كتب حليم خاتون/ الحرامي والناطور
مقالات
كتب حليم خاتون/ الحرامي والناطور
حليم خاتون
2 كانون الأول 2022 , 21:57 م

*

٢-١٢-٢٢

"ما تفكرها عم بتقدم، راجعة بإذن الله......

باسم الآ...ب، وباسم الله"...

على أنحس، بإذن الله...


كما الغنم، يتجمهر المودعون أمام أبواب المصارف المقفلة الأبواب...

يخال المرء نفسه أما سجن الكاتراس... أو ربما قلعة الذهب المنهوب في أميركا...

لم يعد هؤلاء المودعين ينتظرون رحمة الله...

هم ينتظرون رحمة عبيد الله ممن التصقت مؤخراتهم بكراسي السلطة... 

لا تعرف هذه السلطة ما العمل!!!

نكتة سمجة...

 لكنهم لا يدعون من يعرف... كي يعمل... هذه حقيقة ساطعة...


من هؤلاء المودعين من "يمعي".. ومنهم من يبتسم ابتسامة الأبله في مسرحية لا تزال صفحاتها تكتب كل يوم في لبنان...


قاربت الساعة الحادية عشر ليلاً...

لا يعرف الكثيرون من فاز في مباراة المونديال...

كل ما عرفناه أننا في طريق العودة الى البيوت، وعلى أحد مفترقات الطرق، تجمهر صبية ابي لهب وابي سفيان، يحملون الأعلام والرايات...


يخال المرء أن فلسطين تحررت... 

قطع هؤلاء البغال كل الطرق من أجل تنظيم مسيرات دراجة وسيارة احتفالاً... 

مع إطلاق المفرقعات النارية!!!...


كنت في زيارة عمتي وابنة عمتي التي بعد أربعين عاما من التدريس، ومتابعة وتنسيق أعمال مدارس منتشرة على كامل الجغرافيا اللبنانية وخارج لبنان أيضاً...

لا يكفيها الراتب أكثر من أسبوع... يا جماعة الله... 

أسبوع لمن يربي الأجيال في لبنان...

في ألمانيا، راتب المدرس أعلى من راتب الوزير...

لبنانيون ينتجون تربية وأخلاقا وعِلما...

ولبنانيون آخرون تافهون إلى درجة لعي النفس...


في اليوم نفسه كنت التقيت بصديقة قديمة عاطلة عن العمل لأن الراتب الذي عرضه عليها أحد أصحاب فرن في الضاحية، كان اربع مائة ألف ليرة... في الشهر!...


أجل ٤٠٠,٠٠٠ ألف ليرة شهرياً لأنها تسكن قريبا من الفرن ولا تحتاج إلى مواصلات...  

أقل من عشر دولارات... في الشهر...

يريد هذا الكافر دفع أقل من عشرة دولارات شهرياً لامرأة في الخمسين من عمرها...

والحد الأدنى للأجور في المانيا هو ١٢ دولار في الساعة والناس تحتج ولا تقبل...


أما بدعة "راتب المواصلات" الذي لا يدخل ضمن الراتب...

لعن الله شاربها، وحاملها... لا ، ليس الخمرة... بل هذه البدع التي يمررها ما يسمي الاتحاد العمالي العام، وهيئة التنسيق، وصاحبنا القديم الجديد الذي فلق العالم بالحديث عن حيتان المال... حتى جاءت الظروف الموضوعية للثورة، فإذا هو وحزبه لا يلبون ابسط الشروط الذاتية لهذه الثورة...


جرى هذا منذ يومين، رغم كل التهريج على الشاشات وفي البرلمان والصحف عن حد أدنى جديد يساوي ثلاث اضعاف الحد الأدنى القديم...


الحديث عن مآسي الكثير من اللبنانيين الذين لا تسمح لهم كرامتهم بالظهور على الإعلام المقصر أحيانا كثيرة، والمتآمر في أحيان أكثر مع الطبقة الحاكمة في لبنان... 


اشتراك كهرباء ٦ امبير ب ١٦٠ دولارا... إما البراد، وإما سخان المياه التي تأتي بالسيترن...

تشغيل البراد وسخان المياه معا لا يمشي...

في المساء يجب إيقاف البراد والسخان معا، لأن الديجونكتير الصيني "يَتُك" ولا يستطيع المرء النزول ستة طوابق على الدرج لرفع هذا الديجونكتير كل مرة...

على الأقل، يجب الحفاظ على اللمبات...


١٦٠ دولار لمافيا المولدات المحمية من قبل مافيا السلطة لهكذا كهرباء... بينما في ألمانيا، وبعد الغلاء الفاحش بسبب الحرب الأوكرانية، يدفع بيت تريبليكس من ست غرف نوم وصالون وسفرة وحمامين مع "دفاية" صغيرة على الكهرباء زيادة على التدفئة المركزية بسبب البرد القارس... مع مطبخ كل شيء فيه على الكهرباء... كهرباء ٢٤ على ٢٤...

كل هذا، أقل من ١٥٠ دولارا في الشهر هذه الأيام، وكان ذلك أقل من ،١٢٠ دولار قبل الحرب الأوكرانية...

بعد مناقشة مهزلة مسرحية الكابيتال كونترول المتواصلة للسنة الثالثة على التوالي... وبنجاح كبير أيضاً... خرج النائب الجنرال جميل السيد يقول إن الاتجاه في قانون الكابيتال كونترول هو لتعيين الحرامي ناطورا على المقدرات...


في لبنان، منذ ما قبل تأسيس الكيان حتى، لم يكن الناطور يوماً إلا حرامي...

لم تكن السلطة غبية...

لم يكن جماعة ١٤ آذار، ولا جماعة ٨ آذار اغبياء...

كانوا لصوصا محترفين...

في لبنان، رياض سلامة ليس سوى الصورة الأكثر سطوعا...

نعم لو تم إقرار الكابيتال كونترول منذ اليوم الأول، منذ الساعة الأولى في السابع عشر من تشرين... لكان صغار المودعين ما دون ال ١٠٠,٠٠٠ ألف دولار أخذوا كامل مستحقاتهم على مدى ثلاثة أو أربعة أعوام وبالفريش دولار...

كان يكفي هذا لمنع الدولار من تجاوز سعر الخمسة أو سبعة آلاف ليرة للدولار...

لكن اللصوص في لبنان من السلطة السياسية والقضائية والمالية اختاروا طريقا آخرا...

اختاروا الاستمرار في السرقة، وتحويل هذه السرقات إلى الخارج...

يتساوى في هذا الجميع...


وحده ربما حزب الله كان يجلب المال بدل إخراجه...

أما لماذا تماشى مع الباقين!؟!؟

حتى اليوم لا جواب...

كيف يمكن ارتكاب تكتيكات خاطئة وفظيعة رغم وضوح مسار كل الأمور بهذا الشكل، ثم الاصرار على أن الستراتيجيا لا تزال هي هي... 

أحجية لن نعرف حلها إلا بعد أن نقع في الحيص، بيص...

                          حليم خاتون