسألة أمن قومي، لا يستطيع نظام مصري أو سوري إغفالها، ورغم المؤامرات التي قضت على الوحدة المصرية السورية والتي كانت أعظم مشروع وحدوي وأخطره على الاستعمار والعدو الإسرائيلي والرجعية العربية، إلا أن هناك تنسيق مصري سوري دائم حتى بعد جريمة قطع العلاقات التي ارتكبها النظام الإخواني في مصر.

وقد يرجع بعض المحللين عدم عودة العلاقات المصرية السورية رغم تغير النظام ووصول نظام معادي للنظام الإخواني الذي قطع العلاقات، إلى فيتو سعودي، باعتبار ارتهان النظام في مصر إلى السعودية في كثير من القضايا.

ولكننا نرى أن الأمر لا يعود إلى الفيتو السعودي وإن كانت السعودية ترفض ذلك بالفعل، ولكنه يعود إلى فيتو أمريكي إسرائيلي بالأساس، لعلم أمريكا وإسرائيل بخظورة العلاقات المصرية السورية على المشروع الصهيو أمريكي، ولعل أمريكا التي رعت مشروع "الربيع العربي" لم تخرج بأي مكسب استراتيجي من هذا المشروع بسبب صمود محور المقاومة، سوى هذه القطيعة الرسمية بين مصر وسوريا، وربما تشدد الضغوط على مصر وتضع عودة العلاقات بمثابة خط أحمر باعتبار القطيعة مكسبا استراتيجيا وحيدا خرجت به أمريكا من مغامرتها بالمنطقة.

ما نراه أن أدوار دول التطبيع كالامارات والبحرين وإعادتها للعلاقات مع سوريا هي مناورات للاحتواء وأوهام لدى هذه الدول بأنهم باستطاعتهم سحب روسيا بعيدا عن محور المقاومة واستخدام الترغيب بعد فشل الترهيب، لكننا نثق بحنكة سوريا وقيادتها وثباتها.

ونرى أن علاقات مصر بسوريا راسخة وفي طريقها للعودة إن لم تكن تحت وطأة السياسة فستكون تحت وظأة المعركة المشتركة.

في نهاية هذا الحوار المميز والقراءة الموضوعية والمعلومات المهمة التي حصلنا عليها  .

جزيل الشكر والتقدير للكاتب والباحث السياسي  الاستاذ إيهاب شوقي .

كان لنا شرف اللقاء وأهلاً وسهلاً بحضرتك دائماً .

والشكر موصول للأستاذ شاكر زلوم  .

موقع إضاءآت  ..  بيروت 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري