لبنان أل10452كم٢، بجغرافيتهِ الصغيرة ،لَعِبَ على مدى التاريخ أدواراً مهمةفي إدارةأزمات جيرانه وأصدقائه وإخوانه العرب؛ودائماً، كان وطن الأرز الذي يضم تحت جناحيه 18 طائفة متميزاًبحضارته وثقافته، وحضوره بين باقي دُوَل العالم.
بدأت أحوال لبنان السياسية تتبدَل وتتغير، عندما دخلَ آل الجميِّل عالَمَ السياسة عام 1936، وحصلوا على موطئ قدم في الحكومة والبرلمان، عام 1968، بعد تحالفهم مع كميل نمر شمعون، إذ توسع نفوذهم الداخلي، نتيجةَ ارتباطاتٍ خارجية، وبدأواتدريباً عسكرياً وتسلُحاً، تحضيراً لتنفيذ مشروعهم الجديد،ألا وهو طرد الفلسطينيين والمسلمين اللبنانيين، من مناطق كانتوناتهم، لِإقامة دولتهم الخاصة بهم.
في 13 نيسان عام 1975، فجَّرَ حزبا "الكتائب" و"الوطنيين الأحرار"، فجّرا لبنان، من خلال عملية إجرامية، أطلقوا خلالها النار على "بوسطة عين الرمانة" التي كانت تُقِل فدائيين فلسطينيين عائدين من حتفال خاص بهم،فانفجر لبنان، بأبشع حرب طائفية قادها آل الجميِّل وشمعون، بوجه المسلمين بشكل عام،و حصدت عشرات آلاف الارواح البريئة، على مستوى الوطن بأكمله.
وثم جاءوا بالِاحتلال الإسرائيلي، عام 1982، حيث مازلنانعاني من مضاعفات الأمر لغاية اليوم، في العام 2023.
لبنان المنقسم على نفسه طائفياِ ومذهبياً ومناطقياً، 70٪ من سكانه أصبحواتحت خَط الفقر،حيث لاكهرباء ولادواءولامياه نظيفةولاطبابة،في ظلِّ انحدازٍ في قيمة الليرة، إلى ما دون الحضيض، وبات اللبنانيون يسألون: متى تُصبح لدينا دولةٌ قويةٌ، تحمي الشعبَ، وتسترِدُّ أمواله المنهوبة، وتحاسب الفاسدين؟
هل لا يحق لنا أن نحاسب فاسداً ومجرماً،ومتسببون بماوصل إليه لبنان من مصائب؟ بينما الفاتيكان حاسب الأموات، بعد موتهم بقرون!!في حادثة مُوَثّقَةٍفريدةٍمن نوعهاعام897ميلادية، أمر البابا "ستيفان السادس"بنبش قبر البابا السابق "فورموسوس"، وإخراج بقايا جثته منهُ، بهدف إخضاعه للمساءلةِ حول عدد من القضايا التي شهدتها فترة حبَريّتِه.
و إثرصدورأوامرالباباستيفان السادس، تم نبش قبر البابا فورموسوس ليُستَخرَجَ عقب ذلك، ما تبقى من عظامه،ثم ألبسواالجثةَاللباسَ البابوي ووضعت على كرسي المتهمين.
وطيلة فترة المحاكمة، وجّه المدعي تُهَما عديدةً لجثة البابا فورموسوس، التي تم تثبيتها بشكل جيد إلى كرسي خشبي.
وقد أدينت جثة البابا فورموسوس بكل التُّهم الموجهةِ إليها، والتي تراوحت أساسا، بين مخالفة القانون وسوء استخدام السلطة، ليصدر ،عقب ذلك، حكم نهائي تم من خلاله تجريد الجثة من ثيابها البابوية، قبل أن تُقطَعَ ثلاثةُ أصابعَ من يدها اليمنى(الأصابع التي اعتمدهاالبابافورموسوس"للمباركة")، ثم تم إلقاء ما تبقى من الجثة، في نهر التايبر ،كعقوبة له على ما فعل؛ و فضلاً عن كل هذا، وتزامنا مع صدور الحكم الغريب، أمرت المحكمة بإلغاء جميع القرارات التي كان البابا فورموسوس قد اتخذها خلال فترة حبريته.
إذاًلماذا لا نحاكم،ولا نحاسب،طالما وُجِدت لدينا أدِلّةٌ، وبين أيدينا أحياءٌ خونةٌ ومجرمون وقدحوكم الأموات؟!!
لماذا لا يشكل لبنان محكمة، لمحاكمة هؤلاء، على كافة المجازرالتي ارتكبوها، من مخيم ضْبَيَّهْ، مروراً بحارة الغوارنة، وتل الزعتر، والكرنتينا، وبرج حمود، والنبعة، والسبت الأسود، إلى كفرمتى وخطف الآلاف، عن طريق الأوزاعي وطريق الساحل وذبحهم في احراش المشرفة والناعمة، ناهيكَ عن سرقة المال العام وسمسرتهم في صفقة طائرات البوما.
فلتُقطَعْ أصابعُ مَن قَبِلَ هديةَ أرييل شارون(بندقية عوزي)، واعترف على الهواء، عبر قناة الجزيرة، بهذا العار،
ولْيُحاسبْ كلُّ مَن ارتكب مثل هذه الفظاعات، وهو حي وليس بعد موته.
نحن لا نطالب بمحاسبة الأموات،وإنما الأحياءُ الذين دفعوا بلبنان نحو الحقد والكراهيَّةِ بين سكانه.
لبنان،ياسادة،لن يستقيم إلاإذا أصبحت فيه سلطةٌ قويةٌ تُحاكِمُ الأقوياء.



