عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
النتائج الكارثية للزلزال الذي أصاب تركيا وسوريا لم تحرك مشاعر الإنسانية في الضمير الغائب لأمريكا العنصرية بإمتياز.
فقد أعلنت السلطات التركية والسورية ومنظمات الدفاع المدني عن ارتفاع أعداد القتلى إلى 4372 شخصا على الأقل إثر الزلزال بقوة 7.8 درجة الذي ضرب البلدين، فجر الاثنين، فيما بلغ عدد المصابين 19365 شخصا. ولم تذكر وكالات الأنباء عدد الذين باتوا بدون مأوى بعد تدمير الزلزال لأكثر من 2500 منزل في كلا البلدين في ظروف مناخية قاسية جدًا نتيجة لتأثر المنطقة بمنخفض قطبي.
وبالرغم من حجم الكارثة وأرقام الضحايا وارقام الناجين الذين باتوا دون مأوى؛ فقد أصدرت الخارجية الأمريكية تصريحًا تفوح منه رائحة العنصرية النتنة ضد الشعب السوري. ويعتبر هذا التصريح المقتضب أمر عمليات للدول التابعة لسياسة أمريكا بعدم تقديم المساعدات عبر مطاري دمشق وحلب .
فقالت وزارة الخارجية الأميركية: "المعابر الإنسانية إلى سوريا يجب أن تظل مفتوحة أمام حركة المنظمات الأهلية عبر الحدود".
إن الحقد الأمريكي الدفين والعنصرية البغيضة تجلًت في كل كلمة من بيان الخارجية الأمريكية الذي حصر المساعدات الإنسانية أمام هول الكارثة بالجمعيات الأهلية وعبر الحدود فقط؛ فتلقى مصير المساعدات الإيرانية التي عبرت" الحدود" بشكل رسمي أواخر الشهر الماضي عبر "معبر البوكمال".
ويعتبر البيان تحذيرًا للدول التي ستقدم المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري عبر مطاري دمشق وحلب.
فأمريكا أثبتت من خلال بيانها بأنها على نقيض مع مبادئ الإنسانية والعدالة والمساواة وهي رمز بارز للعنصرية ضد الشعب السوري في القرن الواحد والعشرين.
وعلى أمريكا أن تتذكر بأن الإنسانية لا يمكن تسييسها وعليها أن تأخذ الدروس في هذا المجال من رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلَّم، وإمام المتقين وأمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم : "الخلق كلهم عيال الله فأحبهم إلى الله عزَّ وجلَّ أنفعهم لعياله“. فقد شمل نبي الله الخلق كلهم دون تمييز.
وقال الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام: "الناس صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق". هذه المقولة المشهورة التي خلدَّها التاريخ هي مقطع من عهد أرسلهُ الإمام علي عليه السلام إلى مالك الأشتر النخعي حينما ولَّاه على مصر.
وأعتقد أن أغلبكم سمع بهذه المقولة وربّما الكثير منكم تحدثَ بها أيضاً. فهذه الإنسانية والعدل والمساواة لم تظهر في زمن الإسلام الموحد الواحد، بل جاءت في زمن الإسلام ذي المذاهب والأفكار والطوائف، ورغم ذلك، فأمير المؤمنين عليه السلام يسميهم رغم خلافهم معه، واختلافهم الواضح لمنهاجه وأفكاره ومعتقداته، "إخوة"، نعم إخوة الدين. يتكلم الإمام علي عليه السلام بالمنهاج العام دون الخاص، وهو يعطي لكل إنسان حقه في الاختيار، حيث لا إكراه في الدين، فلا خطاب طائفي محرض، ولا عداء مسبق، ولا سم يتخلخل بين الكلمات ككلمات بيان وزارة الخارجية الأمريكية.
فعلى أمريكا أن تتعلم من الإسلام الذي طبَّق أسس الإنسانية والعدل والمساواة والتسامح وإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم قبل 1444 عام.
وإن غدًا لناظره قريب
07 شباط/ فبراير 2023