كتب الأستاذ حليم خاتون,,
لا قانون الكابيتال كونترول الذي تسعى منظومة النهب في لبنان الى تطبيقه في جلسة الخميس المقبل، هو كونترول لهذا الكابيتال كما يجب...
ولا تعبير "تشريع الضرورة" الذي سوف يمرر هذا القانون، هو ضرورة للناس بقدر ما صار ضرورة للفرع المالي لهذه المنظومة الذي يهدد بتفجير الهيكل على رؤوس كل فروع اهل النظام...
بعد شعار قدسية الودائع الذي "فلقت" كل الأحزاب "سمانا" به، ها هي الطبقة الحاكمة في لبنان تحيك قناعا جديدا تطلق عليه إسم قانون الكابيتال كونترول الذي سوف يعطي صك براءة للمصارف على كل ما مارسته من موبقات طيلة السنين السابقة...
قانون كابيتال كونترول حيث لا يوجد كابيتال بعد عمليات النهب والتهريب، وحيث يطال الكونترول فقط المودعين غير المحظيين تحت مظلة أهل هذا النظام...
قانون اسمه كابيتال كونترول بالشكل، لكن المضمون الأساسي الوحيد في هذا القانون الذي سوف يصدر في جلسة تشريع الضرورة هو تشريع سرقة أموال اللبنانيين مع مفعول رجعي...
فجأة، ومع سحر ساحر، غيرت جمعية المصارف رأيها في ضرورة وضع قانون الكابيتال كونترول...
انقلب موقف الجمعية، كما انقلب موقف وزير المال، ممثل الثنائي الشيعي؛ كما انقلب موقف رياض سلامة، كذلك انقلب موقف مجلس النواب ورئيسه من عدم الموافقة على قانون الكابيتال كونترول بعيد أحداث ١٧ تشرين...
فجأة، راح الكل يطالب بهذا القانون ولو عبر الدعوة إلى جلسة تشريع ضرورة ما لا ضرورة له...
١٨٠ درجة انقلبت مواقف كل الأحزاب الممثلة في لجنة المال والموازنة... "كلهن يعني كلهن"...
ابراهيم كنعان الذي رفض فرض قانون الكابيتال كونترول بعيد انتفاضة ١٧ تشرين التي تم إجهاضها من قبل كل الأحزاب الموجودو في الحكومة يومها، أو تلك التي تلبس قناع المعارضة وهي بنفس سوء الموالاة إن لم يكن أكثر سوءاً...
ابراهيم كنعان هذا، لا يمثل نفسه فقط؛ بل هو يمثل ميشال عون وجبران باسيل...
أكثر من سنتين، اجتمعت لجنة المال والموازنة لإدخال تعديلات على قانون الكابيتال كونترول حتى أصبح هيكلاً عظميا دون لحم ودم شحم...
وزير المال في حكومة حسان دياب، غازي وزني الذي سحب المشروع عن طاولة البحث في الحكومة ورفض تطبيقه لم يكن يمثل نفسه بقدر ما كان يتلقى الأوامر من حركة أمل والرئيس نبيه بري تحديداً...
الدكتور علي فياض ساهم "بتحفظ" سخيف لا يُشبِع ولا يغني عن جوع يمثل حزب الله شحما ولحما طالما أن الحزب زكاه لإعادة الإنتخاب...
كذلك مرشح الرئاسة ميشال معوض الذي كان عضوا في لجنة الموازنة هذه، وكذلك ممثلو القوات والكتائب وغيرهم...
كل هؤلاء أفرغوا قانون الكابيتال كونترول من مضمونه ثم جاؤوا من أجل تمريره تحت بند تشريع الضرورة...
بعد أكثر من سنتين من التمييع حتى اكتمل تحويل أكثر من سبعة مليارات دولار إلى الخارج لصالح أصحاب المصارف ورؤساء الأحزاب وكبار الشخصيات السياسية وهيئات الوقف الديني... استفاق هؤلاء على وجوب فرض قانون أجوف لذر الرماد في العيون...
بعد أكثر من سنتين ونصف من الدعم الشعبوي الذي أطاح بحوالي ٢٣ مليار دولار، حيث ذهب هذا الدعم إلى جيوب كبار شركات الاستيراد التي تتبع لكل أحزاب أهل النظام... بعد هذا، استفاق مجلس النواب على ضرورة فرض قانون الكابيتال كونترول...
بل يذهب الكاتب الاقتصادي علي نور الدين إلى القول إن تهريب الاموال لم يجر فقط من حسابات هؤلاء داخل المصارف؛ بل جرى حتى جلب أموال كاش مطبوعة من قبل المصرف المركزي واستبدالها بدولارات المودعين الموجودة في المصارف على سعر ١٥٠٧ ليرات للدولار، ومن ثم تهريبها إلى الخارج...
قد لا يُعجَب المرء برياض قبيسي؛ لكن شيطنة قبيسي، كما شيطنة آدم شمس الدين، كما شيطنة شاشة الجديد... كل هذا يخدم أحياناً كثيرة أهل نظام النهب والتهريب... دون تبرئة هؤلاء أو إعطائهم صكوك براءة...
يوم الخميس القادم سوف يذهب الجميع مثل الصيصان الشاطرين لإكمال النصاب وتمرير هذا القانون الأجوف...
مجلس النواب عندنا في لبنان، هو مجموعة من المنافقين...
لن يتم نقل الجلسة على الهواء...
حتى إذا نُقلت هذه الجلسة، لن يعرف الناس من أيد ومن عارض...
قد يكون نائب الصدفة مارك ضو عميلاً يسعى لتجريد لبنان من قوته ومناعته عبر المطالبة بسحب سلاح المقاومة...
لكن في مسألة تمرير هذا القانون الأجوف يتميز مارك ضو عمن ينطق باسم الشعب والناس ثم يمرر لهم هذا الخازوق...
نفس توصيف العمالة سوف ينطبق على كل من سوف يقر قانونا يغطي النهب الذي حصل حتى وإن كانت الحجة هي الاستجابة لمطالب جمعية المصارف هي من أجل فك الإضراب كي تسير عجلة الدولة...
جمعية المصارف تنوي البدء بإضراب مفتوح من أجل الضغط لإقرار هذا القانون الذي يغطي كل ما ارتكبه أعضاء هذه الجمعية من موبقات...
لو كان في المجلس النيابي رجال...
لو كان في القضاء رجال...
لوجب إعلان عدم شرعية هذا الإضراب فوراً وتأميم هذه المصارف ومصادرة كل أملاك أصحابها وكل أملاك أعضاء مجالس الإدارة وكبار المديرين تحت بند الخيانة العظمى، وتهديد وجود الدولة...
في هذه الحالة لن يكون لبنان إستثناء...
منذ بضعة سنين أعلن سائقو القطارات في المانيا الإضراب عن العمل...
في ألمانيا تشكل شبكة القطارات شريان المواصلات الأساسي للاقتصاد...
تقدمت شركة القطارات بشكوى إلى القضاء الذي قرر أن الإضراب غير شرعي بعد مداولات تبين فيها إن مطالب السائقين مبالغ فيها، وتفوق قدرة الشركة وسوف تؤدي إلى الإفلاس...
نفس الأمر يمكن تطبيقه على كافة المصارف من أجل إجبار الموظفين على متابعة العمل والذهاب أبعد من ذلك عبر البدء فورا بمحاكمة أصحاب هذه المصارف على كل ما ارتكب بحق مدخرات اللبنانيين...
لكن هذا يتطلب وجود رجال عندهم "ركاب"، ويتمتعون بنظافة الكف، ونظافة الضمير في بلد لا حياة فيه لمن تنادي...
حليم خاتون