كتب الأستاذ حليم خاتون:
"كلنا، يعني كلنا" هو التعبير الذي خرج به الإعلامي رفيق نصرالله رداً على شعار "كلهن، يعني كلهن"...
"كما تكونون، يولى عليكم"، تقول الموعظة...
كلنا فاسدون... ولكن هناك فاسدون يديرون السلطة ويسيطرون على كل مقدرات الدولة، وهناك فاسدون بحكم الأمر الواقع يعيشون على الفُتات...
كلنا مسؤولون... ولكن هناك مسؤولون أوصلوا البلد إلى ما وصل إليه عن سابق إصرار وتصميم، وهناك مجموعة من الاغبياء دخلت اللعبة على أنها لاعب، فإذا بها ملعوب بها حتى العظم...
لكن اهم ما هنالك، كلنا طائفيون، دون تحفظ...
مع الاتهام بالجنون الطائفي ليس هناك اي تحفظ...
أثبتت الأكثرية الساحقة من اللبنانيين أنه مهما علا مستوى التعليم عند الناس، يظل ذنَبُ الكلب أعوجا لو مهما طال وضعه في القالب...
كلنا فاسدون... لأن النظام بكامله فاسد...
هناك اناس يعيشون في هذه الدنيا ولا يأخذون من زادها إلا القليل القليل مما ندر من أشياء جميلة...
لم يوجد في لبنان مهاتما غاندي ولا مهاتير محمد...
يبدو أننا شعب من اللصوص، لا يستطيع أن ينتج غير لصوص لاستلام السلطة...
اللص الصغير يسرق على صغير؛
واللص الكبير يضع كل مقدرات الدولة بين يديه...
ما حصل في اليومين الأخيرين بالنسبة لحرب التوقيت بين كل الزعامات ومن ورائها لكل الفئات التي تحب أن تطلق على نفسها صفة مكون من مكونات الشعب اللبناني؛ كل هذا الذي حصل يرفع منسوب الشك بإمكانية بقاء هذا البلد كما عرفناه وكما نعرفه...
إذا كانت مسألة بسيطة مثل التوقيت الشتوي والصيفي قد دفعت البلد إلى حافة حرب أهلية...
ماذا بعد؟
تفاوتت التعليقات بين جمهور كبير مثله أمثال الدكتور حايك الذي يمثل بدوره التيار العوني وحزب القوات اللبنانية من داخل التيار في الوقت عينه...
وجمهور كبير آخر مثله أكثر من مسؤول في حركة أمل...
تعليقات وتعليقات مضادة وصلت حد الهستيريا...
لكن ثلاثة مواقف لثلاثة إعلاميين يجب الوقوف عندها...
الإعلامي غسان سعود الذي رأى في ما حصل مجرد بروفة في حال قرر أحد ما إيصال رئيس للجمهورية لا يقبل به "المسيحيون"؛ والمقصود هنا اختزال المسيحيين بالقوات والتيار وسامي الجميل...
باختصار هناك تهديد واضح بنسف الطائف من اساسه حتى لو وصلت الأمور إلى حرب أهلية...
الإعلامي وخبير الاستطلاعات ربيع الهبر، يعتبر أن ما حصل هو هفوة ارتكبها الرئيس نبيه بري لإظهار مدى تمكنه من السيطرة على السلطة في البلد...
هذا يعني أيضاً أن أحد اهم داعمي الطائف في لبنان، يفرض سلطة سوف تقود إلى انهيار اتفاق دولة الطائف في البلد...
لكن التعليق الأبرز جاء على لسان الاستاذ نقولا ناصيف في جريدة الاخبار... غلطة الشاطر بألف يقول الدكتور ناصيف...
غلطة أحد أركان منظومة الطائف سوف يعني بالتأكيد نهاية أو على الأقل إعادة صياغة هذا الطائف...
من يعرف الرئيس نبيه بري خلال تلك الحقبة التى يعرفها الجميع يعرف أن رئيس البرلمان داهية في السياسة لا يماثله ربما غير الرئيس اللبناني الأسبق كميل شمعون...
ليس الرئيس بري هو من يمكن أن يرتكب هكذا خطأ... هو ليس مجرد شاطر في السياسة، هو داهية بكل ما في الكلمة من معنى...
كما أن رئيس البرلمان الذي يحظى بعلاقات مع الأغلبية العظمى من الأطراف على الساحة اللبنانية وفي الإقليم وعلى صعيد العالم والذي بنى لنفسه صورة الحكيم الذي يحافظ على شعرة معاوية مع الجميع لا يمكن أن يسرب فيديو قد يحطم هذه الصورة...
الرئيس بري يبيع ويشتري وبالتالي التراجع في مسألة التوقيت والقبول بهزيمة واحد صفر كما روج جماعة التيار لا يمكن أن يحصل...
على العكس تمامًا، الرئيس بري سوف يحصل على ثمن هذا التراجع في مكان آخر حتماً...
لكن أين؟
في رئاسة الجمهورية؟
ربما...
هناك طرفان محليان حريصان جدا على دولة الطائف، وليد جنبلاط والنواب السنة بشكل عام...
بالإضافة إلى المملكة السعودية على الصعيد الإقليمي...
الجنون الذي حصل كان فعلا بروفة أراد ربما الرئيس بري منها أن تجعل هذه الأطراف ترى بأم العين أنه إذا لم يتم الوصول إلى حل معقول فإن الأمور سوف تقود إلى انهيار الطائف...
هذا الجنون له نهاية حتمية في اندلاع الحرب الأهلية لمنع الفدرلة أو التقسيم حيث موقف وليد جنبلاط والنواب السنة بالإجمال هو نفس موقف بري...
إذا، يمكن القول إن الرئيس بري أعاد وليد جنبلاط والنواب السنة إلى موقف معاد للتيار والقوات...
في كل الأحوال، ومهما تكن نتائج هذه الحرب على الأرض... فإن النهاية سوف تكون مؤتمرا تأسيسيا لإعادة تركيب النظام القائم وهو ما يعني نهاية جمهورية الطائف...
هل يرى غسان سعود والمسيحيون هذا؟
حليم خاتون