محمد النوباني
-لقد كان قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية وتدويل القدس الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في ٢٩ تشرين الثاني عام ١٩٤٧ والذي يحمل الرقم ١٨١ ترجمة لوعد بلفور المشؤوم، بإعطاء من لا يملك إلى من لا يستحق، ولذلك
فقد أصابت قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية عندما رفضته واعتبرته مؤامرة على الشعب العربي الفلسطيني.
- ليس صحيحاً أن قبول هذا القرار كان من شأنه أن يجنب شعباً مأساة اللجوء والتشرد،حيث أكدت الاحداث التي تلت صدور هذا القرار، أن موازين القوى على الأرض والدعم الإمبريالي لاستزراع إسرائيل، ستؤدي لا محالة إلى تمكن العصابات الصهيونية المسلحة من إقامة ما اصبح يعرف بإسرائيل في ١٥ ايار ١٩٤٨ على المساحة التي قامت عليها،أي على مساحة ٢١ الف كم٢ من مساحة فلسطين التاريخية البالغة ٢٧ الف كم٢.
وهذا يعني أن قبوله من قبلنا كان سيعطي شرعية فلسطينية لا مبرر لها لقيام الكيان الغاصب من دون أن يؤدي ذلك إلى قيام الدولة العربية الفلسطينية لا على مساحة ال ٤٥% تقريباً التي نص عليها القرار بل ولا حتى مساحة %١.
-لقد كان موقف الحزب الشيوعي الفلسطيني الرافض لمبدأ تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية في بداية الأمر، اي حين عرض بريطانيا للقضية الفلسطينية على الامم المتحدة، موقفاً صحيحاً لا غبار عليه، لأنه قد انطلق من موقف ماركسي لينيني يعتبر أن حل ما يسمى بالمسألة اليهودية يجب أن يتم بتمثل واندماج اليهود مع الشعوب التي يعيشون بين ظهرانيها، وليس بإقامة دولة أو دول خاصة بهم لأن ذلك يخدم فرية العداء للسامية ومصالح الحركة الصهيونية المتحالفة مع أشد الدوائر رجعية في البلدان الامبريالية.
-ولكن حينما تغير هذا الموقف من الرفض إلى القبول تأثراً بموقف الإتحاد السوفياتي الذي وافق على القرار بعد ان كان يرفضه لم يعد هذا الموقف سليماً لأنه أولاً يتناقض مع الموقف المبدئي الماركسي اللينيني وثانياً لأن قبوله،حتى لاعتبارات تكتيكية، لم يكن من شأنه أن يؤدي إلى تنفيذ الشق المتعلق بإقامة الدولة العربية الفلسطينية كما نص على ذلك القرار المذكور.
- امام ما أدت اليه كارثة إتفاق آوسلو من مصائب وويلات على شعبنا الفلسطيني والتي كان من آخر تجلياتها وصول القوى الأكثر فاشية لحكم إسرائيل يخطئ من يعتقد بإن العودة إلى المطالبة بتنفيذ قرار تقسيم فلسطين لعام ١٩٤٧ هو الذي سيخرجنا من المأزق.
فخروجنا من المأزق يتطلب التحلل من إتفاق آوسلو فعلا لا قولا والعودة إلى شعارالدولة الواحدة.
-في الختام بقي الإشارة إلى حقيقة مهمة وهي أن إعتبار الامم المتحدة منذ العام ١٩٧٧ لتاريخ التاسع والعشرين من كل عام والذي يصادف ذكرى صدور القرار ١٨١ يوماً للتضامن مع الشعب الفلسطيني كانت بداية لم تكتمل للتكفير عن جريمة إرتكبتها هذه المنظمة الدولية ومعها ما يسمى بالمجتمع الدولي ضد الشعب الفلسطيني.
وإستكمال ذلك بتطلب سحب الاعتراف بإسرائيل لا سيما أن ذلك الاعتراف يتناقض ليس مع الحقائق التاريخية فقط بل مع قرارات الامم المتحدة نفسها.
والتوضيح فحينما تقدمت إسرائيل بعد استزراعها عام ١٩٤٨ بطلب لعضوية الامم المتحدة طلب منها تنفيذ شرطين:-
الاول: الشرط الأول الذي يطلب من اي دولة وهو أن تكون محبة للسلم ومدافع عنه.
والثاني: ان تنفذ قرار التقسيم رقم ١٨١ وقرار ١٩٤ الخاص بعودة اللاجئين الفلسطينيين والصادر في ١٢ كانون الاول عام ١٩٤٨ إلى ديارهم التي شردوا منها.
وبما انها لم تكن يوما محبة للسلام ولم تنفذ القرارين المذكورين فإن وجودها غير شرعي حتى بموجب قوانين هذه المنظمة الدولية.