عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
"خزان صافر" هو أكبر قنبلة بيئية في العالم، فجسم الناقلة متآكل ولم تتم صيانته منذ بدء العدوان في 26 آذار/ مارس 2015 وهو يحوي في باطنه على حوالي 1.140 مليون برميل نفط. إن تسرب النفط من الخزان صافر متوقع في أية لحظة نتيجة لحالة الخزان المتآكلة، أو نتيجة خطأ أو إستهداف مباشر أو عرضي من دول تحالف العدوان. وستنعدم الحياة الحياة البحرية في منطقة البحر الأحمر وقناة السويس وخليج عدن وستتوقف حركة التجارة العالمية في المناطق المذكورة؛ وستكون كلفة إزالة التلوث ملايين أضعاف كلفة تفريغ الخزان "صافر" من النفط. وحتى اليوم لا نسمع من الأمم المتحدة سوى الأقوال ولم نلمس أي من الأفعال لتزيل الخطر الذي يطال البلدان المتشاطئة مع اليمن، وتجارة العالم بأجمعه وليس في اليمن فقط. ولو قام عامل يمنيي واحد بتفريغ النفط يدويًا وبمعدل 5 براميل يوميًا لأنتهى من تفريغ صافر.
وهذه عينة من تصريحات الأمم المتحدة:-
ففي أيلول/سبتمبر 2021، "أصدرت الإدارة العليا للأمم المتحدة تعليمات إلى منسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن، السيد ديفيد جريسلي، لقيادة الجهود على مستوى منظومة الأمم المتحدة بشأن وضع آلية آمنة للتعامل مع الخزان صافر وتنسيق خطط الطوارئ في حالة حدوث تسرب نفطي. جاء ذلك استمرارِا لجهودٍ سابقة للتصدي لهذا التهديد بشكل آمن في بيئة تحكمها صراعات شديدة التسييس.
وبعد شهور من المناقشات مع جميع أصحاب المصلحة والمعنيين، أصدرت الأمم المتحدة خطة تشغيلية منسقة لمواجهة هذا التهديد. وشاركت الأمم المتحدة بشكل وثيق مع الحكومة اليمنية في عدن على ضمان توفير الغطاء والدعم للمبادرة.
كما أولت السلطات في صنعاء، والتي تسيطر على المنطقة التي توجد بها السفينة، دعمها أيضاً، ووقعت مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة بهذا الخصوص في 5 آذار/مارس 2022. وتضع مذكرة التفاهم إطارًا للتعاون تلتزم بموجبه سلطات صنعاء بتسهيل إنجاح المشروع. وتتكون الخطة من مسارين هامين:
1- تشغيل ناقلة بديلة لتخزين النفط المنقول من صافر لمدة 18 شهرًا في خطة طويلة الأمد للتعامل مع مخزون الخزان.
2- التعامل مع الحالة الحرجة للخزان صافر عن طريق نقل النفط إلى سفينة مؤقتة آمنة لمدة أربعة شهور.
وفي 6 آذار/مارس 2022، نظمت الأمم المتحدة عن طريق بعثتها إلى مدينة الحديدة ومحطة رأس عيسى، بالقرب من صافر، جلسة لمناقشة الاقتراح مع السلطات المحلية، والتي أكدت بدورها دعمها للخطة. فيما شدد الخبراء والفنيون في البعثة على خطر وقوع كارثة في أي وقت.
وفي11 آيار/مايو 2022 أعلنت الأمم المتحدة وحكومة هولندا "الحصول على 33 مليون دولار لدعم تنفيذ خطتها التشغيلية المنسقة الرامية للتصدي للتهديد الذي يشكله خزان النفط العائم في البحر الأحمر".
وعقدت الأمم المتحدة وحكومة هولندا في نفس التاريخ أعلاه في لاهاي مؤتمرا لجمع التبرعات اللازمة للتصدي لخطر انسكاب نفطي من الخزان العائم.
في رسالة مصورة إلى المؤتمر، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن تقديره ودعمه للجهود المبذولة لمنع وقوع كارثة بيئية وإنسانية قبالة سواحل اليمن.
كما أعرب عن شكره لهولندا على المشاركة في استضافة الفعالية.
وأشار بيان مشترك صادر عن الأمم المتحدة وحكومة هولندا أن المؤتمر يمثل بداية الجهود الرامية إلى جمع 144 مليون دولار التي تتطلبها الخطة، بما في ذلك 80 مليون دولار لتنفيذ العملية الطارئة وتركيب السفينة البديلة المؤقتة."
وفي 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2022 حصل تسويف أممي جديد للبدء في معالجةَ مسألة خزان صافر حتى يتسنى للأمم المتحدة أن تجمع أكبر مقدار من التبرعات وبما يزبد عن تكلفة تفريغ الخزان بأضعاف مضاعفة. فأعلنت الأمم المتحدة أنها ستبدأ في تفريغ خزان صافر النفطي العائم قبالة سواحل الحديدة، غربي اليمن، مطلع العام 2023.
وجاء ذلك على لسان المنسق الأممي في اليمن، ديفيد غريسلي، خلال لقائه وزير النقل في الحكومة اليمنية، عبد السلام حُميد، بالعاصمة المؤقتة عدن، وفق وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ".
وقال ديفيد إن "العمل الميداني لتفريغ الخزان صافر سيبدأ في الربع الأول من العام القادم 2023، وسيستغرق 4 أشهر"، حسب ما هو معد للخطة الأممية.
فلنراجع سويًا ما تقوله الأمم المتحدة عن وضع صافر:- "يرسو الخزان العائم "صافر" قبالة شواطئ اليمن في ساحل البحر الأحمر. والخزان عبارة عن ناقلة نفط عملاقة ومتهالكة، معرضة للإنهيار أو الإنفجار في أي لحظة إذا لم يبدأ العالم بالتحرك للعمل على تفادي هذه الكارثة. وأعلنت الأمم المتحدة عن إستعدادها لتنفيذ عملية انقاذ طارئة لمنع وقوع الكارثة، ولكن، وبسبب ضعف التمويل، فقد تأجل نقل النفط من الخزان المتهالك إلى سفينة آمنة. ولسد فجوة التمويل وبدء عملية الانقاذ الطارئة، طالبت الأمم المتحدة من عامة الجمهور المساهمة والتبرع لجمع التمويل الكافي للحملة".
إن تحركات الأمم المتحدة البطيئة جدًا والتى أجلّتها "بسبب ضعف التمويل" هو سب غير مقنع وغير واقعي فالأمم المتحدة قد جمعت حوالي 75 مليون دولار حتى شهر حزيران 2022.
وقد أخذت الأمم القرار بتأجيل نقل النفط من" الخزان المتهالك" بحسب وصفها إلى سفينة آمنة. وهذا عذر اقبح من ذنب
ففي الحقيقة إن تكلفة تفريغ الخزان "صافر" إلى ناقلة نفط لا يحتاج أكثر َمن بضعة عشرات الآلاف من الدولارات التي بحوزتها.
ولقد وضعت الأمم المتحدة نفسها موضع الريبة والشك؛ وهي أدانت نفسها بنفسها من خلال تصريحاتها المتناقضة.
فالأمم المتحدة قد "أجلَّت" كما قالت تنفيذ "خطة طارئة" لنقل النفط من "الخزان المتهالك" بحسب وصفها بذريعة غير مقنعة. وبالتالي باتت الأمم المتحدة مسؤولة عن كافة النتائج التي ستنجم عن الوضع الكارثي لخزان "صافر" المتهالك وغير المستقر.
فالخطر المتصاعد من وضع صافر يتسارع بسرعة الطائرة حتى لا نبالغ، بينما الأمم المتحدة التي أقرَّت بخطورة الوضع لا تزال تسير بخطوات السلحفاة. وهذان نقيضان لا يجتمعان، ويثيران الشك والريبة. وعليها التصرف بسرعة البرق لتعوض عن الوقت الذي أضاعته حتى لا تندم لحظة لا ينفع الندم.
وإن غدًا لناظره قريب
04 شباط/فبراير 2023