كتب الأستاذ حليم خاتون:
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: "بدنا نعيش.. نصف انتصار. نصف هزيمة"
2 تشرين الأول 2022 , 14:21 م

"بدنا نعيش.. نصف انتصار. نصف هزيمة"

"بدنا نمشي جنب الحيط ونقول يا رب السترة" هو الجانب الآخر الخفي لشعار "بدنا نعيش"...

يجب الإعتراف.

نجح الغرب في بث الروح في من لا روح عندهم...

جماعة بدنا نعيش موجودون في كل مكان، بما في ذلك في إيران... انظروا إليهم يخربون بلدهم الذي وصل إلى مصاف الدول المتقدمة...

هكذا دمر جماعة بدنا نعيش عظمة مصر وحولوها إلى جمهورية موز...

بعد نجاح الغرب، وأميركا وريثة الثعلب البريطاني القذر؛ بعد نجاح هذا الغرب، ومنذ أواخر القرن التاسع عشر في اختراق الزعامات الوطنية، وفي اختراق الجيوش، وحتى في اختراق الشعوب، زادت صعوبات حركات التحرر الى ما بات الخبراء يطلقون عليه اسم حروب الجيل الرابع أو الخامس، أو الحروب بالوكالة...

في كل مرة تتلقى الإمبريالية الأميركية صفعة، تخرج مراكز الدراسات عندها تعطيها خططا جديدة لاستيعاب الصفعة وكسب الأرض من جديد...

أكبر صفعة تلقتها الإمبريالية الأمريكية في كل حروبها ضد حركات التحرر الوطني حصلت في فيتنام...

من يمكن أن ينسى هروب الأميركيين وكبار العملاء من فيتنام الجنوبية بعد دخول الفيتكونغ إلى العاصمة سايغون، واندفاع جماعات بدنا نعيش الفيتنامية إلى السفارة الأميركية التي كانت تقوم بإجلاء آخر جنود المارينز مع طاقم السفارة وكبار العملاء من على سطح هذه السفارة بطائرات الهليكوبتر...

اين هي فيتنام اليوم...

بفضل مراكز التخطيط من جهة، وبفضل النزعة الاستعمارية لدى جزء من القيادة الصينية في تلك الأيام التي طمعت بمناطق النفط في فيتنام، وقعت هذه الدولة التي مرغت أنف اميركا بالوحل، بعد أن كانت مرغت في نفس الوحل أنف فرنسا في معركة "دان بيان فو" الشهيرة؛ عادت هذه الدولة العظيمة لتقع بين مخالب الوحش الأميركي القذر من جديد... وصار لدى اميركا شيوعيوها...

تذكروا الجزائر العظيمة، جزائر أحمد بن بيلا؛ جزائر خصمه، هواري بو مدين الذي كان يسكن بيتا متواضعا قرب ثكنات جنوده والضباط، يأكل مما يأكلون، ويعيش حياة متواضعة في سبيل بناء جزائر عظيمة... هي نفس تلك الجزائر التي استطاع الغرب اختراق الجماعات الاسلامية فيها من ورثة الإخوان المسلمين وخلق ما يشبه داعش والنصرة، حتى وصلنا الى عهد عبد العزيز بوتفليقة وقد ضاع حلم ثورة المليون ونصف مليون شهيد...

ألا يشبه هذا تدافع القيادات الفلسطينية إلى أوسلو قبل اليوم، وصولاً إلى آخر فضائح السلطة الفلسطينية التي تتخلى كل يوم أكثر من اليوم الذي قبله حتى نسي جماعة بدنا نعيش من الفلسطينيين أن وطنهم ليس تحت الإحتلال كما يروج بعض البسطاء، بل هو تحت الاستعمار الاستيطاني الذي سوف ينتهي الى تهويد كل الأرض عاجلا ام آجلا بفضل موت الروح النضالية عندهم...

ألا يشبه هذا تكدس عملاء جيش لحد وسعد حداد من كل الطوائف بلا استثناء على أبواب الجدار الذي زعمت إسرائيل يوما أنه طيب...

الكل يريد الهرب بعد الفظائع التي ارتكبها هؤلاء العملاء خدمة للسيد الصهيوني الذي "لا يقهر"...

احتفالات التحرير سنة ٢٠٠٠... احتفالات الانتصار سنة ٢٠٠٦... تمت محاصرة هذه الأيام المجيدة في ٥ أيار ٢٠٠٨...

وعندما ردت المقاومة في السابع من أيار ونظفت لبنان من العملاء والعمالة... انتقل التركيز على السلاح الذي استعمل في الداخل وإلى نغمة فقدان المقاومة لما يسمى زورا بالإجماع الوطني وكأن جماعة جعجع أو الجميل كانوا يساندون ظهر المقاومة وليس طعنها...

كل هؤلاء الذين يتهمون المقاومة باستعمال سلاحها في الداخل هم من الاساس ضد المقاومة...

هؤلاء هم جماعة بدنا نعيش من اللبنانيين...

بفضل جزء كبير من اللبنانيين التابعين لأميركا والذين يتراوحون بين العمالة الذاتية والعمالة الموضوعية للامبريالية، اخترقت اميركا مجتمع المقاومة بعد أن كانت اخترقت المجتمعات اللبنانية الأخرى... انتشر جماعة بدنا نعيش في كل المجتمعات اللبنانية بما في ذلك مجتمع المقاومة...

نجح الاميركيون في حصارنا وتجويعنا بعد أن استطاعوا زرع الفساد داخل كل الطوائف...

أوصلونا إلى حافة الهاوية وهم لا يزالون يدفعون بنا والهدف ماذا؟

الهدف... أن يضغط جماعة بدنا نعيش على قيادة المقاومة بكل الطرق المباشرة وغير المباشرة والقول أن لبنان ينهار ويجب أن يقبل بجزء من الحقوق في قضية الترسيم...

ألم تكن هذه نظرية بورقيبة سنة ٤٨...؟... القبول بالقليل، كي لا نخسر كل شيء...

ألم تكن هذه نظرية السادات عندما وقع كامب ديفيد...؟

التخلي عن الكثير مقابل القليل...

ألم تنشر جماعة بدنا نعيش في كل قطر عربي أكاذيب أننا قدمنا الكثير لفلسطين... خلص... وكفى المؤمنين شر القتال...

قد لا يكون المرء خبير خطوط في هذا الترسيم... لكن فقط الغبي لا يرى ما يجري من دفع لبنان الى القبول بأقل من القليل في الحقوق... وآخر هذا يجري في خط وهمي ازرق يجري رسمه في البحر باسم خط الطفافات...

أمس خرج السيد نصرالله يبشر الناس بحصول لبنان على هذا الجزء من الحقوق...

فرح جزء كبير من اللبنانيين بقرب الفرج بعد أن سرقت السلطة التابعة لاميركا حاضر البلد ومستقبله...

لكن الكثيرون حزنوا...

حزن من يعرف أن لبنان تنازل...

حزن كل من يعرف أن المقاومة قبلت بإعطاء تفويض لسلطة لا تستحق أي ثقة...

حزن من يعرف أن حل مشكلة السرقة والفساد في لبنان يجب أن لا تمر عبر أنابيب غاز شرق المتوسط، بل عبر نصب المشانق وملء السجون ومصادرة ما نهب...

لا ينكر أي كان فضل حزب الله في الوصول إلى تجاوز الهزيمة الكاملة التي كنا نعيش فيها، ولا إلى ضياع كل الحقوق التي كنا نعاني منها قبل أن يتدخل الحزب ويفرض تغيير الأمور باتجاه على الأقل جزء من هذه الحقوق...

من يخرج في لبنان ليصف ما حصلنا عليه أمس من هوكشتاين على أنه انتصار... هو واهم...

لا يقلل هذا الأمر من عظمة المقاومة... لكن تسمية ما حصل على أنه انتصار واسترجاع للحقوق هو مغالطة تضعنا على طريق نصف انتصار ونصف هزيمة...

مشكلتنا ليست مع جماعة بدنا نعيش من خارج مجتمع المقاومة... هؤلاء هم من يدفع لبنان الى خسارة الكثير من حقوقه...

مشكلتنا هي مع جماعة بدنا نعيش داخل مجتمع المقاومة...

هؤلاء يدفعون القيادة إلى القبول بأقل مما يجب أن تقبل به...

عندما لا يرى القائد شعبا مقاتلا، يضطر إلى التنازل ومحاولة الحصول على "المعقول"...

لكن عندما يرى القائد مقاتلين مستعدين فعلا إلى خوض المستحيل، لا يقبل هذا القائد بأقل من كامل الحقوق...

مجتمع بدنا نعيش المنتشر خارج مجتمع المقاومة، يزايد على المقاومة بالخط ٢٩ ثم يعمل كل شيء ضد هذه المقاومة متجاهلا أن سلاح هذه المقاومة هو من جلب هذا القليل من الحقوق بعد أن كان فؤاد السنيورة تراجع في الحدود البحرية إلى قبالة مدينة صيدا...

هذا المجتمع لم يقاتل العدو الصهيوني ولا حتى مرة واحدة...

لا بل جزء كبير من هذا المجتمع تعامل مع هذا العدو تحت حجج لا يمكن لعاقل أن يسميها سوى عمالة وخيانة...

أما مجتمع المقاومة فعليه فقط أن ينظر إلى ما تفعله الإمبريالية في إيران هذه الأيام عبر تحريك جماعة بدنا نعيش الإيرانية...

في كل مجتمع يوجد مساطيل...

حزب الله الذي ينتقد مساطيل إيران، يتعامل مع مساطيل لبنان تحت سقف القبول بما توافق عليه سلطة يعرف الحزب جيدا أنها تابعة حتى العظم للامبريالية الأميركية...

هل يجب شكر المقاومة على نصف الإنتصار إذا ما تبين أن هناك شيء من انتصار أصلاً...

ام يجب الحزن لأن المقاومة سمحت للسلطة في لبنان أن تغلف هزيمة مُرّة بطلاء فارغ من وهم الانتصار....

حليم خاتون