كتب الأستاذ حليم خاتون..
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون.. "الإرهاب والكباب".
26 أيلول 2022 , 10:31 ص


ما يربط الإرهاب بالكباب في

فيلم عادل إمام ويسرى، هو تماما مثل من يربط خلع الحجاب في إيران مع إسقاط النظام...

عادل إمام في الفيلم، موظف رسمي ذهب لنقل تسجيل أولاده من مدرسة إلى مدرسة أخرى بحكم السكن، فانتهى به الأمر إلى تصوير مدى انتشار الفساد والبيروقراطية من أعلى هرم السلطة في مصر إلى أقل مجند أو فلاح أو مواطن، أي مواطن، مرورا بالمرأة اللعوب يسرى التي تتواجد في مجمع الإدارات في ميدان التحرير في القاهرة بتهمة ممارسة الدعارة في مجتمع أكثر عهرا من هذه التهمة الباطلة...

يصادف وجود المجمع في نفس الميدان مع مجمع جامعة الدول العربية التي تنتمي إلى عصر آخر، لا علاقة له، لا بالتحرير، ولا بالأرض التي يتواجد عليها ذلك المركز...

وحده الكباب، يجمع كل القضايا، ويقوم بجمع أهم هذه القضايا مع أكثرها سخافة في قالب ساخر هو صورة فعلية عن عالم عربي خاضع لنظام التجويع من أجل التركيع...

هل وصل الغباء مع الأميركيين درجة اختراع المستحيل لزعزعة الاستقرار في الجمهورية الإسلامية؟

هل يصدق أحد أن تجربة الثورات الملونة التي نجحت في أوكرانيا، واستطاعت تخريب المنطقة في بلادنا عبر ربيع عربي مزيف، تستطيع النجاح فعلاً في إيران؟

من يتابع ما تقوله وسائل الإعلام الألمانية عن مقتل تلك المرأة بسبب مسألة الحجاب لا يمكن أن يصدق أن الأمر مجرد سذاجة...

الحديث عن حرق نسخ من القرآن الكريم أثناء الاحتجاجات لا يمكن أن يكون صحيحا لأن هكذا عمل لا يمكن أن يرتكبه سوى مجنون أو أحمق...

إذا، لماذا تم نشر هذه "التخريفة"؟

أكيد أن الغرب الذي اصطدم بمدى عزم وقوة النظام في إيران لا يمكن أن يصدق أن أحدا ما في تلك الجمهورية يمكن أن يقوم بهكذا عمل شنيع...

إذا، لماذا ينشرون هذه الأخبار؟

هناك على الأقل سببان ظاهران حتى الآن:

الأول ظهور إحصاءات تقول بأن الدين الإسلامي هو الدين الاكثر نموا في العصر الحديث في كل الدول تقريبا، بما في ذلك الدول الغربية وروسيا، ليس فقط بالولادات والهجرة، بل أيضاً عبر انتشار الثقافة الإسلامية رغم كل الحروب الإعلامية التي تشن ضد هذا الدين، ورغم الشناعات التي ترتكبها الجماعات التكفيرية الآتية من أصول إخوانية، والتي يتم دوما ربطها بالإسلام والمسلمين، ورغم أن الكثير من المسلمين لا يمثلون الأخلاق الإسلامية الصحيحة لا في بلادهم، ولا في المغتربات...

نشر خبر إحراق نسخ من القرآن في أحد أكثر بلاد المسلمين قوة وارتباطا بهذا الدين قد يرسل رسائل تشويه عن هذا الدين حيث فشلت كل المحاولات الأكاديمية عن ذلك، حتى أثناء الحكم السوفياتي الموسوم بالإلحاد، حيث نشرت دراسة في أواخر الثمانينيات في المجلة الثقافية "كولتورنايا غازييتا" وصفت فيه هذا الدين بأنه لا يزال بعد ١٤٠٠ سنة دينا فتيا يساهم في تطور المجتمعات، بينما الفكرة الشيوعية كانت أن "الدين أفيون الشعوب" يخدر هذه الشعوب ويمنعها من التفكير في التطور كما يفعل السلفيون الذين تجمدت عقولهم في حقبات معينة، ويرفضون مبدأ الاجتهاد والتنوير ومواكبة العصر والعلوم...

السبب الثاني وراء تلفيق خبر الإحراق هذا، هو أن الغرب الذي يتحدث كثيرا عن الحريات الشخصية، وحرية المعتقد يقوم بممارسة أبشع أنواع القمع عبر منع حرية ارتداء الحجاب...

الغرب الذي لا يمنع على المثليين رسم وشم أو ارتداء الوان قوس قزح التي تعبر عن فكر تشجيع المثلية، يمنع الحجاب عند المسلمين ويمنع حمل الصليب بشكل ظاهر عند المسيحيين، رغم أن ارتداء القلنسوة اليهودية أو جدائل الشعر في العلن غير ممنوع...

أثناء الجدال مع أحدهم في هذه المسألة، سألته لماذا إدانة إلزامية الحجاب في إيران وعدم إدانة إلزامية نزعه في أوروبا؟

ربما لم نصل إلى تفاهم على أن الأمران متشابهان في الإلزام رغم التأكيد أن عندنا مثل في لبنان يقول:

"كول على ذوقك، والبوس على ذوق الناس"...

عندما تعيش في مجتمع عليك مراعاته في اللبس...

الحشمة ليست عيبا...

صحيح أن الدخول الى الكنائس في الغرب لا يلزم المرأة ارتداء الحجاب، لكن الامر مختلف تماما في روسيا مثلاً، حيث يتوجب على النساء غطاء للرأس ويمنع على الرجال الدخول بسراويل قصيرة...

عندما طلبوا من الفتيات في المدرسة هنا في ألمانيا إخبارهم إذا ما أراد الأهل إجبارهم على ارتداء الحجاب، قلت لابنتي أن تجيب إن الحجاب هو ما كانت العذراء مريم ترتديه، وإن حجاب الراهبات يشبه حجاب الفتيات المسلمات ويعبر عن معتقد شخصي على القانون حمايته، وإن صوت أجراس الكنائس والتراتيل الدينية التي تعشقها الاذن هي كما صوت الأذان وتلاوة القرآن التي تبعث الهدوء والطمأنينة في القلوب...

لكن فجأة تذكرت أن في أوطاننا هناك من المختلين عقلياً من لا يقل عصبية وعنصرية عن هؤلاء الأوروبيين تجاه الأديان رغم أن بلادنا هي مهد هذه الأديان السماوية العظيمة التي حملت على البشرية أهم ما يتجاهله الكثيرون... الأخلاق الحميدة...

حليم خاتون

المصدر: موقع إضاءات الإخباري