كتب الأستاذ حليم خاتون
من يتابع الميادين أو الجزيرة أو المنار، لا يسمع سوى عن بطولات المقاومة في غزة...
لكن من يسمع، ولو عراضة بالصدفة، جماعة أنصاف المقاومة، أو أشباه المطبعين أو الداعين إلى "الواقعية والاعتدال"، يسمع السخرية من خيار الكفاح المسلح؛ كما يسمع الغمز من سقوط هذا الكم من قيادات الجهاد في الضربات الأولى...
ليس الوقت الآن، وقت كلام في غير الضروري...
المهم أن لا تتوقف المعارك قبل ربط غزة والضفة بحبل الصرة...
قد تكون استعادة جثمان الشهيد خضر عدنان علامة نصر... لكن المهم استمرار المعارك إلى ما بعد ١٥ أيار واحتفال الصهاينة بإعلان قيام الكيان...
المهم استمرار المعارك، والتخطيط منذ اليوم لأكبر عملية قصف صاروخي يوم الخميس المقبل لدحر مسيرة الأعلام التي ينوي بن غفير وسموتريتش القيام بها...
كل قتيل يسقط في جانب المستوطنين، كل جريح، يساوي هجرة معاكسة من الكيان لعشرات أو حتى مئات من الصهاينة...
كل قتيل أو حتى جريح في جانب الاستيطان يعني تخلي العشرات أو حتى المئات من الصهاينة عن التفكير بالهجرة الى فلسطين...
بينما كل شهيد يسقط في جانب المقاومة، يعود وينمو... وبدل الساعد الواحد، تخرج سواعد بالعشرات والمئات وحتى الآلاف تحمل السلاح قبل أن يسقط، وتكمل المسيرة...
في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، كانت نسبة التدمير عند الصهاينة لا تتعدى في حدها الاقصى، الخمسة في المئة من الدمار الذي يقع عند العرب...
تجاوز عدد شهداء غزو سنة ٨٢ الثلاثين ألف فلسطيني ولبناني، بينما لم يزد عدد جنود الاحتلال عن بضع مئات...
إلى أن بدأت المقاومة الفعلية تأخذ مكانها تحت شمس الحرية، وتزيل آثار مقاومي الفنادق والمطاعم...
في تموز سنة ٢٠٠٦، وصلت نسبة التدمير في قلب الكيان الغاصب إلى حوالى ثلث الخسائر في الجانب اللبناني...
بالنسبة للعدو، تشك هذه النسبة كارثة بكل المقاييس...
لأن دم الشهداء الذين سقطوا ما بعد الغزو وحتى عدوان ٢٠٠٦، مرورا بالتحرير، كان قد نما كما وعدنا شيخ الشهداء، الشهيد الشيخ راغب حرب...
نفس المسيرة تتحقق الآن في فلسطين...
لا بأس أن يجري تجاهل بعض الأخطاء التي حصلت أو التي تحصل...
من المؤكد أن هناك خيانات فوق العادة أدت وتؤدي إلى سقوط بعض قيادات الصف الاول في حركة الجهاد الإسلامي...
قد تكون مخابرات دول عربية وحتى منظمات عربية مُخترَقة هي من تسبب بهذه الخسائر...
فليكن هذا درساً لمن نسي أن هذا العدو غدار ولا يحفظ عهداً...
ولتكن هذه الحرب تجربة لمن يتحدث عن وحدة الساحات ثم يعمل خلف الكواليس للضغط على الجهاد للقبول بوقف إطلاق النار تحت حجج تشبه منطق أوسلو حتى لو ارتدت كوفية فلسطينية خارجة من "تنظيف على البخار"، معطرة بآخر العطور الفرنسية...
الكوفية الفلسطينية لا يمكن أن تكون إلا مغبّرة بتراب فلسطين، ومغمسة بدماء الشهداء...
الحرب حيلة...
حيلة سمحت لنتنياهو أن يضرب ضربات موجعة...
المقاومة بدورها حيلة...
حيلة تقول أن نصبر ونعض على الجراح...
ندفن شهداءنا ونعود إلى ساحة القتال...
لا نقبل بوقف لإطلاق النار تحت أية حجة، إلا إذا حصلنا على تنازل جوهري من نتنياهو...
تنازل لا يتحدث فقط عن وقف الإغتيالات، بل تنازل يساوي ما فقدناه بعد حرب سيف القدس،
يوم انتصرت المقاومة عسكرياً، ثم تنازلت لبن غفير عن الشيخ جراح...
حليم خاتون