لم تتدفق أنهار اللبن والعسل بعد الترسيم...
انتظر اللبنانيون وعد ابليس بالجنة، كما انتظر اليهود من موسى اللبن والعسل من الله كي يعبدوه...
تقول الأسطورة أن الله عاقب اليهود بتشتيتهم حتى يوم القيامة لقلة الإيمان...
بدل ذلك استوطن هؤلاء فلسطين ولا زالوا يعيثون في الأرض فسادَ...
ولبنان، هو جزء من هذه الأرض...
"يا عيب الشوم" على عقول كل همها في لبن وعسل لن يأتي...
يقول المثل،
"ما مِت، بس ما شِفت مين مات.."
ها هي مصر غارقة في اللبن والعسل بعد كامب ديفيد...
من أجل ذلك تقوم السلطات ببيع ما بقي من أصول الدولة بعد أن حطم انور السادات كل انجازات ثورة يوليو وصارت مصر جمهورية موز أخرى بعد أن كانت أم الدنيا...
ها هو الأردن غارق في اللبن والعسل، وهو يعيش على قطارة تأتيه كما يأتي الطعام والكساء من السيد إلى العبد بعد وادي عربة...
أما فلسطين، فقد طارت فوق السحاب حرية بعد أوسلو...
صارت رام الله لاس فيغاس في الظاهر... أما في الباطن، فهي لن تكون أكثر من كانتون يشبه تلك المقاطعات التي يسكنها الهنود الحمر في قارة كانت ملكهم يوماً...
مقاطعات لا تصلها قوانين الرجل الأبيض الخبيث الذي يسمح للمخدرات والدعارة ومراكز القمار بالوجود دون رادع في تلك الاصقاع...
بعد فايروس الجدري الذي قضى على معظم الهنود الحمر عمدا من قبل الرجل الأبيض، ها هو يزرع هناك كل انواع الرذيلة للقضاء على البقية الباقية...
كل هذا بفضل أوسلو...
هنيئا محمود عباس...
هنيئا بئر الغاز الذي سوف يغذي سلطة رام الله بالمال اللازم لزيادة القيود على ما تبقى من كرامة وشرف في تلك الأرض المغتصبة...
لم يكن حبر توقيع الرئيس عون على الترسيم قد جف بعد، حتى أعلنت شركة توتال الفرنسية أنها لن تستطيع المجيء إلى البلوك رقم ٩ قبل ربيع السنة القادمة...
ربيع يذكرنا بالربيع الذي وعد به رفيق الحريري اللبنانيين والذي لم يأت ولن يأتي لأن لبنان حرف ناقص في الأجندة الأميركية...
لمن لم يصدق أن الأميركيين لعبوا معنا بوكر، بينما كنا نلعب نحن طرنيب...
خرج اول من أمس هوكشتاين على قناة الجزيرة يقول لنا إنه سواء وقع لبنان ام لم يوقع... لن تأتي الكهرباء...
حتى لو كان الفيول الإيراني مجانياً... هذا ممنوع...
مسموح لكل دول العالم الشراء من إيران باستثناء لبنان والسبب بسيط جداً...
لبنان حرف ناقص عند الأميركيين...
كذلك الغاز المصري والكهرباء الأردنية...
كل تلك الأحلام لن تكون سوى أحلام يقظة...
هل تمون مصر على غازها..؟
هل يمون الاردن على الكهرباء التي ينتج...؟
الكلمة الأخيرة هي للسيد الابيض الأميركي الذي يطبع من الدولارات قدر ما يشاء لشراء أوروبا ومعها أوكرانيا... وشراء كل ما يريد على الأرض...
هو يطبع، والآخرون كالعبيد لا حول لهم ولا قوة...
حتى بوتين الجبار ذو السلاح النووي يتراجع ولا يقوم بتدمير النظام العالمي على رؤوس الجميع...
لقد اختبر الاميركيون صبر اللبنانيين فتبين لهم أن هؤلاء لم يولدوا من نطفة ولا كونهم الله من طين...
هؤلاء صنف من البشر لا يملك أي إحساس...
لا ضرورة أن تجوًع اميركا اللبنانيين...
هم مثل الشاطرين، يجوًعون أنفسهم بأنفسهم...
الذنب ليس ذنب ميقاتي، ولا جعجع ولا جنبلاط ولا أي كان من أصدقاء اميركا في لبنان...
وهو قطعا ليس ذنب ميشال عون... الذي وقع في النهاية لكي يقبله الاميركيون فيقبله محمد بن سلمان...
اميركا لا تحتاج أحراراً...
اميركا تحتاج عبيدا ينضمون إلى القافلة...
هؤلاء تلقوا الأوامر من الاميركيين...
نفذوا ما طلب منهم:
تجويع الشعب اللبناني...
طبعا لا ضرورة للقول إن الكهرباء والحمدلله مؤمنة في بيوت ومكاتب الرئيس ميقاتي ٢٤ على ٢٤...
براد الرئيس ميقاتي فيه من أصناف الطعام والشراب والحلويات ما لذ وطاب...
الكميات تفيض على الحاجة...
كذلك الأمر عند جعجع أو الجميل أو جنبلاط أو أي كان من أقطاب ٨ أو ١٤ آذار...
هم لا يصدقون أن الناس تعاني، لذلك هم مستمرون في مسرحية التعافي القادم مع السراب...
الذي لا يصدق أسطورة السراب، عليه فقط أن ينظر إلى نواب التعتير وايديولوجية التعتير...
نواب "التغيير" قال!!!
منهم من جاء من داخل اللعبة، ومنهم من دخل اللعبة...
يتقاتل الجميع على رئيس للجمهورية ولم يقل لنا أي منهم ما هو برنامج الرئيس للتعافي...
كيف يمكن إعادة حوالي مليون لاجيء فلسطيني الى ديارهم...؟
كيف يمكن الصراخ في وجه الأميركي والأوروبي إن "كفى"، والقيام بشحن النازحين السوريين الى سوريا ومن بينهم عشرات آلاف الإرهابيين الذين يستطيع سيد معراب استقبالهم في بيته إذا لم يقل لنا شيئا آخر...
من هو الرئيس الذي يستطيع أن يضرب على الطاولة ويعيد أموال اللبنانيين من سارقي الضرائب والجمارك الذين ينتمون إلى نفس تلك الطبقة التي سوف تعطينا هذا الرئيس الموعود...؟
أفيقوا من السبات وارفضوا أن تدخلوا عبيدا لهذا النظام المالي الاقتصادي الذي يتحمل وحده وزر كل ما حصل...
يدفعون بنا دفعا إلى حرب أهلية جديدة، ويمشي اللبنانيون إليها كما الغنم...
قطعان الطوائف جاهزة...
تجرأوا ولو مرة على فرض ارادتكم على الأميركيين...
الأميركي هو فعلا براغماتي؛ يخضع لمنطق الرفض والقوة...
حتى بوتين كان باستطاعته إخضاع أميركا...
لماذا لم يفعل؟
لأنه يريد أن يكون جزءًا من النظام وليس كاسرا له...
تماما كما الصين التي تمتلك تريليونات من السندات الأميركية التي لا قيمة لها إذا ما قررت مواجهة أميركا...
هؤلاء سوف يقاتلون ويصبحوا جزءًا من هذا النظام العالمي...
نحن أيضاً نستطيع.. لكن علينا على الأقل رفض حصارنا ورفض تجويعنا...
المُسيرات فتحت لنا الطريق، لكننا نحن من لم يعرف كيفية السلوك...
حليم خاتون
