من الإنصاف أن نُقدّر ونحترم كلَّ مَنْ يُضحي ويُدافع عن وطنه ليجعله مستقلاً وحراً وسيداً مُتحرراً من القوى المستعمرة والمستبدة، التي للآن لم تترك بلداً استعمرته، بل تزرع فيه أنظمة وقوانين وترسّم حدوداً بين الأقطار والبلدان مُتعمِّدةً زرع النزاعات لاحقاً، كما حصل في لبنان من خلال حدودنا مع فلسطين، حيثُ اقتُطِعَتِ القرى السبع، ومشاكل أخرى في مزارع شبعا وتلال كفر شوبا.
وزرعت،على أرض فلسطين، الكيان الصهيونيَّ الذي مارس أبشع أنواع الجرائم والمجازر ضِدّ الأرض والبشر، وطالت هذه المجازر قرية صلحا وبلدة حولا. ولا زالت مجازره مستمرة إلى يومنا هذا بحقّ الشعب الفلسطيني المظلوم.
ومن أبشع مجازر الصهاينة المستمرة، منذ احتلالهم فلسطين، بمساعدة الإنكلز خاصّة والغرب عامّة،وجودُ أعدادٍ من الفلسطينيين يعيشون في مخيمات الموت المنتشرة على الأراضي اللبنانية.
ونستذكر هنا اجتياحَ العدو الصهيوني للُبنانَ،عام 1982 والمجازر التي ارتكبها بحق اللبنانيين والفلسطينيين، تلك المجازر التي طالت البشر والحجر، و تنوّعت بين إذلال الناس في الساحات، واعتقال الآلاف في معتقلاتٍ، كان أشهرها معتقل أنصار والخيام، كما مارس أبشع أنواع التعذيب وذلك على مرأى ومسمع العالم والمؤسسات الدولية، التي تُعتبرحقوق الإنسان مُبرِّرَ وجودها، ومنها الأمم المتحدة،وكلها مؤسسات لاتحمي مظلومًا ولاتُعيدُ حقًا سليباً لصاحبه.
نقول: الخيرُ فيما وقع، هذا الكيانُ قد غرق في الوحل، قالها حكيمُ عصرنا الذي زرع في الأمة معانيَ الحرية ِوالكرامةِ وروحَ الجهادِ والمقاومة، التي حققت لنا عزّاً وحريةً وتحريراً لا نزال ننعم به في أيّامنا هذه، وسيستمرّ مع أجيالنا القادمة.
فقد واجَهَ هذا المحتلَّ شابٌّ من بلادي اسمُه أحمد قصير، اقتحم، بجسده الطاهر وسيارته المتواضعة، مقرّ الحاكم العسكري فحوّله إلى ركام وأشلاء،بحجره وبشره، فبعث بجسده وقامته العملاقة أملاً كبيراً بالعيش الحرِّ العزيز في هذه الأرض، وحصل تحول كبير للكيان المغتصب والمحتل، و وشكّل استشهاده بدايةً لانكسارالصهاينةِوهزيمتهم الّتي لا تزال تلاحقهم.
وبهذا استحق هذا الشاب الشهيد، أحمد قصير، أن نُسمّيَهُ رجلَ الاستقلال الأولَ والأعلى رتبةً، الذي صنع أعلى معايير التضحية ناثراً جسده الطاهرَ حريةً وسيادةً واستقلالاً، وعِزَّةً وكرامةً وتحريرا.
أما الفِرارُ من الزحف والِاختباءُ في مغارة فلا يجلب من هذا شيئا.