القضية الاولى الجامعة/ الحاضنة العربية
يشهد العالم الان حقيقة لا جدال فيها والحقيقة لا تجادل، نظام عالمي جديد يخرج من رحم النظام العالمي القديم ، وقابلته القانونية روسيا وشهادة ميلاده توثقها الصين ومجموعة البركس ومنظومة شنجهاي. من اهم تداعياته والنتائج المترتبة على سطوعه ورسوخه، اعادة فك وتركيب لتحالفات قائمة ومنظومات اقليمية ودولية على مساحة العالم..
الجامعة/ الحاضنة العربية (( Incupator )) هي اولى المنظمات الاقليمية المرشحة لعملية التفكيك نظرا لعدم جدواها وعدم ثقة الشعوب العربية بها. حيث انه لم يعد سرا انها كانت مشروعا بريطانيا للحفاظ على التجزئة السياسية والانقسام على قاعدة اتفاقية سايكس -بيكو توضع في داخلها الكيانات المستولدة الغير مكتملة النمو (( الخدّج)) (( Premature)) وفي معصم كل منهم سوار تعريف ممثلا بعلم ولوحة خشبية عليها اسم المستولد.
على مدى سبعة عقود بقيت الجامعة العربية تلعب دور الحاضنة، وكل من يخرج منها طوعا او كرها يتم القضاء عليه بتركه في العراء تنهشه الوحوش الاستعمارية وادواتها الارهابية كما حصل في ليبيا حين اجازت الجامعة بقيادة البطل القومي عمرو موسى لقوات حلف الاطلسي بتدمير الدولة الليبية واستباحة ليبيا ونهب ثرواتها وتحويلها الى قاعدة للارهاب العالمي في شمال افريقيا. بعد ذلك اخرجت سورية وتركتها وحيدة في مواجهة العثماني مخلب الناتو ومعه قوى الارهاب العالمي المتلبس بلباس الدين والديموقراطية وفي طليعته الاخوان المسلمون.
ان فشل مشروع اسقاط الدولة السورية وانتصارها على الارهاب العالمي بمساعدة حلفاءها ادركت بحنكة ودهاء قيادتها بان الجامعة العربية ايلة للسقوط والتفكك ولم يعد الرجوع اليها في صلب اهتماماتها. كما تدرك الانظمة العربية هذه الحقيقة ودأبت تبحث عن علاقات ثنائية كبديل للجامعة العربية وهذا ما يفسر المتغيرات في الاقليم واهمها الاتفاق السعودي الصيني الايراني. تعي سورية الدولة هذه الحقيقة تماما وراحت تنسج علاقات ثنائية، وتعلمت من تجربتها المريرة ان المؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين وانه لا ثقة للمسمار الواقف بالمطرقة.
* القضية الثانية: - الوطنية الفلسطينية مقابل الوطنية " الاسرائيلية" مجازا. ان المظاهرات الحاشدة والمستمرة دون توقف والتي تدافع بشكل مستميت عن استقلالية مؤسسة القضاء التي تشكل مع الجيش ركيزتيّ الكيان وان المساس باي منهما يعرض الكيان للخطر الوجودي. ان التعمق في فهم الاسباب لهذه الاحتجاجات والوعي الدقيق على حجمها واستمرارها يدلان على قوة وصلابة (( الوطنية الاسرائيلية)) لدى مستوطني الكيان في فلسطين. وما المظاهرات الحاشدة الا ابرز تجلياتها وقوة تنظيمها وسلميتها وعدم التعدي على الملكيات العامة والخاصة.
لقد نجحت الحركة الصهيونية عبر تاريخها القصير نسبيا في انجاز مهمتين اساسيتين من استراتيجيتها المهمة الاولى علمنة الدولة عندما اقامت الكيان والثانية هي تحويل الهوية اليهودية الى هوية وطنية (( يتنافس فيها العلمانيين والمتدينين)) اي تحويل الارض التوراتية الى مهد للحركة الوطنية اليهودية، وان فلسطين يحتلها الغرباء منذ ان وقعت تحت الحكم الروماني.
بكل تجرد لو وضعنا الوطنية الفلسطينية وجها لوجه امام الوطنية الاسرائيلية نجد ما يلي
١-تنازلت الوطنية الفلسطينية عن %78 من ارض فلسطين التاريخية والاعتراف بالكيان الغاصب
٢- تنازلت الوطنية الفلسطينية والغت الميثاق الوطني الفلسطيني الجامع وقالها ياسر عرفات" كادوك"
٣- فشلت الوطنية الفلسطينية في محاسبة المتنازلين عن الحقوق الوطنية والمقصرين والفاسدين.
٤- تعاني الوطنية الفلسطينية من مرض عضال يتمثل في قصر الوعي على الصراع الوجودي مع الكيان الاستيطاني.
٥- الوطنية الفلسطينية دكتاتورية متفردة في قراراتها طوال مسيرتها.
١- الوطنية الاسرائيلية قامت بتصفية الجنرال والعراب الصهيوني لمجرد انه وعد بالانسحاب من بعض الضفة الغربية وغزة واقامة سلطة حكم ذاتي
٢- تعتبر الوطنية الاسرائيلية وفي صلب عقيدتها ان يهودا والسامرة هي لب وقلب وجوهر الكيان.
٣- تتحد الوطنية الاسرائيلية في جبهة واحدة في مواجهة اعداءها
٤- تحاسب الوطنية الاسرائيلية الفاسدين والمقصرين وتسوقهم الى السجون.
٥- لم ولن تتنازل الوطنية الاسرائيلية عن ميثاق بقاءها الجامع المتجسد في الجيش والسلطة القضائية وان فلسطين من البحر والى ابعد من النهر هي وطنها التوراتي.
*- القضية الثالثة مقدساتهم ومقدساتنا: تعتبر الحركة الصهيونية والكيان ان فلسطين هي ارض اسرائيل((irtz izrael )) وفي القدس يوجد الهيكل المزعوم الذي يقع تحت المسجد الاقصى .ان اليهودية العالمية تقف على قلب رجل واحد لاعادة بناء الهيكل وقد جعلت من القدس العاصمة الموحدة للكيان. نلاحظ هذه الايام ازدياد وتيرة الاعتداءات على الاقصى اولى القبلتين، وثالث الحرمين، واليها اسري بمحمد ، وفيها أمّ الصلاة بالانبياء ، ومنها عرج الى السماء، وانها اقرب بقعة على هذا الكوكب الى السماء والتي بارك الله فيها وبكل ما حولها.
في القدس قيامة المسيح وكنيسة القيامة وفي بيت لحم مسقط راسه ومهده. ماذا قدم العرب(( مسلمون ومسيحيون)) ؟ وماذا قدم مليار ونصف مليار مسلم لفلسطين ومقدساتها؟ هم الذين يؤمنون بالله ويرجون ملاقاته في صلواتهم واعتمارهم وحجهم للبيت العتيق وصومهم رمضان. والذين يؤمنون بان المجاهدين والشهداء في النعيم الابدي مع الانبياء والصديقين بالقرب من العرش العظيم ومعهم الحور العين؟ ان الواقع المعاش انهم يعترفون بشرعية الكيان ويقيمون معه علاقات على كل الصعد والمستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية والمناورات المشتركة والتنسيق الامني الذي ليس حكرا على السلطة الفلسطينية وحدها.
* القضية الرابعة: هل تأكل الكيان حقيقة ام وهم؟.
منذ ان اُغمد سيف القدس ازدادت القوى اليمينية الصهيونية شراسة وعنفا واخذت تجتاح ساحات المسجد الاقصى وتضرب المعتصمين داخله والمدافعين عن حرماته العزل من كل شيئ سوى ايمانهم. اكثر ما شجع المستوطنين على المضي قدما في اعتداءاتهم هو موقف المتفرج لفصائل المقاومة الفلسطينية واكتفائها بالشجب والاستنكار والشكوى. بصرف النظر عن انشغال الكيان بازمته الداخلية، الا ان المستوطنين ازدادوا غلوا وبطشا باهالي القدس والضفة الغربية، ولم تؤثر الاجتماعات الاقليمية المؤلفة من دول الطوق والكيان التي دعت اليها امركا راعية الكيان/ القاعدة حيث صرح قادته ان هذه المطالبات ليست الا حبرا على ورق.
قام محور المقاومة بالتهديد باتخاذ اجراءات عملية اذا لم يتوقف المستوطنون عن انتهاك الاقصى في العشر الاواخر من رمضان. وبالفعل اطلق المحور بعض الصواريخ التقليدية وعدد قليل من الصواريخ الدقيقة كترجمة لهذا التهديد. عندما توقف المستوطنون مرحليا عن اقتحاماتهم للاقصى الا انهم استمروا بالاعتداءات على المدن والبلدات والقرى في الضفة الغربية.
لا ضير في ان يبالغ محور المقاومة عبر وسائل اعلامه المتعددة والمدافعين وانا نفر متواضع منهم لان هذا يفيد في التعبئة وشحذ الهمم، لكن نشر الوعي الصحيح يتطلب منا جميعا ان نقر ونعترف ان موقف محور المقاومة ليس هو العامل الوحيد بل يضاف اليه عوامل موضوعية تتعلق بمعارضات دول اقليمية ودولية وعلى راسها امركا المنشغلة باوكرانيا وتايوان.
اما المبالغة بالقول ان الكيان مردوع ويتاكل ويعاني من انقسامات افقية وراسية والاستدلال على ذلك بالمظاهرات والمظاهرات المضادة والقفز الى الاستنتاج بانها ستفضي الى تفسخ الكيان وتاكله فهذا يتناقض مع وعينا القائم على ان الكيان اهم قاعدة متقدمة للاستعمار العالمي وبالتالي سيدافع عنها باستماتة حتى لو اقتضى الامر حربا عالمية. ان سلامة وامن الكيان اهم للناتو من اوكرانيا بالف مرة ومرة.
لا ادعي انني امتلك الحقيقة ان هذا هو الواقع. لكن دعنا نسلم بان الكيان مردوع ويتاكل، لماذا لا ناخذ المبادرة بصب الزيت على النار؟ ونستمر بضربات عسكرية ضمن تكتيك معارك بين الحروب. لماذا لا يستمر محور المقاومة بالتحرش العسكري بالكيان؟. لماذا موقف المنتظر لما ستؤول اليه الاوضاع؟
انني استحضر التاريخ الروماني الذي سجل موقفا عسكريا في قمة الدهاء والاستراتيجية (( في احدى المعارك انعزل المستشار الشهير " كايوس ماريوس" في موقع حصين، وصرخ قائد قوات العدو به قائلا: اذا كنت قائدا عظيما انزل وحارب!. فاجابه ماريوس: اذا كنت قائدا عظيما ارغمني على الحرب عندما لا اريد ذلك. كل ما في الكون يمكن اخضاعه للعقل والمنطق، الا هذا المشرق العربي، حيث ولدت فيه الاديان كدليل على جنون الازمنة وجنون السياسات.
اليك يا ربي نصبت وجهي
واليك مددت يدي ربي اني استضعفوا
ربي اني هجروا وشتتوا
ربي اني احلم بالعودة واوشكت ان افقد الرجاء
وهذا مبرر لدى الضعفاء
اما ان يفقد الرب الرجاء!
فهو مفخرة لجميع العصاة على الدوام
فلا تخيب رجاء المستضعفين
ربي يا معين الضنى علي
اعني على الضنا
م/ زياد ابو الرجا.