كتب الأستاذ حليم خاتون: عودة إلى الإنسان الأول في عصور ما قبل التاريخ
منوعات
كتب الأستاذ حليم خاتون: عودة إلى الإنسان الأول في عصور ما قبل التاريخ
حليم خاتون
16 آذار 2023 , 18:53 م

كتب الأستاذ حليم خاتون: 

ركض الولد خائفا نحو أمه على شاطىء الرمل بعد أن رأى رجلاً مختلا كثيف الشعر يخرق كل قوانين المحمية الطبيعية على ذلك الشاطئ ويرمي كل ما تطاله يده على الناس من حوله...

سألها:

ماما لقد علمونا في المدرسة أن القرد تطور ليصبح إنساناً...

لقد رأيت للتو إنساناً يتحول من جديد إلى قرد...

نظر ميخائيل غورباتشوف بحسرة إلى الآلة السوفياتية الضخمة وقد ركبها الصدأ بعد عدة سنين حملت اول انسان إلى الفضاء...

نظر من بعيد إلى العالم الرأسمالي عبر شاشة عملاقة بالألوان...

سماء زرقاء وبحر ازرق وطبيعة خضراء خلابة... طيور تغني وفراشات تزين الصورة المثالية... حتى جورج بوش الأب بدا في الصورة مبتسماً ابتسامة عريضة وهو يلاعب أطفالاً من كل الأجناس والأعراق والديانات والشعوب...

كادت صورة جورج بوش تشبه ملامح القديسين والملائكة...

سحرت تلك الصورة غورباتشوف...

توقف عن تنظيف الآلة السوفياتية وقرر فجأة أن كل ما قاله كارل ماركس عن جنة الاشتراكية والشيوعية لم يكن سوى كذبة...

الجنة الحقيقية هناك... في تلك الصورة الخلابة...

قبل غورباتشوف، كان المنشق السوفياتي سولجانستاين قد اختار المنفى إلى الغرب هربا من الاشتراكية السوفياتية...

بعد وقت لم يطل كثيراً، اكتشف سولجانستاين زيف الصورة التي رآها من بعيد...

رأى الرأسمالية على حقيقتها البشعة في كل شيء... نظر إلى تفاصيل الصورة ليجد الشرطي الابيض يطلق النار على مراهق أسود يستمع إلى موسيقى صاخبة منعته من سماع أمر بالتوقف للخضوع للتفتيش...

هو أصلاً تفتيش اعتباطي قائم على عنصرية الرجل الأبيض...

رأى بضعة اشباح من بقايا سكان القارة الأميركية الأصليين يعيشون في غيتو قائم على الخمور والدعارة والمخدرات والكازينو على قطعة أرض معزولة عن تطور "أميركا!"... "العظيمة!!"...

ترك سولجانستاين اميركا وطلب اللجوء الى سويسرا وبدأ الكتابة عن خيبة الأمل...

مات سولجانستاين وهو ينعي الإنسانية بعد الخيبة التي عاشها في النظام السوفياتي ومن بعد ذلك في النظام الرأسمالي...

مات غورباتشوف قبل أن يرى نتيجة قراره بحل الاتحاد السوفياتي ومعه زمرة من الانتهازيين من مجلس السوفيات الاعلى وكبار زعماء الحزب الشيوعي السوفياتي الذين سال لعابهم وهم يخططون لوضع اليد على ثروات هائلة انتجتها الشعوب السوفياتية للوصول بالمجتمع الاشتراكي إلى مستويات أعلى من الاكتفاء في الإنتاج عبر خصخصة يمولها بضعة من مصاصي دماء الشعوب جاؤوا من الغرب ينتظرون ذبح البقرة السوفياتية...

لقد بلغت السذاجة بمخائيل غورباتشوف أن صدق أن الغرب لن يقترب من حدود روسيا ولن يعمل على تطويقها ويحول جيرانها من الجمهوريات السوفياتية السابقة إلى جنود من النازيين الجدد من أجل تقسيم روسيا ووضع اليد على ثروات ضخمة لم يوجد لها مثيل على كوكب الأرض...

إنه نفس الحلم الامبراطوري القديم منذ الفايكينغ الآتين من أدغال شمال غرب أوروبا مرورا بالتتار الآتين من آسيا ومن بعدهم نابليون، قبل أن يتحول حلم السيطرة إلى خطط سياسية إمبراطورية بريطانية أو ألمانية ما لبثت اميركا أن ورثتها وحولتها إلى مختبرات موت في أوكرانيا وجورجيا...

لم تكن صورة غورباتشوف هي صورة السذاجة الوحيدة على كوكب الأرض...

ألم يقف المهاتما غاندي يوما أمام خطط بريطانيا لتقسيم شبه القارة الهندية...

وصل الأمر مع غاندي إلى اقتراح التخلي عن كل السلطات لصالح محمد علي جناح... المهم الحفاظ على وحدة الشعوب الهندية في عالم من التسامح الديني والعرقي والسمو عبر المساواة بين كل البشر...

لكن سمو فكر غاندي لم يكن ليصل إلى المتعصبين من الهندوس والمسلمين والسيخ...

غرقت شبه القارة الهندية في ما سمي يومها حرب تأسيس باكستان عبر مذابح تطهير عرقي وديني انتهى إلى عدة حروب قامت وعدة حروب سوف تقوم لأن مجانين من الهندوس أخذوا السلطة في الهند وهم يمارسون ساديتهم في كل أرجاء الهند وفي كشمير...

كذلك فعل بضعة مجانين من المتعصبين السيخ حين قاموا باغتيال رئيسة الوزراء انديرا غاندي وتسببوا بنهاية الديمقراطية التعددية الهندية...

كذلك فعل مجانين من البنغال قرروا أن الإسلام لا يوحدهم داخل دولة الباكستان المصطنعة، فقاموا بالانفصال وتأسيس بنغلادش الفقر والانعزال وحتى التعصب ضد الروهينغا الهاربين من بطش رهبان التعصب البوذي في النيبال...

كل هذا ومجانين المسلمين في ما بقي من باكستان ينشرون عقيدة الكراهية بين السنة والشيعة ويفجرون المساجد في مدن باكستان وافغانستان باسم اله بشع يشبه أفكارهم البشعة...

هل هو عالم بشع يقتصر على الغير...؟

ماذا عنا نحن..؟

ماذا عن داعش والنصرة ونور الدين زنكي وجماعات الوهابية من احفاد ابن تيمية واولاد سيد قطب في مصر...؟

ماذا عن شعار "الثورة" المزعومة في سوريا:

"العلوي بالتابوت، والمسيحي عبيروت"...

لماذا كل هذا الحكي الآن؟

أمس ظهرت صورة كانت دائما موجودة تمثل تطور الفكر الفينيقي عندنا من جبران خليل جبران إلى جبران باسيل...

أمس ركض بضعة معتوهين على رأسهم يقف ابن الصحناوي الآخر...

بعد أن نهب انطوان الصحناوي ارزاق اللبنانيين لتمويل جيش الرب والتخطيط لدويلة من المسيحيين قد تبدأ بتصفية كل من ليس مسيحياً في مناطق ما، ولا تنتهي بتصفية المسيحي الآخر للوصول إلى النوعية التي ولدت في بيت الكتائب ولم تمت بموت هذا الحزب وتحوله إلى حزب نجادة آخر يعاند تاريخ نسيان النبعة وتل الزعتر والجبل وشرق صيدا ودولة سعد حداد...

أمس أتحفنا ابن جبران باسيل وميشال عون غير البيولوجي نقولا الصحناوي بمشروع وقف العد بين الطوائف...

تمخض الجبل وولد فأرا...

أتحفنا الصحناوي الثاني بمشروع تقسيم بلدية العاصمة...

اليوم تقسيم البلدية وغدا إعادة خطوط التماس بين بيروت الشرقية وبيروت العربية للمحافظة على النقاء النوعي لبعض النازيين الجدد في لبنان...

بدل أن يحارب عون واتباع عون من أجل وطن ديمقراطي علماني حيث يتساوى كل اللبنانيين بغض النظر عن الدين والمذهب والجنس والعرق ولون البشرة وغدا لون العينين ولون الشعر وصولا إلى لون الكلسات التي نلبس... أتحفنا ابن الصحناوي الثاني بطلب بسيط: تقسيم بلدية بيروت الى بلديتين...

هو طلب بسيط... طلب ما قبل البدء بإقامة الجدران...

من يعرف إلى اين سوف يأخذنا بعض المعتوهين في هذا البلد؟

هل سوف نجد قريباً بلديات مارونية وأخرى سنية أو شيعية أو درزية أو علوية أو روم ارثوذكس أو روم كاثوليك أو انجيليين إلى آخر ما يمكن أن يصل إليه الفكر الانعزالي في هذا البلد...؟

رأفة بتعاليم السيد المسيح...

رأفة بالإنسان في هذه المنطقة...

رأفة بسلام لم نعرفه منذ توالت الغزوات على هذه المنطقة...

اطردوا هؤلاء المشعوذين من الهيكل قبل أن يقدموا على هدم هذا الهيكل على رؤوس الجميع...

حليم خاتون

المصدر: موقع إضاءات الإخباري