إنتفاضة
مقالات
إنتفاضة "جبل النار" عبدت طريق دمشق وبهّتت طريق الجزائر
21 تشرين الأول 2022 , 18:38 م


شهد الأسبوع الأخير تحركات رسمية فصائلية فلسطينية بدأت في لقاء الجزائر الذي يندرج ضمن سلسلة مشابهة من اللقاءات والمؤتمرات في دول عديدة، هدفها المعلن منذ عشرات السنين اجراء مصالحة بين "فتح وحماس"، حيث يطلقون على هذه المصالحة زوراً وبهتاناً "وحدة وطنية"!

لم نجد جديداً في بيان الجزائر، سوى تشكيل لجنة متابعة عربية بقيادة الجزائر لتحقيق المصالحة، التي ستبنى على المشاركة في منظمة التحرير ومنجزاتها من سلطة وحكومة ومجلس تشريعي منتخب، في الضفة والقطاع والقدس..

لم يتم التطرق الى الميثاق القومي او الوطني الأساسي كأساس لهذه المصالحة، بل الاتحاد على ما هو قائم، أي تحقيق اتفاقات أوسلو وما تمخض عنها.

عندما تجتر هذه البنود، تجد قيادات فلسطينية وعربية مثل الجزائر التي نكن لها كل احترام ، لم تقرأ ولم تسمع ولم تعيش ما حققه الاحتلال من سيطرة عسكرية وسيادية كاملة على الضفة الغربية تحديداً، ولا تصغي لصوت قادة الاحتلال، "بأنه لن تقوم دولة فلسطينية في الضفة والقطاع " حسب موازين القوى القائم ايضاً ، او انهم يعرفون ، وهذا الأرجح ، ويتمسكون كل منهما بإمارته في غزة و الضفة، والاستمرار في إدارة الازمة بينهما، والامعان في الجلوس على صدر شعبهم ، تحت ذريعة الانقسام ، حيث يقيمونه خدمة لمصالحهم، على انه السبب الوحيد الذي يمنع الوحدة الوطنية كرافعة "لتحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني"، زوراً وبهتاناً، وهذا هو عينياً تكريس الاحتلال والحكم الذاتي تحت كنفه ..

يتأكد هذا النهج في البند السادس من بيان الجزائر:" الإسراع بإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، وفق القوانين المعتمدة في مدة أقصاها عام من تاريخ التوقيع على عذا الإعلان " !!!.

انتبهوا الاجترار والدجل: " انتخابات في غزة والضفة والقدس (عاصمة الدولة الفلسطينية)، رئاسية وتشريعية، وفق القوانين المعتمدة.. الم يكن هذا السيناريو قبل حوالي السنة، و"افشلته إسرائيل" بالتنسيق الأمني -السياسي مع أبو مازن عندما منعت القدس من الانتخابات، واستغلها عباس، ليلغي الانتخابات برمتها ... ناهيك عن انها حسب اتفاقات أوسلو وبمباركة الاحتلال، إذا شاء !!!

اذن ليس هناك ما هو جديد في اعلان الجزائر، سوى انه بالجزائر، وضحك على لحى شعبي فلسطين والجزائر، والأمة برمتها وخدمة لتكريس الانقسام والاحتلال معاً ...

اثناء اجتماع الجزائر، كانت الأرض تغلي تحت اقدام الاحتلال، والكفاح المسلح وصل ذروة جديدة ضد الاحتلال، حيث بدأت تصدر بيانات عن شكل جديد من اشكال تنظيم مقاومة الاحتلال وتحرير الأرض ... وبعث الروح في الميثاق القومي الفلسطيني من عام 1964، عملياً على ارض الواقع، حيث سحب البساط من تحت اقدام جميع الاوسلويين الذين اجتمعوا واجمعوا على الاستمرار في نهج أوسلو بالجزائر ...

ظهر تنظيم " عرين الأسود " في نابلس الذي يضم عناصر من كل فئات الشعب، الى جانب كتائب " مخيم جنين واخواتها " ليكتسحوا كل منطقة " جبل النار "، بعيداً عن الفصائل وهياكلها المهترئة، وان كان شباب هذه التنظيمات ينحدرون الى هياكل الفصائل إياها بنسبة كبيرة، وليحظوا بشهادة الاعلام الصهيوني الموجه مخاراتياً، بتأييد كل الشعب الفلسطيني على ارض فلسطين برمتها والخارج، بل كل شعوب الامة ... وليحددوا المقاومة مساراً بديلاً لكل ما كان، من جديد لتصفية الاحتلال الصهيوني في فلسطين ...

هذا الشكل التنظيمي الجديد، كما يرى المراقبون، يتجاوز الفصائل ويتعامل مع الواقع الشرس والمجرم الذي تفرضه قوات الاحتلال، حيث يواجهه نداً لند، أو يواجه ما اسموه منذ سنة ونيّف بحملة " كاسر الأمواج " التي أعلنتها حكومتي بينيت ولابيد وغانتس ومنصور، عبر موجات مقاومة تربك قوات الاحتلال وتقلقه كثيراً وتضع علامات استفهام على مدة بقائه، وتشكل امتداداً لكل اشكال النضال الفلسطيني منذ الغزو الصهيوني لفلسطين، بدون تسميات وكلاشيهات يتفنن بها بعض المحللين او السياسيين او المتفرجين.

على هذه الخلفية من المقاومة الجريئة التي بدأت تلحق الخسائر بقوات الاحتلال الصهيوني وتوحد الشعب خلفها، جاء وفد " حماس " العائد الى حضن دمشق ضمن وفد فلسطيني اشمل، بغض النظر عن كل التأويلات والتقييمات التي من الممكن ان تكون صحيحة، بعد ان لفظ " الربيع العربي " الذي ايدته " حماس " أنفاسه في دمشق وكل الوطن العربي، وعادت قاعدة المقاومة ضد الاستعمار والصهيونية والرجعية (من عملاء ومطبعين) قلب العروبة النابض، دمشق، الى سابق عهدها الذي لم تتخل عنه يوماً، كحاضنة للمقاومة الفلسطينية.

لقد اكد الرئيس الأسد هذه الحقيقة التي لم تتغير في كلمة الاستقبال للوفد الفلسطيني:" انه وعلى الرغم من الحرب التي تتعرض لها سورية، الا انها لم تغير من مواقفها الداعمة للمقاومة باي شكل من الاشكال، وذلك انطلاقاً من المبادئ والقناعة العميقة للشعب السوري وقضية المقاومة.... فالمقاومة ليست وجهة نظر، بل هي مبدأ واساس لاستعادة الحقوق... مضيفاً، سوريا التي يعرفها الجميع قبل الحرب وبعدها لن تتغير وستبقى داعمة للمقاومة.. وما يحدث الآن في كل الأراضي الفلسطينية يثبت ان الأجيال الجديدة ما زالت متمسكة بالمقاومة " ... (الموقف الفصل) .

فشتان ما بين بيان تكريس أوسلو في الجزائر وما بين احتضان المقاومة المتجددة في فلسطين التي أشار اليها لقاء دمشق، على لسان الرئيس المضيف والبيان المنبثق عن اللقاء ..

بعيداً عن التسرع واستباق الاحداث التاريخية المقبلة، وليس انتظاراً لما تتمخض عنه انتخابات "الكنيست" الصهيوني، لانهم جميعاً موحدين ضد الشعب الفلسطيني وتثبيت الاحتلال على كل ارض فلسطين ، فان المنطقة عامة، والحالة الفلسطينية خاصة، كجزء من محور المقاومة الذي يرى بلقاء دمشق تدشيناً لمرحلة تنسيق وتكامل في مقاومة الاستعمار الأمريكي في المنطقة والصهيوني في فلسطين، (كما يؤكد ذلك المحللون العسكريون والسياسيون الصهاينة )، فان المنطقة مقبلة على حروب صغيرة وربما حرب أوسع مما حصل، الأمر الذي يقلق دولة الاحتلال التي حاولت منع هذه الحرب عبر تنازلها في المياه الاقليمية مع لبنان، وان لم يكن كاملاً، بفضل تهديد المقاومة اللبنانية، وتأجيلها لتنفيذ تهديداتها بإعادة احتلال الضفة وفرض ادارتها العسكرية عليها، "لأن السلطة وأجهزتها الأمنية المسماة فلسطينية، لم تعد تقوم بالدور المنوط بها ".. فها هي الكتائب بتشكيلاتها الجديدة حيّدت على الأقل دور الأجهزة الأمنية للسلطة التي لا تقوم الا بخدمة الاحتلال الصهيوني وتثبيت اركانه، وأرست طرق جديدة لمقاومة الاحتلال ووحدة الشعب الحقيقية، بعيداً عن دعوات وحدة بيان الجزائر الذي يصب في خدمة مشروع أوسلو التدميري!

الصراع مع الاحتلال دائم ويتصاعد والاشهر المقبلة ستكشف عن خبايا هذا الصراع وربما بعض توجهاته!

المصدر: موقع إضاءات الإخباري