مونديال قطر،: التطبيع الرسمي والرفض الشعبي،. الفريق الغائب والقضية الحاضرة
مقالات
مونديال قطر،: التطبيع الرسمي والرفض الشعبي،. الفريق الغائب والقضية الحاضرة
طارق ناصر ابو بسام
1 كانون الأول 2022 , 16:31 م


مع انطلاقة المونديال بتاريخ 20/11/2022 في دولة قطر، اتجهت انظار شعوب العالم ومحبي كرة القدم الى هناك، كلٌ يتابع بحرارة، وعن شغف الفريق الذي يحب، ويرغب في فوزه في هذه البطولة. وشكّلت هذه المناسبة فرصة للكثيرين للذهاب إلى استراحة، ولو قصيرة، من متابعة الحروب والدمار والقتل والتشريد، الذي يقوم به الكيان الصهيوني ضد شعبنا يوميا على مدار الساعة. لا يكاد شعبنا ان ينتهي من وداع شهيد حتي يبدأ بمراسم وداع شهيد اخر، وحيث تستمر الحرب في اوكرانيا، بفعل تأييد ودعم من الولايات المتحدة ودول اوروبا وحلفائمها حاصدة معها ارواح البشر .

ومن موقعنا كبشر، نتمنى ونعمل من اجل وقف هذه الحروب، وعودة الحقوق الى اصحابها، وانهاء سياسة السيطرة على العالم ونظام القطب الواحد، وسيادة قانون العدالة والمساواة وحق الشعوب في تقرير مصيرها، ووقف نهب ثرواتها .

من الصعوبة بمكان ان اكتب عن المونديال وكرة القدم دون التطرق ولو بشكل بسيط الى السياسة. وهنا قد يقال ما علاقة السياسة بالرياضة، نعم انها علاقة كبيرة، وهذا ما نشاهده اليوم، وكما شاهدناه في السابق، حيث حرمت عدة فرق في المشاركة في المهرجانات الرياضية المتنوعة لأسباب سياسية، تعلقت بفرض العقوبات على بلدانها، وهذا ما نراه اليوم ايضا بانسحاب الابطال العرب من المشاركة في مباريات يواجهون بها اللاعبين الصهاينة، رفضا للاعتراف بهذا الكيان التزاماً بمحددات حملة مقاطعة الكيان الصهيوني البي دي اس (BDS)، وتعبيرا عن الدعم والتأييد للشعب الفلسطيني.

ان ما يميز مونديال قطر لهذا العام العديد من الأمور ابرزها:

1- للمرة الأولى ينعقد هذا العرس الكروي، والمهرجان الكبير، في دولة عربية، وهذا يحمل الكثير من الدلالات اهمها ان العرب قادرون على التنظيم والاعداد، وبشكل لا يقل عن الدول الأخرى، ويتصدى للنظرة الدونية للعرب التى لا ترى فيهم سوى شعوبا متخلفة. ويساهم في تعريف الاخرين على الثقافة العربية

2- يأتي هذا المهرجان الكبير بعد انقضاء جائحة كورونا التي القت بظلالها على كل شيء وعطلت الحياة الطبيعية في كافة دول العالم، حيث اغلقت المدارس والجامعات وتعطلت المواصلات والنقل وسجنت الناس في بيوتها واصبح كل شيء عن طريق اون لاين، وترى شعوب العالم التي تتابع المونديال ان هذه فرصة لاستعادة الأنفاس والخروج من دائرة العزل الى الفضاء الواسع.

3- غياب بعض الفرق العربية الكبيرة التي لها باع كبيرة في تاريخ كرة القدم خاصة الفريق الجزائري والمصري، وكنا نتمنى لو انهم شاركوا في هذا المهرجان.

4- الظهور المميز للفرق العربية المشاركة في هذه المباريات، وتحقيقهم بعض النجاحات، كما حصل في فوز تونس على فرنسا بطلة العالم، وفوز السعودية على الارجنتين، احد ابرز المرشحين للحصول عل البطولة، وفوز المغرب على بلجيكا التي تعتبر ايضا من عمالقة الكرة العالمية.

5- كما يأتي هذا المهرجان في ظل تزايد القمع الصهيوني للشعب الفلسطيني حيث تستمر عمليات القتل والتدمير يوميا وبشكل متصاعد.

لكنه يأت ايضا في ظل تصاعد المقاومة الفلسطينية وعملياته النوعية، التي تؤكد ان هذا هو خيار الشعب الفلسطيني من اجل تحرير ارضه ولا خيار غيره .

بعد هذا الاستعراض، ان اهم ما استوقفني في هذا المونديال، انه كان فلسطينيا بامتياز، مونديال عبرت فيه الشعوب فيه عن دعمها وتأييدها الكبيرين للقضية الفلسطينية، ونصرة الشعب الفلسطيني وعن إدانتها لدولة العدو.

لقد شكّل هذا المونديال فرصة جيدة للشعوب العربية خاصة، وشعوب العالم قاطبة، ان تعبر عن حقيقه مواقفها في دعم فلسطين، وإدانة (إسرائيل) ورفض التطبيع، حيث وجّهت الجماهير المشاركة رسالة واضحة عبّرت فيها عن رفضٍ قويٍ لمعاهدات التطبيع ...، رسالة قالت ان القضية الفلسطينية ما زالت هي القضية المركزية للشعوب العربية، وليس كما قال البعض ان فلسطين ليست قضيتي.

واكّدت ان التطبيع يقوم به بعض الحكام العرب، وهم زائلون، وترفضه الشعوب العربية وهي دائمة.

ان ما شاهدناه ونشاهده في قطر اليوم، من ان قضية فلسطين ليست مركزية عند العرب فحسب، بل عند كافة شعوب العالم الحر، وهذا ما عبّرت عنه هذه الشعوب برفع العلم الفلسطيني في الملاعب الرياضيه، واثناء المباريات وارتفعت الهتافات في الشوراع وكافة المناطق دعما لفلسطين، ولم تخلُ مبارة واحدة من ذلك.

ومقابل هذه الصورة كانت تتجلى الصورة الثانية في الجانب الآخر، صورة "الإسرائيلي" المعزول والمنبوذ، وهذا ما عبّر عنه بعض الصحفيين والمشاركين القادمين من دولة الكيان، حيث تمت مواجهتهم برفض التعامل معهم، وعدم استقبالهم، وتعالت الصيحات في وجوههم... لا نريدكم هنا... اخرجوا من فلسطين... لا مكان لكم بيننا.

نعم هذا هو نبض الشارع العربي الحقيقي، وان برزت على جوانبه بعض الحثالات الساقطة، ورموز التطبيع من قبل بعض الأفراد.

ان المواقف التي ظهرت ليست غريبة عن الشعوب العربية، حيث طبّعت مصر الرسمية منذ اتفاقيات كامب ديفيد، وبقي الشعب المصري العظيم يرفض التطبيع حتى الان، وما زال ساسة ومحللي الكيان يصفون السلام مع مصر بالسلام البارد.

كم طبع النظام الأردني بعد اتفاقية وادي عربة وبقي الشعب الأردني الاصيل ضد التطبيع.

وكذلك الحال في المغرب والبحرين والسودان، حيث قالت الجماهير العربية كلمتها ضد التطبيع.

والسؤال هنا، هل يتعظ الحكام العرب المطبعون مع دولة الإحتلال ويستجيبوا لارادة شعوبهم!!!

لقد كانت فلسطين هي الحاضر الأكبر في هذا المونديال وفي كل مبارة، وجعلت من المونديال فلسطينياً بامتياز.

الم تقل صحيفة غلوبو البرازيلية ان عدد الفرق المشاركة في كأس العالم هو 33 وليس 32 فريقا، في إشارة منها الى المشاركه والحضور للقضية الفلسطينية رغم غياب الفريق الفلسطيني عن المونديال.

لقد تربعت فلسطين على عرش المونديال، بفضل المواقف المشرفة التى مثلتها الشعوب العربية والشعوب الصديقة التي وجدت في هذه المناسبة فرصتها الثمينة للتعبير عن انحيازها لصالح القضية الفلسطينية

الم يقل مراسل صحيفة يديعوت احرنوت (الإسرائيلي) هذا الكلام " في قطر عرفت مدى كراهية العرب (لإسرائيل) كم يريدون مسحنا من على وجه الأرض الى اي مدى يثير كل مايتعلق (باسرائيل) حقدا شديدا في نفوسهم، سنغادر قطر بشعور سيء للغاية. بداية عرفنا انفسنا كصحفيين (إسرائيليين) لكن عندما رأينا ان ذلك يؤدى الى مواجهة صعبة وصولا للشتم والمسبات قررنا تعريف انفسنا كصحفيين من الاكوادور".

وقصة صاحب التاكسي الذي حملهم وعندما عرف هويتهم انزلهم من سيارته ورفض التعامل معهم ، وقصة صاحب المطعم الذي رفض استقبالهم، وغيرها العديد من القصص التي تؤكد تؤكد فشل عملية التطبيع ورفضها من قبل الشعوب وسقوطها المدوي رغم مواقف الحكام.

في الختام

اتقدم بالتهنئة للفرق العربية والعالمية المشاركة في المونديال متمنيا لهم النجاح والتوفيق

واتوجه بالتحية للجماهير العربية والفرق العربية التي هتفت لفلسطين ورفعت اعلامها

والتحية موصولة ايضا لكافة الفرق العالمية المشاركة التي لوحت بالعلم الفلسطيني وارتدت الشال الفلسطيني ورفعت شعارات التأييد لفلسطين وسط الملاعب وعبرت عن دعمها للقضية الفلسطينية والنضال الفلسطيني

نتمنى ان ياتي المونديال القادم في ظل ظروف افضل، يكون فيها العالم قد تخلص من جائحة كورونا الى الأبد

وان يكون الشعب الفلسطيني قد تمكن من تحرير كافة اراضيه

وان يسود العالم سلام قائم على العدل والمساواة ورحيل نظام القطب الواحد والهيمنة

شكرا لكل من عبر عن تضامنه ووقوفه الى جانب الشعب الفلسطيني في هذه المناسبة

قضيتنا عادلة

فلسطين ستنتصر... ستنتصر

طارق ناصر ابو بسام

براغ. 1/12/2022

المصدر: موقع إضاءات الإخباري