كتب الأستاذ حليم خاتون:
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: "قم يا صلاح الدين.. أنهض. ها إننا عدنا.."
11 تشرين الثاني 2022 , 14:10 م


ترجل الجنرال البريطاني عن صهوة الفرس...

وضع رجله على ضريح صلاح الدين وقال له تلك الكلمات التي لا تزال حتى اليوم ترن في آذان أحرار هذه الأمة...

"بعد ألف عام، تحرير اورشليم من أيدي المسلمين"...

هذا المانشيت، كان أحد عناوين اهم الصحف الغربية بعد دخول البريطانيين إلى القدس وسقوط آخر دول الخلافة...

عندما أعلن عن سقوط دولة الخلافة العثمانية، فرح الكثير من العرب بأن فجر الحرية آت لا محالة إلى هذه الأمة العربية...

وقف الشيخ عبدالله خاتون في مدينة العفولة وقال كلمة مرت عبر الأجيال حتى وصلت إلينا...

"اليوم ضاعت القدس مرة أخرى"...

قلائل من العرب يومها رأوا مأساة فلسطين قبل أن تقع...

قلائل لم يستطع الثعلب البريطاني أن يعمي أبصارهم بالوعود الكاذبة...

ما اقرب الامس البعيد من يومنا هذا...

ترك انطون سعادة كل شاء في الاغتراب، وعاد إلى لبنان من أجل فلسطين...

مسلسل الأحداث لا يتوقف...

عودة الاستعمار في ثياب الانتداب...

النكبة... ثم النكسة... ثم بطولة في تشرين تنتهي بنكسة أخرى...

سقوط ثاني عاصمة عربية سنة ٨٢ في ايدي الصهاينة الذين لم يكتفوا بالعاصمة بيروت... بل

جلس جندي صهيوني على كرسي رئيس الجمهورية في بعبدا، ومد رجله على طاولة مكتب الرئيس...

كانت هذه هي الصورة التي انتشرت على الصفحة الأولى من إحدى الجرائد الفرنسية العريقة...

تاريخ من الصفحات السوداء اخترقت الظلام فيه بضع إضاءات لم تلبث أن تختفي...

عمليات بطولية هنا وهناك...

حرب السويس سنة ٥٦....

معركة الكرامة...

إغراق المدمرة إيلات...

حرب الاستنزاف...

اختراق خط بارليف بعد عبور اهم عائق مائي في قناة السويس...

تفجير مقري المارينز الأميركيين، والمظليين الفرنسيين، وهروب حلف الأطلسي والقوى الغربية من بيروت...

"يا أهالي بيروت، لا تطلقوا النار...

نحن ننسحب..." هذا ما كانت تردده مكبرات الصوت الاسرائيلية...

الشهيد أحمد قصير يفجر مبنى القيادة العسكرية لجيش الاحتلال في عملية سوف تسجل مسلسلا من الاستشهاديين...

ابو زينب...

سناء محيدلي... الخ

ابطال سقطوا...

وآخرون دخلوا تاريخنا ومن الواجب تذكير الأجيال الجديدة كل يوم بما قاموا به...

الشهيدة الحية سهى بشارة...

الشهيد الحي اكوموتو، بطل عملية مطار اللد الاستشهادية...

ثلاثة يابانيين أتوا من آخر الدنيا يشاركون في حرب التحرير...

المناضلة الألمانية غابرييلا، بطلة عملية احتجاز وزراء أوبك في فيينا لتمويل النضال الفلسطيني، ومعاقبة السعودية وإيران الشاه على تمويل اليمين في الحرب الأهلية في لبنان...

لائحة سوف لا تكفي لمحو الصفحات السود الملوثة ب "الأيادي السود"، الذين وثق تاريخهم الأسود هذا، النائب السابق، المناضل نجاح واكيم...

ضوء أخير بدأ مع المقاومة الإسلامية سنة ٨٣...

ضوء حاول إضاءة السماء العربية...

ضوء حقق المعجزات لكنه لم يملك جرأة قطف ثمار هذه البطولات...

تحرير سنة ٢٠٠٠، توقف هناك على جزء من حدود وكان يجب أن لا تتوقف العمليات...

هناك مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقرى السبع وما بعد القرى السبع وما بعد ما بعد القرى السبع...

حين شنت انديرا غاندي الحرب الهندية على باكستان وتسببت بتقسيم ذلك البلد إلى باكستان الحالية التي نعرف، وبنغلاديش التي كانت تشكل الجناح الشرقي لدولة باكستان، لم تتأخر رئيسة حكومة الهند في إيجاد مبرر لشن هذه الحرب...

بررت غاندي تلك الحرب بالقول إن الهند لا تستطيع تحمل ملايين اللاجئين الباكستانيين الهاربين من النزاع الاهلي في باكستان...

نحن في لبنان، أقل من خمسة ملايين "لبناني"، نحمل أقل بقليل فقط من مليون لاجئ فلسطيني وحوالي مليونين ونصف المليون من النازحين السوريين الذين يستعملهم الغرب لخنق لبنان ديموغرافيا، ومذهبيا، وبالارهاب...

أضف إلى ذلك كمية هائلة من الجنسيات المختلفة الأخرى والتي ليست جميعها بريئة من دم الصدًيق...

سامي الجميل ومن يشبه سامي الجميل، وسمير جعجع ومن يشبه سمير جعجع... أين هؤلاء من هذا اللجوء وهذا النزوح... وأين هؤلاء من ال ١٠٤٥٢ كلم٢...؟

مدينة التاريخ، صور التي من المفروض أن تكون أيقونة البحر الأبيض المتوسط... جرى محاصرتها وخنقها بمخيمات اللجوء... جل البحر، البرغلية، الرشيدية، برج الشمالي،البص...

أليس هذا مبررا كافيا لاستمرار القتال...؟

أليس هذا كافيا لإدانة أي تفاهم مع العدو؛ بغض النظر إذا آمن سامي الجميل بفلسطين أم لم يؤمن... والأمر نفسه مع سمير جعجع...

السؤال موجه أساسا إلى المقاومة التي ما أن تضيع فرصة بعد نصر أو إنجاز ما، حتى تجد فرصة أخرى لإضاعتها من جديد..

تخافون من تهمة التبعية لإيران أو للقضية الفلسطينية من قبل جماعة الردة في لبنان...

تخافون من جماعة ما يسمى "لبنان أولا" أو مجموعة العروبة الحديثة التي تقودها مملكة ابن سلمان...

يا اخي لا نطلب منكم أكثر من المطالبة والإصرار على لبنان ال ١٠٤٥٢ كلم٢...

لا نطلب منكم أكثر من الإصرار على إعادة كل اللاجئين والنازحين إلى قراهم الأصلية وإلى بيوتهم واراضيهم...

اثبتوا على هذا الاصرار، والعدو كفيل بالباقي...

لكن المقاومة التي لاحقت في السابع من أيار كل أجهزة المخابرات العربية والغربية حتى هروبها إلى قبرص من بحر جونية... ذهبت إلى الدوحة لتقدم مطالب هزيلة لا تليق بالعمل العسكري الجبار الذي نفذه جسم هذه المقاومة العسكري...

تنظيف بيروت من العملاء في اقل من ٤٨ ساعة...

حرب تموز التي تشابه عبور جبال الألب مع هنيبعل ملك قرطاجة في حربه ضد الإمبراطورية الرومانية، والتي تشكل فاصلا فعلا بين زمن الهزائم وزمن الانتصارات...

حوّل حزب الله نتائج هذه الحرب الى بازار محلي أسقط عنه كل الصفات العالمية والوطنية والإنسانية...

هكذا يستمر مسلسل إضاعة الفرص...

أمس هاجم الاميركيون قافلة وقود إيرانية تتجه إلى لبنان أو إلى سوريا... لا يهم...

الاميركيون والبريطانيون والفرنسيون الذي يحتلون جزءًا من أرض سوريا لإحكام القبضة الغربية على بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين، ونحن جزء مهم من هذه المنطقة...

ماذا نفعل...؟

يستمر الأميركي في الاعتداء علينا فلا نضرب مصالحه ونحن قادرون على ذلك...

الإمكانات التي ملكتها الجبهة الشعبية وتحديدا قائد العمليات الخارجية الدكتور وديع حداد في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات لا تشكل ولا نسبة بسيطة مما يملك محور المقاومة الممتد من شاطئ البحر المتوسط وصولا إلى البحر الاحمر وبحر العرب والمحيط...

لماذا نهادن اميركا وهي تضربنا كل يوم...؟

لماذا نسمح لمصالح الدول التي تتآمر علينا بان تسير وكأن شيئا لا يحصل...

في حرب الحصار والتجويع الممتد من لبنان الى سوريا فالعراق وصولا إلى اليمن، هناك عمل واحد مطلوب:

ضرب المصالح الغربية حتى لو أدى ذلك إلى حرب عالمية ثالثة نحن في كل الأحوال لسنا بعيدين عنها ولكنها تحتاج لمن يجرؤ على إشعالها...

يا جماعة،

ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا...

أخبرونا... متى نغضب؟

حليم خاتون

المصدر: موقع إضاءات الإخباري