الدوغماتية و الدوغماتيون
مقالات
الدوغماتية و الدوغماتيون
جاسر خلف
23 نيسان 2023 , 20:31 م


كتب جاسر خلف,,

نواجه يومياً في حياتنا الإجتماعية و السياسية فئة من المرضى النفسيين و المتعصبين للغاية و بشكل مطلق لبعض الافكار و الآراء و دون سند علمي و واقعي. و حتى انهم يرفضون مجرد الشرح و الإيضاح او سماع محدثيهم و إلى درجة العداء لهم و حتى إن كانوا على حق.

بالتأكيد يوجد في بال كل منّا امثلة ملموسة و محسوسة عن بعض الأفراد و الجماعات و خصوصاً بعض الجماعات الدينية كمثال و ليس حصراً..

و لأهمية توضيح الأمر إستعنت بويكيبيديا لتدعيم الشرح. مع أنني كنت في عدة محاضرات ألقاها دكاترة متخصصين في دراسات اللاهوت و الدوغما تحديداً بوصفها اصعب مادة تدريس في الدين لصعوبة و ربما إستحالة إثباتها و البرهنة عليها..

الدوغمائية او الدوغماتية و هي من كلمة دوغما DOGMA و هي التَّعسفية أو اليقينية أو الجزمية أو العَقَدِيّة أو القطعية المطلقة و التي لا نحتاج و بل لا يجب و حتى ممنوع البرهنة عليها لأنها هي قائمة بذاتها.

إن مجرد التشكيك بالدوغما و حسب مريديها و معتنقيها هو كفر و زندقة و هرطقة و قمة الخروج عن الإنسانية و البشرية و يستوجب القتل بأبشع الصور و لذلك تم حرق عدد من مثقفي و متنوري أوروبا قبل قرون قليلة سابقة و لمجرد التعبير عن إعتقادهم ان بابا روما قد لا يكون مصيباً في مسألة صكوك الغفران.. مثلاً تم حرق عميد جامعة تشارلز في براغ يان هوس حياً عام 1415 لهذا السبب. و هو اسلوب تعتمده داعش و مجموعات دينية و سياسية أخرى في وطننا العربي و خصوصاً في الطبقة السياسية الحاكمة في عراق ما بعد 2003 و هو ما نرى نتائجه و تجسيداته الكارثية اليومية حيث قرر الدوغماتيون التابعون للدول التي تحتل العراق تحميل صدام حسين مسؤولية كل شيء سيء بتاريخ العرب منذ نشوء العروبة و حتى تذهب الأرض و ما عليها. و لذلك يتم تكفير و تخوين و حتى إجتثاث كل من يقول الحقيقة المخالفة لدوغما المحتلين و الحاقدين على العروبة.

الدوغما إذاً هي حالة من الجمود الفكري، حيث يتعصب فيها الشخص لأفكارهِ الخاصة لدرجة رفضهِ الاطلاع على الأفكار المخالفة، و حتى إن ثبت لهُ أن أفكارهُ خاطئة، سيحاربها بكل ما أوتي من قوة، و يصارع من أجل إثبات صحة أفكارهِ و آرائهِ.

و الدوغمائية هي حالة شديدة من التعصب للأفكار و المبادئ و القناعات، لدرجة معاداة كل ما يختلف عنها. و هي تعدّ حالة من التزمّت لفكرة معينة من قبل مجموعات أو أفراد دون قبول النقاش فيها أو الإتيان بأي دليل يناقضها لأجل مناقشته، أو كما هي لدى الإغريق الجمود الفكري. و هي التشدد في الاعتقاد الديني أو المبدأ الأيديولوجي، أو موضوع غير مفتوح للنقاش أو للشك.

Догмат о иконопочитании.jpg

يعود أصل الكلمة دوغما إلى اليونانية δόγμα والتي تعني «الرأي» أو «المعتقد الأوحد». تمثل الاستبدادية و المعصومية و الدمغية أو اللادحضية (الزعم بأن قولا معينا غير قابل للدحض بتاتا)، و القبول الخانع (من قبل الملتزمين) و اللاشكية لب فكرة التَّعسُّفيّة. إن هذه الأفكار تستدعي عادة الانتقاد من قبل المعتدلين و المنفتحين. و لذلك تستخدم كلمة التَّعسُّفيّة غالباً للإشارة إلى عقيدة أو مبدأ لديه مشكلة الزعم ب الحقيقة المطلقة كما أن من سمات التَّعسُّفيّة هي القطع برأي أو معتقد بغض النظر عن الحقائق أو ما يحصل على أرض الواقع، وهو ما يسمى في اللغة العربية ب «التعسف». تستخدم كلمة التَّعسُّفيّة، أيضا، لوصف الرأي غير المدعوم ببراهين. 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري