كتب الأستاذ محمد النوباني,,
مع تشكيل حكومة اليمين الفاشي في الكيان الإسرائيلي عاد إلى الواجهة مجدداً الحديث عن مساهمة الإمارات العربية المتحدة في تمويل أخطر مشروع استيطاني يستهدف تهويد مدينة القدس المحتلة والقضاء على طابعها العربي والإسلامي وهو مشروع "وادي السيلكون" الذي سبق لي ان تحدثت عن ماهيته وابعاده في مقالة سابقة نشرتها في عدة صحف فلسطينية وعربية في اكتوبر تشرين اول من العام ٢٠٢٠.
وعود على بدء فقد كان واضحاً لكل ذي بصيرة منذ الإعلان عن التوصل إلى إتفاق "ابراهام" بين إسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة، في ١٥ أيلول سبتمبر عام ٢٠٢٠ بأن ما بجري الحديث عنه هو ابعد من إتفاق لإقامة علاقات دبلوماسية وتبادل سفراء ويصل إلى عقد تحالف عسكري وإقتصادي بين الكيانين بما يشمل توسيع الدور الوظيفي للإمارات ليصل إلى حد المساهمة العملية في تصفية القضية الفلسطينية.
وهذا الدور يشكل امتداداً لما قامت به الإمارات من تمكين لإسرائيل من السيطرة على بعض الجزر اليمنية الواقعة على البحر الأحمر.
ولكي نفصل اكثر فإن الامارات قد مكنت إسرائيل من السيطرة على جزيرة سوقطرة اليمنية ومكنتها ايضاًمن تعزيز تواجدها العسكري في المناطق التي سيطرت عليها الإمارات من اليمن.
ولن يكون مستغربا ايضا إن رأينا في المستقبل تجليات لتعاون امني وعسكري ببن الإمارات واسرائيل قد يصل ليس إلى حد المشاركة في مناورات عسكريةفقط بل في حروب وعمليات عسكرية مشتركة ايضاً ضد اطراف أخرى في محور المقاومة بالمنطقة.
وقد سبق لي أن نوهت في مقالة سابقة إلى أن الأمارات سوف سوف تلعب دوراً في إنعاش الإقتصاد الاسرائيلي وإخراجه من الازمة البنيوية التي دخل فيها جراء جائحة كورونا وفي تمكين إسرائبل من إنجاز مشاريع تهويدية بتمويل إماراتي.
وفي هذا الإطار فإن لم استغرب ولم تصيبني الدهشة حينما إستمعت إلى نائبة رئيس بلدية القدس المحتلة الصهيونية”ميلر ناحوم” في شهر اكتوبر من العام ٢٠٢٠ وهي تعلن عن أن الامارات تعتزم إنشاء مدينة صناعية ضخمة شرقي القدس تحت إسم ” وادي السيليكون” تحاكي “سيليكون فالي” للتكنولوجيا بمدينة لوس انجلوس الامريكية والتي ستشتمل على إقامة فنادق بتكنولوجيا فائقة الدقة في محيط مستوطنات اسرائيلية”بهدف توفير فرص عمل ذات جودة عالية”حسب قولها”.
وبحسب ما هو متوفر من معلومات فإن المشروع سيقام على انقاض منطقة كراجات وادي الجوز الفلسطينية والتي تبلغ مساحتها 250 الف متر مربع وذلك بعد هدمها وتشريد اصحابها وحرمانهم من مصدر دخلهم الوحيد.
وهذا المشروع التهويدي الذي ستشارك بتمويله الإمارات بتكلفة 600 مليون دولار الهدف ألحقيقي منه هو استكمال تهويد مدينة القدس المحتلة وتغيير طابعها العربي والإسلامي. وكان موقع”Makorrishon” الصهيوني قد كشف النقاب عن أن نائبة رئيس بلدية القدس وهي المسؤولة عن العلاقات الخارجية والتنمية الإقتصادية الدولية وملف السياحة في القدس سافرت إلى الإمارات العربية ألمتحدة مؤخراً لإستكشاف خيارات التعاون والتمكن من جمع المستثمرين لإنشاء حديقة عالية التقنية في القدس،وعلى ما يبدو بانها عادت بإتفاقية التمويل.
على ضوء ما تقدم فإن تمويل الإمارات لهذا المشروع التهويدي الخطير هو مساهمة فعلية من قبل الإمارات في التآمر مع امريكا واسرائيل على القضية الفلسطينية،ومن أجل تصفيتها وليس من أجل إستخدام نفوذها لمنع إسرائيل من ضم الضفة الغربية كما ادعت حينما وقعت على إتفاق "ابراهام" مع الكيان الإسرائيلي.