فارس يمتطي صهوة حصانه ويصعد إلى السماء
فلسطين
فارس يمتطي صهوة حصانه ويصعد إلى السماء
طارق ناصر ابو بسام
20 كانون الأول 2022 , 22:12 م


صبيحة هذا اليوم الثلاثاء الموافق 20/12/2022، تواردت الانباء المؤلمة، العاجلة، عن خبر استشهاد البطل القائد المقاوم، ناصر ابو حميد، احد قادة كتائب شهداء الاقصى، الذي قضى في سجون الاحتلال اكثر من 30 عاما.

رحل المقاوم الفلسطيني ابو حميد، وسط صمت عربي وتخاذل فلسطيني...

رحل الذي أبى إلا ان يكون مقاوما من اجل الحرية، وإما شهيدا على طريق التحرير.

ناصر ابو حميد واحد من ابناء الشعب الفلسطيني ومقاوميه.

ناصر حمل البندقية وهو في عمر الورود، ايمانا منه بان البندقية والكفاح المسلح هما الطريق الى التحرير.

ناصر نذر نفسه للدفاع عن قضيته العادلة. وكرّس حياته من أجل فلسطين، وخاض المعارك في الساحات و الميادين .

كان مقاوما عنيدا في انتفاضة الحجارة، وقائدا مميزا الى جانب اخوته ورفاقه من فتح وبقية الفصائل الفلسطينية في انتفاضة الأقصى.

ناصر واصل معاركه في داخل السجون، كان ندا للعدو ولم ينكسر، بقي صامدا متحديا للعدو وسجانيه في اصعب الظروف.

ناصر تعرض لعدة محاولات لاغتياله نجا منها...

اخترقت الرصاصات جسده ولم تنل من إرادته وعقله وموقفه.

ناصر قال بعد اصابته بالسرطان، ارادوا قتلي وها هم يقتلون جسدي ببطء، لكنهم لن ينالوا من عزيمتي...

ناصر خاض معركته دون هوادة مع العدو، وفي مواجهة المرض اللعين حين اصيب بالسرطان.

ناصر لم ينحني او يساوم، وبقي رافعا رأسه وهو على فراش المرض وداخل سجون الظلام.

ناصر امتطى صهوة حصانه بكل كبرياء وصعد إلى السماء، خاصة ان الأرض لم تعد تتسع له

وهو من لم يصبر على الاحتلال ولم يقبل بوجود المنسقين و المتعاونين معه.

لقد نال منه المرض، بعد ان عجز الإحتلال عن النيل من عزيمته. وبقي متمسكا بإرادة صلبة لا تلين.

ناصر ابو حميد ادرك في الفترة الاخيرة انه على طريق الاستشهاد و اللحاق بمن سبقوه من الشهداء ووجه رسالة للشعب الفلسطيني بتاريخ 15/9/2022 خاطبهم فيها قائلا:

"انا اودع شعب بطل عظيم... حتى ألتحق بقافلة الشهداء... شهداء فلسطين، وجزء كبير منهم هم رفاق دربي، وانا سعيد بلقائهم، انا مؤمن بقضاء الله وقدره، ومؤمن بالطريق الذي اخترته ضد الإحتلال الظالم، انا ذاهب الى نهاية الطريق ولكنني مطمئن وواثق بانني اولا فلسطيني وافتخر، تاركا خلفي شعب عظيم لن ينسى قضيتي وقضية الأسرى. انحني اجلالا واكبارا لكل ابناء شعبنا الفلسطيني الصابر وانا اودع ومش زعلان".

نعم وجه رسالته هذه بعد ان ادرك ان السلطة والفصائل لا تستطيع ان تفعل شيئا سوى البيانات والمناشدات.

كم هي كلمات عظيمة من قائد وطني ومناضل عظيم.

نعم لقد خذلك الجميع يا ناصر

عندما اكتفوا ببيانات التنديد والمطالبة بإطلاق سراحك، وجميعهم يعلم ان هذا الطريق ليس مجديا مع العدو.

ان من يتحمل المسؤولية الأولى والعاشرة عن استشهادك هو العدو الصهيوني والمجتمع الدولي المنحاز

لصالح العدو ويتجاهل الوقوف امام ممارساته ومعاقبته.

ولكنني هنا، وبكل صراحة اقول ان السلطة والفصائل يتحملون المسؤولية أيضا، عندما فشلوا في اطلاق سراحك، وتأمين العلاج الطبي لك.

وللأسف أنت لست الأول ولن تكون الأخير.

لقد بات المطلوب اليوم، وقبل الغد، ان تقوم السلطة والفصائل بوضع استراتيجية جديدة في التعامل مع قضية الاسرى والعمل على تحريرهم بكل الطرق، ولا يجوز استمرار عملية الاستجداء من العدو وانما فرض ذلك فرضا كما حصل في مرات سابقة.

ولا يجوز ان يستمر جنود العدو ومستوطنوه يسرحون ويمرحون في الضفة الغربية آمنين... من حق شعبنا ان يسأل اين هي قوات الأمن الفلسطيني ورجال السلطة المدججين بالسلاح.

اليس باستطاعتهم اعتقال البعض من هؤلاء وفرض عملية التبادل

ادرك ان هناك اتفاقيات وتنسيق امني...الخ، يحول دون ذلك، ولكن السؤال الى متي يستمر ذلك.

لقد لاحظنا في الفترة الاخيرة، عند وقوع المجند الإسرائيلي وجثته في الأسر في ايدي ابطال جنين، كيف اقامت دولة العدو الدنيا ولم تقعدها من اجل استعادة الجثة، في الوقت الذي يتجند فيه الأمن الفلسطيني للعمل جاهدا من اجل اطلاق سراح أي شخص صهيوني يعتقله رجال المقاومة وتبدأ في ملاحقتهم من اجل ذلك. هل هكذا تقاد الثورة ويتم الدفاع عن الشعب!!!

وفي هذه المناسبة اتقدم بتحية الاعتزاز والتقدير لكل المقاومين وفي المقدمة منهم اسود العرين الذين اثبتوا ان هذا هو الطريق لمقاومة العدو.

و اتوجه بالتحية الى الأم الصابرة الصامدة ام الشهداء والأسرى...ام ناصر ابو حميد التي قدمت جميع أبنائها اما اسيرا او شهيدا

وأسأل القيادة والسلطة، اين هم أبناؤكم

اليس معيبا ان في نفس الوقت الذي تقدم هذه الأم وغيرها فلذات اكبادهن شهداء وأسرى نرى ابناء القادة في السلطة يسرحون ويمرحون في شوارع اوروبا وامريكا وحتى تل ابيب

يا سادة بلغ السيل الزبى... ما هكذا تتحرر فلسطين. لقد خدعتم انفسكم وخدعتم شعبكم عندما تصورتم اننا امام مشروع بناء دولة فلسطينية، و نسيتم اننا ما زلنا حركة تحرر وطني.

وفي هذه المناسبة لا بد من التاكيد على مجموعة من الدروس والاستخلاصات من تجربة الشهيد البطل.

1. عبّر الشهيد البطل من خلال مقاومته للعدو والمرض والسجن معا، ان شعبنا الفلسطيني يملك مخزونا هائلا من التضحية والصمود والعنفوان في مقاومة المحتل وهو لن يخضع وسوف يواصل النضال حتى التحرير الكامل

2. فشل سياسة القمع والقتل التي يمارسها العدو بحق شعبنا يوميا في فرض إرادته على الشعب الفلسطيني وتركيعه وما تشهده فلسطين اليوم من تصاعد في المد النضالي الا دليل على ذلك.

3. عجز العالم ومؤسساته الدولية ومنظمات حقوق الانسان والصليب الأحمر عن اجبار العدو على اطلاق سراح الأسرى او البعض منهم او تامين العلاج للمرضى منهم، ولم تمارس هذه المنظمات اية ضغوط جدية على الإحتلال من اجل إجباره على ذلك. وهنا، ربما كان الأصح أن نتكلم عن تواطؤ ونفاق وكيل بمكيالين عن معالجة قضايا تتعلق بجرائم الاحتلال الصهيوني ودوسه على كل الأعراف والقوانين وحقوق الانسان.

4. عجز السلطة وفشلها في اعتبار هذه القضية تتقدم سلم أولوياتها. وعدم القدرة على تحقيق اي انجاز على هذا الصعيد، وهنا لا أستطيع ان اعفي الفصائل من العجز عن القيام بذلك

هل يعقل ان يبقى كريم يونس في السجن لمدة اربعين عاما وغيره لمدد تزيد عن الثلاثين

اين انتم يا سادة ويا زعماء و يا قادة

ماذا فعلتم

في ظل ما حصل مع الأسير ابو حميد وصالح ابو مخ و الشهداء اللذين ارتقوا في الاسر لم يعد اليوم مجديا رفع الصوت في الخطابات والمهرجانات واصدار البيانات، المطلوب خطوات عملية

وكما قيل في ماضي الزمان خطوة عملية واحدة خير من مئات المهرجانات والبيانات والخطب

وختاما اتوجه للسيدة المناضلة المرابطة الصابرة ام الشهيد ناصر ومن خلالها الى اسرة ناصر وعائلته وأصدقائه ومحبيه ولكافة ابناء شعبنا الفلسطيني بخالص العزاء وعظيم المواساة

ناصر بصموده وعنفوانه ومقاومته واستشهاده قرع الجرس ودق جدران الخزان

هل من مستجيب !!!

لك ولكل الشهداء الرحمة يا ناصر... ومنا العهد على الإستمرار والوفاء

طارق ناصر ابو بسام

براغ.. 20/12/2022

المصدر: موقع إضاءات الإخباري