كتب الأستاذ حليم خاتون: اتفاق، هدنة، تفاهم، أم تكريس القبضة الأميركية على لبنان؟
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: اتفاق، هدنة، تفاهم، أم تكريس القبضة الأميركية على لبنان؟
19 تشرين الأول 2022 , 14:05 م


هل وضع فؤاد السنيورة الخط ٢٣ كما يدعي؟

وفق وثائق الدكتور عصام خليفة التي أبرزها على الشاشات، العدو الاسرائيلي هو من وضع الخط ٢٣ في الاول من شهر مارس آذار سنة ٢٠٠٩، ثم قامت الحكومة اللبنانية بتبني هذا الخط في التاسع والعشرين من شهر نيسان إبريل من السنة ذاتها، أي بعد حوالي الشهرين من الموعد الاسرائيلي؛ قبل أن تسرع حكومة نجيب ميقاتي وترسل المرسوم ٦٤٣٣ الذي يتبنى هذا الخط بعد إخفاء الترسيم البريطاني الذي يحدد الخط ٢٩ حدودا للمياه الاقتصادية اللبنانية...

كل ذلك جرى بوجود وزراء محسوبين على المقاومة...

هكذا أمور يحق لعوني الكعكي أن لا يراها طالما هو يضع نظارات سعودية؛ لكن هل يحق لحزب الله، أن لا يرى كل ذلك القبح وكل تلك الخيانة...؟

رأس عوني الكعكي المربع الذي لا يرى ابعد من أنف السعودية تفتق عن عبقرية وجود اتفاق أميركي إيراني انتهى بتسليم العراق لإيران مقابل قبول حزب الله بالتخلي عن قسم كبير من حقوق لبنان البحرية...

الإتفاق الأميركي الإيراني إذا تم تبني وجهة نظر عوني الكعكي السعودية، يعني أن اميركا أغمضت عينيها وسلمت إيران كل منطقة الخليج العربي، وقبلت بالتخلي عن أوكرانيا التي وفقاً للنيويورك تايمس، يتم دكها بمسيرات وصواريخ إيرانية الصنع كل يوم...

كل هذا، مقابل كمية من الغاز في شرق المتوسط لن تتجاوز ١٠ إلى ١٥٪ مما تقوم روسيا بتصديره إلى أوروبا...

لكن عمى الألوان لدى عوني الكعكي ولدى بعض اللبنانيين لا تعني تبرئة حزب الله من الخضوع مرة أخرى للخوف من الفتنة أو الحرب الأهلية أو الفوضى كما يلمح البعض... الخوف من تحريك الخلايا الإرهابية من داعش ونصرة وغيرها المتخفين داخل صفوف النازحين السوريين، خاصة في شمال لبنان...

لكن الذي يُغضب من عنده حرية فكر ومنطق هو إصرار سماسرة المقاومة في الدفاع عما حصل وكأن ذلك كان انتصارا، أو كأن ظهر لبنان كان إلى الحائط، وجاء حزب الله وفرض على راعية الإرهاب والاحتلال واغتصاب الحقوق، أميركا، التراجع وتسليم لبنان هذا الجزء اليسير من حقوقه...

ما فعله حزب الله في واقع الأمر هو أنه فرض على السلطة اللبنانية عدم الزحف على البطن باتجاه اميركا وإسرائيل...

السلطة لم تقف أبدا على قدميها... هي أضعف وأكثر جبنا من نفعل ذلك...

صحيح انها لم تذهب زحفا على البطن، لكنها ذهبت انبطاحا...

أقل ما يقال في هذا، هو إننا فعلا أمام خيانة موصوفة...

أن تتم محاكمة عميل هنا أو عميل هناك لأنه تعامل مع الموساد لقاء بدل مالي، ولا يفعل حزب الله شيئا أمام سلطة تخلت عن اجزاء من الوطن، هو نكتة سمجة...

حزب الله نفسه يقول إنه تدخل لأن أهل هذه السلطة يخافون على مصالحهم الشخصية وعلى أموالهم وشركاتهم في الخارج، ويرتجفون من العقوبات الأميركية...

لماذا يغضب حزب الله لتهريب الفاخوري، ولا يفعل الأمر نفسه حين يقوم ميشال عون بالتخلي عن الخط ٢٩...

ألم يقل جبران باسيل أن العقوبات الأميركية التي وضعت عليه هي بسبب الخط ٢٩؟

إذا، لماذا تم التخلي عن هذا الخط...

ألا يعني هذا معادلة التخلي مقابل رفع العقوبات؟

أليس في هذا الربط عامل خيانة؟

الفاخوري قتل وعذب وسفك الدماء... هذا فظيع!!!

لكن التخلي عن جزء من المياه والتخلي عن السيادة عبر الخضوع لإملاءات هوكشتاين التي تجعل اميركا صاحبة الكلمة الفصل في أي أمر يحصل في تلك البقعة...

كل هذا ليس بالأمر الفظيع!!!

لو كان جبران باسيل بريئا فعلا من تهم الفساد التي وجهتها إليه الإدارة الأميركية وفقاً لقانون ماغنيتسكي والتي أكد صحتها الإعلامي جوني منير على الجديد، لكان خرج ورفع دعوة ضد منير على الأقل...؟

لنعود إلى الغاز وحزب الله...

حديث المدافعين عما حصل والقول أن المقاومة حققت معجزة عبر نقل خط التنازل من هوف إلى الخط ٢٣... هو إدانة لحزب الله يوجهها سماسرة الإعلام المقاوم عن غباء ظاهر جداً على تلك الوجوه الكالحة...

يكيلون المديح لأنهم لا يملكون جرأة النقد...

لكن المصيبة ليست في هؤلاء فقط، وهم كثر...

المصيبة هي عندما يخرج الدكتور صادق النابلسي المحسوب قلبا وقالباً على حزب الله، ويقول إن ما جرى كان مفاوضات تم رفع السقف فيها للحصول على المعقول!!!

هل هذا معقول!!؟؟

هل الحصول على جزء والتخلي عن أجزاء أمر معقول يسعى إليه حزب الله...؟

ألم يكن هذا منطق السادات في كامب ديفيد؟

ألم يكن هذا منطق ملك الاردن في وادي عربة أو منطق منظمة التحرير في أوسلو!!!؟

هل نسي الدكتور النابلسي أن الذين سقطوا شهداء على جسر المطار برصاص عملاء الأميركيين في الجيش اللبناني إنما كانوا يتظاهرون ضد اتفاقية أوسلو المشؤومة!!؟؟

يضيف الدكتور أن ما حصل هو إنجاز...

إنجاز لمن؟

هو إنجاز لأهل السلطة الذين استطاعوا الهرب من المحاسبة على نهب المال العام...!؟

هل هذا إنجاز أم إدانة؟

يقول الدكتور النابلسي إن الوضع الاقتصادي والاجتماعي صار لا يحتمل... وإن هذا الوضع هو ما دفع حزب الله لتمرير ما حصل!!

لكن من أوصل الوضع إلى ما هو عليه من انهيار؟

اليس هؤلاء هم نفس أهل السلطة الذين فاوضوا حتى توصلوا إلى تلك الصفقة...

تصوير الأمر على أنه انتصار لمجرد أن اسرائيل تقول انها اضطرت للقبول بهذه الصفقة، هو محض هراء...

صحيح أن اسرائيل اضطرت الى هذه الصفقة، لكن هذا فقط لأن إسرائيل اعتادت أن لا تتراجع ومعها الراعي الأميركي... تراجعت اسرائيل عن مساحة ٣٦٠كلم٢ هي ليست من حقها، لكنها حصلت في المقابل على ١٤٣٠ كلم٢ هي أيضا ليست من حقها...

يعود الدكتور النابلسي ويضيف أن حزب الله سوف ينقض على هذا الاتفاق بمجرد انقلاب موازين القوة...

انقلاب موازين القوة من الناحية الكلاسيكية لن يكون أبدا طالما اميركا قوة عظمى، وطالما الأنظمة العربية جمهوريات وممالك موز...

هل هذا ما كان الدكتور يقصده؟

موازين القوة اليوم بين دولة الكيان ومقاومة حزب الله غير النظامية هو قمة الoptimum، بكافة المعايير...

الوضع الدولي مع الحرب الروسية الأطلسية على أرض أوكرانيا، هو جداً مناسب... هو في الحقيقة افضل ما يكون حيث كل هم اميركا اليوم ينصب على أوكرانيا...

هل نعود مع الدكتور الناباسي إلى خطبة الجهاد للإمام علي لنرى بأم العين تبريرات عدم وجود إرادة القتال في سبيل الحق...؟

حتى متى سوف نُراكِم القوة؟

أي وضع دولي يمكن أن يكون افضل من هذا الوضع وفي هذا التوقيت؟

حسنا فعل الدكتور حين تناول الوضع الداخلي اللبناني وصوب على عملاء اميركا في لبنان سواء من هم في السلطة أو أولئك الذين هم خارجها....

هؤلاء هم من أضعف موقف لبنان عبر عدائهم المستحكم ضد المقاومة..

طبعا، حين يقف المرء هذا الموقف الشرس ضد ما قام به حزب الله، هذا لا يعني على الإطلاق وضع هذا الحزب في نفس السلة مع اهل السلطة الموجودين في الحكم اليوم أو أولئك الذين هم خارج الحكم...

حزب الله يختلف حتى عن الكثيرين من الذين يرفعون شعار الخط ٢٩...

الكثير من هؤلاء، ينطلقون فقط من موقع مهاجمة حزب الله على اي شيء وعلى كل شيء، بينما هم في الحقيقة من أهم أسباب ضعف موقف لبنان في أي مفاوضات بسبب ارتباطاتهم مع الراعي الأميركي أو مع السعودية...

اندفع هؤلاء أفواجا إلى عرسال يوما لتبرئة الإرهابيين من تهمة الإرهاب فقط عداء لحزب الله...

أما تضخيم الثروة البحرية بهذا الشكل، هذا ليس أكثر من برباغندا لتخدير اللبنانيين ووعدهم باللبن والعسل...

أفضل المسوحات الزلزالية تتوقع حيازة المياه اللبنانية على حوالي

٧٠٠ مليار م٣ من الغاز، وهو ما يقدر بحوالي ٧٥ مليار دولار سوف يبدأ استخراجها بعد بضعة سنوات وعلى مدى حوالي أربع إلى خمس عقود؟

باختصار حتى لو رفعت مافيا السلطة يدها عن هذه الثروة، فهي لن تطفئ لا الدين ولا أموال المودعين...

لذلك يجب النظر بعين الريبة إلى كل المسألة والصلاة أن يستيقظ حزب الله من أحلام اليقظة ويضع رجالا مناسبين في الأماكن المناسبة...

هل يفعلها حزب الله كي لا يلحق بمن سبقه إلى مزبلة التاريخ...؟

حليم خاتون 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري