عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
*لقد وصل سعر صرف الدولار في الأسواق الموازية إلى رقم قياسي اليوم فبلغ ال80 ألف ليرة ومن المتوقع أن يتخطاه. وفي ظل غياب أي معالجة رسمية جدية وتفرج المسؤوليين على الوضع. فقد يواصل الدولار إرتفاعه في ظل إرتفاع الطلب عليه بشكل مشبوه مهما بلغ سعره.*
*توقعت أن تعلن الحكومة عن إنشاء لجنة طوارئ مالية بدلَا من ترك الأمور على تعاميم والهندسات المالية للحاكم بأمره التي فشلت بشكل ذريع، وأوصلتنا إلى هذا الوضع الخطير جدًا الذي بات يهدد الأمن الإقتصادي والمالي والإجتماعي. ويجب َوضع حلول إستثنائة لمنع الإنفجار.*
*أثبتت أحداث 17 تشرين 2019 التدخل الاجنبي العام والأمريكي بشكل خاص. حيث أصدر مدير الجامعة الأمريكية في لبنان الدكتور فضلو خوري البيان رقم واحد من السينما البيضاوية في ساحة الشهداء. وبدأ سعر الدولار بالإرتفاع، وكثّفت المصارف تهريب الأموال إلى الخارج. ويمكننا إعتبار 17 تشرين بداية إنهيار الظام المالي اللبناني. ولمن خانته الذاكرة أرجو الإطلاع على رابط جريدة الأخبار:-*
*https://al-akhbar.com/Politics/295282*
*ونتيجة لتطور الأحداث وتَفَلُت المصارف من كل ضابطة أخلاقية وإنسانية إمتثالًا للضغوط الخارجية ضاربين بعرض الحائط مصلحة لبنان العليا ومن أعمالهم إقفال ابواب المصارف وبعض ماكينات الصرف لمدة 12 يوما، والإمتناع عن دفع الودائع لأصحابها.*
*وبينما كانَت الأنظار شاخصة الى الموقِف اللبناني الرسمي المُتوقّع إعلانه فيما خصّ سندات «اليوروبوند»، ذُهِلت البلاد يوم الخَميس 05 آذار/ مارس 2020 بقرار غير مسبوق للنائِب العام المالي القاضي علي إبراهيم، قضى بوضع إشارة «منع تصرف» على أصول 20 مصرفاً لبنانياً، وإبلاغه الى المديرية العامة للشؤون العقارية وأمانة السجلّ التجاري وهيئة إدارة السير والآليات وحاكمية مصرف لبنان وجمعية المصارف وهيئة الأسواق المالية، مع تعميم منع التصرف على أملاك رؤساء مجالس إدارة هذه المصارف."*
*أحدث هذا القرار إرباكًا كبيرًا في الأوساط الرئاسية والسياسية العليا ونجم عنه حركة بسرعة البرق بين أروقة كبار السياسيين للدفاع عن دولة المصارف؛ ولم تدوم فرحة أصحاب الودائع حتى صباح اليوم التالي. وآمل التركيز على كل كلمة من حيثيات القرار الذي اتخذه المدعي العام التمييزي بغض النظر عن التحركات والضغوط السياسية ولقائه مع جمعية المصارف عشية إصدار القرار.*
*وسأختصر الأحداث التي سبقت إصدار القرار بالفقرة التالية :- "قالت مصادر قضائية لـ «الأخبار» أن رئيس الحكومة حسان دياب استدعى عويدات، وأبلغه بأنه «بعد قرار المدعي العام المالي، بدأت المصارف العالمية بإخراجنا من النظام المالي العالمي، وهذا القرار يجِب التراجع عنه». لكن مصادر حكومية أكّدت لـ«الأخبار» أن دياب قال لمدعي عام التمييز إن «القرار فيه ثغرة قانونية يجب معالجتها، بشكل يمنع الحجز على أموال المودعين أو أصول المصارف خارِج لبنان، طالباً منه تعديل القرار وفقَ هذه المعطيات لا إلغاءه أو التراجع عنه».*
*وقبلَ دقائق من إصدار القاضي عويدات قراراً بتجميد قرار إبراهيم ومفاعيله، بعدَ لقاء جَمَعَه مع وفد من الجمعية. وفي بيان له، قال عويدات إن «التدبير المتخذ من النائب العام المالي بمعزل عن صوابيته أو عدمه هو تدبير إداري موقت يمكن الرجوع عنه أو تجميده متى أصبحت المصلحة الوطنية مهدّدة»، مشيراً إلى أن «الاستمرار بتدبير كهذا من شأنه إدخال البلد وقطاعاته النقدية والمالية والاقتصادية في الفوضى، ومن شأنه إرباك الجهات المعنية بدراسة سبل الحلول والسيناريوات المالية التي هي قيد الإعداد لمواجهة الأزمة التي تمرّ بها البلاد». وقال عويدات «وردنا من مصادر موثوقة أن السلطات المالية الدولية تنوي وباشرت في إيقاف التعامل مع المصارف والهيئات المالية اللبنانية وفرضت ضمانات للعمل معها، لذا قرّرنا تجميد القرار المتخذ ومفاعيله إلى حين درس تأثيره على النقد الوطني وعلى المعاملات المصرفية وعلى أموال المودعين وعلى الأمن الاقتصادي».*
*وأعتبرت دولة المصارف َ إنها إنتصرت على الدولة اللبنانية بفضل ضغط السياسيين وأنها بعيدة عن كل محاسبة. وتفلتت من كل رقابة فهرّبت ما تبقى من أموال المودعين إلى الخارج. الأمر الذي أدى إلى إرتفاع سعر الدولار إلى أرقام قياسية.*
*ويمكن تلخيص سبب إرتفاع الدولار الجنوني في الأسواق إلى الهندسات المالية للحاكم بأمره في دولة المصارف حيث أغرق السوق بحوالي ملياري دولار في أقل من إسبوعين حين سمح لكافة المواطنين بشراء الدولار بسقف 100مليون ليرة على سعر صيرفة 38 الف ليرة لكل مواطن يملك حسابًا في أي من المصارف؛ ولم يتجاوز سعر الدولار يومها في السوق الموازي 43 الف ليرة. وبدلًا من أن ينخفض الدولار فقد إرتفع بسبب منصة صيرفة التي حصرت الإستفادة بالصرافين والصيارفة من الدرجة الأولي وكان حجم التداول اليومي حوالي 50 مليون$ ووصل إلى الحد الأدنى بتاريخ 08 شباط الحالي خلال إضراب المصارف وبلغ التبادل 8 مليون $ بينما سجل التدوال أمس 32 مليون الأمر الذي يثبت تورط المستفيدين من منصة صيرفة بالتلاعب بسعر الدولار.*
*والسبب العلمي والمنطقي لعطش السوق للدولار هو التدخل الخارجي لشراء الدولارات من السوق بأعلى الأسعار لشحنها إلى الخارج.*
*فأمام هذه الكارثة الوطنية لا بد من إتخاذ قرارات إستثنائية وجريئة حتى يستقر سعر الدولار واقترح التالي:-*
*1- منع شحن الدولار إلى الخارج مهما كانت الأسباب.*
*2-تخفيض الطلب على الدولار إلى حده الأدنى وذلك بتأمين الدولار وبشكل فوري على سعر منصة صيرفة للمحطات ومستوردي الأدوية ومستوردي المواد الغذائية لتبريد الإحتقان الشعبي وتخفيض أسعار المحروقات والدواء والمواد الغذائية بدلًا من هدر ملياري $دون فائدة.*
*حصر الإستفادة من منصة صيرفة ولمدة 6 أشهر كحد أدنى بتجار المحروقات والمواد الغذائية ووكلاء الأدوية لما لها من أثر مباشر في تخفيض الأسعار.*
*وهذه الإقتراحات كفيلة بإنزال سعر الدولار إلى الحد المنطقي؛ ما لم تتدخل القوى الشيطانية التي تصر على إفتعال فتنة داخلية تستغل فيها إنتفاضة الموجوعين المتوقعة.*
*وأما القرار التاريخي والمصيري فهو متوقف على ما سيقرره المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات ؛ ففي القرار الذي أتخذه بتجميد قرار المدعي العام المالي علي إبراهيم قد قيّده "إلى حين درس تأثيره على النقد الوطني وعلى المعاملات المصرفية وعلى أموال المودعين وعلى الأمن الاقتصادي" بحرفية النص:-*
*……"لذا قرّرنا تجميد القرار المتخذ ومفاعيله إلى حين درس تأثيره على النقد الوطني وعلى المعاملات المصرفية وعلى أموال المودعين وعلى الأمن الاقتصادي".*
*وبالتالي فإني أناشد القاضي عويدات من باب الحرص على لبنان أن يراجع ما التزم به من دراسة تأثير قراره على النقد الوطني وعلى اموال المودعين وعلى الأمن الإقتصادي.*
*أما لماذا ناشدت القاضي عويدات دون غيره، فأني اخترت ذلك لأنه قراره ينص على ذلك ولكسب الوقت الذي لا نملكه لتهدئة البلد والحفاظ عليه؛ ولأن قرارته فورية ولا تحتاج إلى لجان لتقبر القضايا.*
*وإن غدًا لناظره قريب*
.
*16 شباط/فبراير 2023*