كتب الأستاذ حليم خاتون: طبخة الكسكس وانتخاب رئيس الجمهورية
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: طبخة الكسكس وانتخاب رئيس الجمهورية
حليم خاتون
6 نيسان 2023 , 11:18 ص

كتب الأستاذ حليم خاتون:

سألتُ موظف الاستقبال في فندق في الدار البيضاء عن افضل مطعم لإعداد طبق الكسكس خلال سفر عمل إلى المغرب في أوائل التسعينيات...

كانت تجربتي الغذائية في الصين قد علمتني ان الطعام الصيني في المطاعم الصينية المنتشرة في العالم هو الذ من ذلك الموجود داخل الصين...

كما أن ألذ كرواسون فرنسي كان في تشاينا أوتيل في بكين، وليس في باريس...

المهم، دخلت الى مطعم الدار البيضاء بعد الحجز لأن الطاولات دائما ملئ، وعندما أراد النادل تقديم لائحة الطعام، قلت له بكل ثقة أن لا ضرورة... انا اريد فقط تذوق الكسكس...

ابتسم الرجل واجاب بكل تهذيب:

نحن لا نقدم سوى الكسكس وهذه لائحة بكل انواع طبق الكسكس وفق المواصفات التي على الزبون تحديد أي منها يريد...

قد تختلف المواصفات، لكن الطبق سوف يحمل دوما اسم الكسكس...

هكذا هي طبخة رئاسة الجمهورية في لبنان...

جمع البطريرك الماروني أمس على الصلاة ما أمكن من الفرقاء المسيحيين طالبا من الرب أن يوفق القلوب لكي تتوحد كلمة المسيحيين كما تريد ال OTV...

نائبتان مسيحيتان هما سينثيا زرازير وپولا يعقوبيان تستحقان لقب البطولة لأنهما رفضتا هذا التجمع، ليس كفرا بالرب له كل المجد، ولكن لأنهما ببساطة ترفضان الاصطفافات المذهبية...

قبلهما، فاز بهذه الرتبة من الشرف نائبان رفضا دعوة المفتي هما النائبان ابراهيم منيمنة وحليمة قعقور...

قد يختلف المرء مع هؤلاء النواب الأربعة في الكثير من القراءات، لكن chapeau...

هكذا يكون الموقف الوطني أو لا يكون...

لقد اخترقت العلمانية الطائفية السنية، ثم الطوائف المسيحية ووقفت عصية أمام الطائفة الشيعية رغم أن أول داع لقيام الدولة المدنية في لبنان هو السيد موسى الصدر...

يستطيع الكاتب السياسي غسان سعود الحديث في كل شيء، بما في ذلك اصل الملائكة...

لكنه بعد الكتابات الأخيرة التي هدد بها بما يشبه العصيان المدني وربما أسوأ من ذلك، إذا ما تم انتخاب رئيس للجمهورية لا يوافق عليه الثنائي الطائفي المذهبي المكون من تحالف الضدين التيار العوني والقوات اللبنانية؛... بعد هذا السقوط الكبير، لا يستطيع الاستاذ غسان المحاضرة في الوطنية الجامعة التي لا يمكن أن تكون سوى علمانية...

أما اسطوانة ال OTV المشروخة أن الشيعة يجلبون دوما من يريدون على رئاسة البرلمان، والسنة يفرضون من يريدون في رئاسة الحكومة، وبالتالي للمسيحيين الحق بجلب من يريدون إلى رئاسة الجمهورية؛ فإن أفضل من يرد على السيدة ريتا هو الجنرال ميشال عون نفسه يوم كان قسم كبير من القوى المسيحية يقف ضد وصوله إلى الرئاسة...

طالب الجنرال يومها بانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، soufrage universelle...

أي أن الجنرال لم يحصر انتخاب الرئيس بطائفة معينة؛ بل جعله من كل الشعب على اختلاف الطوائف والمذاهب...

هذا كان يوم كان الجنرال لا يزال علمانيا يريد ما هو الافضل للبنان بكل فئاته، وبالأخص لكل الأقليات التي لا تزال حتى اليوم مكتومة الصوت...

ما علينا، نعترف نحن معشر اللبنانيين أننا بلد تحت الانتداب...

واقعياً ورغم وجود علم وقصر جمهوري ومجلس نواب ورئاسة حكومة، نحن لا سيادة لنا على اي قرار من قراراتنا المصيرية، ونقطة على السطر...

نقف جميعا وننتظر ماذا يقرر لنا مؤتمر خماسي، حيث كل دولة تريد من يؤمن مصالحها هي قبل مصلحة هذا البلد...

كل الفرقاء اللبنانيين ينتظرون القرار كي يوافقوا بطريقة من الطرق على إملاءات الخارج...

الكل موافق على انتظار الطبخة من الطباخين الأجانب...

بانتظار خروج الطبخة،

البطريرك يصلي...

المفتى سبقه إلى الصلاة...

والمفتي الجعفري في صلاة دائمة...

كل يصلي لسبب لا دخل له بوجوب قيام دولة في لبنان...

يا اخي قسّمنا الاستعمار إلى كيانات وفق مزاج رجلين جلسا على طاولة يرتشفان كأسين من الخمر...

سايكس البريطاني وبيكو الفرنسي...

تبين وفق كل الوثائق التي ظهرت أن الاثنين كانا من أشد المنتصرين للصهيونية من أجل ترويض هذا الشرق...

ببساطة لأن الصهيونية هي كلب الاستعمار في المنطقة...

الإثنان أرادا ما هو جيد لبلديهما بريطانيا وفرنسا...

إلى الجحيم بحقوق الشعوب وحقوق الأديان...

دينهما كان دين الاستعمار وهو الدين المهيمن على أغلبية البشر وإن استعمل اسم الرب في غير مكانه...

اليوم يتحدث بعضهم عن مؤتمر ٥+١، على أن تنضم إيران إلى الخماسي الملعون...

غيرهم يتحدث عن أن الروس يريدون أيضا قطعة من الجبنة اللبنانية...

الروس الموجودون في سوريا، يريدون التواجد في لبنان أيضاً...

من المؤكد أن لا تقبل اميركا بهذه الصيغة...

لا هي تقبل بروسيا، ولن تقبل بإيران أكيد...

ما تقرره الخماسية، تحمله قطر الى إيران للتباحث... هذا أقصى ما يمكن أن توافق عليه أميركا...

ليس حباً، ولا مراعاة لإيران، ولكن لأن حزب الله يملك حق الفيتو في لبنان...

يقول الكاتب سامي كليب أن المنطقة تسير نحو التفاهم والتسويات بعد المعادلة الإيرانية السعودية... وأن لبنان لا يمكن أن يكون استثناء...

لكن أين مصلحة أميركا، وأميركا تملك الفيتو الأكبر على الساحة اللبنانية...

هل توافق اميركا على اي حل يريح لبنان...

آخر هم لأميركا هو مصلحة لبنان...

اميركا حصلت من لبنان على ترسيم لم يكن ضرورياً، لأن المستفيد من الترسيم مادياً ومعنوياً هو اسرائيل التي حصلت على كاريش وحصلت على اعتراف ضمني بوجودها...

كل ذلك مقابل سمك في البحر حتى لو وجد، لن يحل المشكلة الاقتصادية في لبنان...

إن من أهدر حوالي ٢٥٠ مليار خلال ٣٠ سنة؛ منها ٣٥ مليار في السنوات الثلاث الأخيرة، لن ينقذه مليار دولار كحد أقصى سنوياً سوف يأتي في احسن الأحوال تفاؤلا بعد عدة سنين من الغاز والنفط...

لو ذهب هذا المليار إلى المودعين سوف نحتاج إلى قرن من الزمن...

لو أردنا فعلاً، لكان هذا المليار تأمن من استعادة السيطرة على الأملاك البحرية والنهرية المغتصبة بشكل أساسي من نفس رموز طبقة السلطة الفاسدة...

لو اردنا، لكان هذا المليار تأمن من وضع اليد على كل المصارف مع كل أملاكها في لبنان وفي الخارج...

لو اردنا، لكان هذا المليار تأمن من فرض ضرائب عادلة على أقل من واحد في المئة من اللبنانيين يتحكمون بخمسين في المئة من الدخل القومي...

لو اردنا، لكنا حصلنا على المليار من ضرائب عادلة على حوالي ٢٠٪ من اللبنانين، يتحكمون ب ٩٠٪ من مقدرات البلد...

لو تواجدت إرادة حقيقية لكان تم منذ البدء الضرب على الطاولة وفرض ما يجب...

الصراخ بأن المطلوب في لبنان هو بناء دولة وإن كان هذا الكيان نتيجة سايكس بيكو، لم يعد يكفي...

القوى اللبنانية صم بكم ختم الله على قلوبهم، فلا هم يعلمون وإن علموا هم في احسن الأحوال أعجز من تقرير مصير عدة ملايين من البشر تمشي كما الخراف إلى الذبح...

في لغة ما يحكى هذه الأيام في لبنان...

كما مع طبق الكسكس، سوف تخرج طبخة ما، بمواصفات ما، رئيس جمهورية بنكهة الكسكس..

لو أراد حزب الله اليوم أن يضرب يده على الطاولة لا يزال ذلك باستطاعته...

ليس المطلوب أن يتفق مجموعة من الطائفيين المسيحيين قد تتلاقى مصالحهم على شر، فيمشي البلد كما يريدون...

الحل هو في وضع شرط واحد مع جدول زمني واضح وليس كما حصل مع الترسيم حين تم الوثوق بميشال عون وجبران باسيل، فطلع البلد على خازوق...

الحل هو في وضع شرط إقامة دولة وطنية ديمقراطية يتساوى فيها كل المواطنين كأفراد وليس طوائف أو قبائل أو عشائر أو حتى أحزاب من الموجود الآن على الساحة؛ وافضل الموجود على هذه الساحة هو الأقل سوءا لا أكثر ولا أقل...

كما خرج مؤتمر الدوحة يقول بالحرف انتخاب فلان وعمل كذا..

يا ليتها ما كانت وما كانوا...

يجب على حزب الله أن يقول إن الشرط هو ما ذكر أعلاه وانه يجب حل مجلس النواب الحالي فورا بعد تعيين الرئيس المتوافق عليه وانتخاب برلمان جديد على أساس النسبية الكاملة ولبنان دائرة انتخابية واحدة خارج القيد الطائفي من قبل الناخبين مع القبول بالمناصفة إلى حين قيام مجلس شيوخ يرعى شؤون الطوائف على أن تكون سلطاته محدودة في المال والاقتصاد والسياسة الخارجية...

في النهاية، الرئيس الآتي سوف يحصل على فيزا من أميركا والسعودية وحزب الله...

على ماذا سوف يتفقون لا احد يستطيع القول، لكن إذا لم يفرض حزب الله هذه المرة الدولة المدنية يكون أعاد لبنان الى حضن اميركا سواء درى، أو لم يدر...

حليم خاتون

المصدر: موقع إضاءات الإخباري