كتب الأستاذ حليم خاتون: وبعد سلاح الإشارة، القرض الحسن
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: وبعد سلاح الإشارة، القرض الحسن
27 أيار 2023 , 08:57 ص

كتب الأستاذ حليم خاتون:

ربما كان يجب سرد منجزات المقاومة في عيد التحرير الذي تحقق بفضل شبابها، وكل أهلها لأن كل من بقي على أرض الجنوب والبقاع، ساهم بشكل من الأشكال في هذا النصر العظيم...

ربما كان يجب تذكير من لا تنفع معه الذكرى أن المدد الأساسي لهذا التحرير جاء من الجمهورية الإسلامية في الأساس بالتعاون مع الدولة السورية التي كانت خير ظهر لهذه المقاومة...

نحن نمارس جلد الذات في أحيان كثيرة، لكن نقد هذه المقاومة من قبل أهلها لا يعني صب الزيت على النار التي يوقدها عملاء الداخل على اختلاف مشاربهم وعقائدهم...

اليوم لا يجد المرء القدرة الكافية ولا "الجلادة" على متابعة حفنة ممن اعتادوا التنقير على المقاومة في كل مرة يخرج فيها السيد نصرالله للكلام...

لكن يبدو أن أمرا بدأ منذ بعض الوقت، وزاد فيه الكلام في الأيام الأخيرة...

عقب حرب تموز ٢٠٠٦، اكتشف العدو أنه كان أطرشا بالكامل لأن المقاومة كانت تملك شبكة اتصال داخلية لم يستطع الدخول عليها وخرقها، فما كان من الأميركيين إلا أن أوعزوا إلى عملائهم في السلطة اللبنانية بالعمل على تجريد حزب الله من هذه الشبكة بذرائع أقل ما يمكن القول فيها أنها أنتجت غباء الخامس من أيار الذي انتهى في السابع منه على اكبر ضربة لشبكات المخابرات العربية والغربية التي كانت منتشرة في بيروت ولاذت بالفرار من مرفأ جونية باتجاه قبرص قبل لحظات من القبض عليها...

نفس الأمر تكرر مع عدة مؤسسات كانت تلعب دورا في الصمود الشعبي حيث لجأ الاميركيون إلى فرض عقوبات على تلك المؤسسات مثل جهاد البناء مثلاً، أو على أفراد من المجتمع المقاوم فقط لأنهم يقومون بمساعدة أهالي مناطقهم وقراهم...

نفس الأمر يتكرر منذ فترة غير قصيرة، لكن هذه المرة لاستهداف مقومات الصمود المالي...

بفضل أمثال رياض سلامة وانطون الصحناوي ومحمد بعاصيري وغيرهم من رجال السلطة المالية، كانت أميركا ترى كل الحركة المالية في لبنان وتضبط سيرها على الإيقاع الذي تريد...

زيادة على العقوبات على الأفراد بحجج لا تنطلي على أحد؛ كانت تعمل على إفلاس مصارف في محاولة لضرب القوة المالية لمجتمع أهل المقاومة بالأساس كما فعلت مع المصرف اللبناني الكندي ومع بنك الجمال، إلى أن وصلت في الاخير إلى تطيير كل ودائع اللبنانيين، وإفلاس الجميع دون تفرقة لأن لبنان بكامله أصبح عنصر تحد لإسرائيل ومثلا أعلى يُحتذى من قبل كل الشرفاء الذين يقاتلون من أجل الحرية...

فجأة رأت اميركا أنها صارت عمياء بالكامل في مراقبة حياة اللبنانيين ونشاطهم الاقتصادي لسببين:

الأول، هو انتشار اقتصاد ال( Cash ) في الدفع المباشر بين المتعاملين وعدم المرور عبر المصارف التي كانت تشكل عين واذن المخابرات المركزية الأمريكية...

وثانيا، بسبب وجود مؤسسة القرض الحسن التي سمحت للمال بالمرور تحت انف اميركا دون أن تستطيع رؤيته...

بعد أن عجز نواب ووزراء حزب القوات اللبنانية، وكذلك بعض العملاء من كتلة التغيير عن النيل من هذه المؤسسة، انتقلت محاولات النيل إلى أطراف إقتصادية تدعي الكلام الموضوعي...

لعل أبرز هؤلاء مدير الصفحة الاقتصادية في جريدة نداء الوطن، منير يونس...

في لبنان، برع الناس في إدخال كلمات إلى قاموس اللغة، مثل كلمة متشائل التي تأتي من دمج كلمتي متفائل، ومتشائم...

كما يعود الفضل للدكتور دان قزي في ابتكار كلمة اللولار الآتية من دمج كلمتي الليرة والدولار، يعود الفضل للاستاذ منير يونس في وصف جماعة حزب المصرف بالبنكرجية من كلمة بنك على وزن كندرجي أو بوسطجي الخ...

اشتهر الاستاذ يونس في مهاجمة حزب المصرف وكاد الناس يصدقون أن الرجل يقف فعلا إلى جانب الطبقات الفقيرة ضد السلطة الفاسدة المؤلفة من السياسيين وأصحاب المصارف...

لكن ليس كل من ينتقد الفساد في لبنان، نبي...

يكفي الإستماع إلى كافة الشاشات حتى يكتشف المرء أن القوات والتيار العوني وأمل والاشتراكي وبقايا المستقبل وحتى جماعة حزب التجدد التغييري... كل هؤلاء ضد الفساد... طبعا هذه ليست نكتة...

هؤلاء يبكون ليلا نهارا ضد الفساد!!!

فجأة وجد الشيطان نفسه وحيدا يتلقى رمي الجمرات في مواسم الحج...

حتى الشباب المذكورين أعلاه لا يتوانون عن رمي الجمرات على الشيطان دون أي خجل وهم كانوا ولا يزالون من شركائه الأساسيين...

الاستاذ منير يونس لا يترك مناسبة الا ويهاجم المصارف وما فعلته المصارف في سرقة الودائع... ثم... فجأة، يتذكر الاستاذ منير أن هناك مؤسسة القرض الحسن التي لا تخضع للمصرف المركزي...

حن قلب الاستاذ منير لأن صاحب المال في القرض الحسن يمكن أن يخسر كل شيء بسبب عدم مراقبة رياض سلامة لهذه المؤسسة...

عجبُُ... عجب... عجب... عجبُ

قطط سود، ولها ذنب...

أنه منطق منير يونس...

الاستاذ منير الذي علق رياض سلامة على صنوبر بيروت واتهمه عن حق بهدر الودائع ودعم سلطة الفساد منذ التسعينيات وحتى اليوم؛ نفس منير يونس هذا يريد وضع مؤسسة القرض الحسن تحت سلطة رياض سلامة...

لماذا؟

لكي تكون المؤسسة تحت أعين الأميركيين فيسهل تفكيكها وتخريبها وفرض العقوبات على من يتجرأ بالتعامل معها بحجة الانتماء إلى حزب الله الذي يرهب اسرائيل وأميركا معا...

لم يكتف الاستاذ منير بالشاشات اللبنانية حيث يخلط الكلام الجيد ضد البنكرجية مع كلام السوء عن القرض الحسن؛ وصل السم إلى ال DW الألمانية التي لا تحتاج أساسا إلى طبال كي ترقص؛ فهذه المؤسسة تخضع بالكامل للصهيونية العالمية...

بعد تحليل قصة رياض سلامة، سأل مقدم البرنامج الاستاذ منير افندي عن علاقة حزب الله مع رياض سلامة...

فإذا بعبقرية منير يونس تستذكر القرض الحسن من أجل التصويب والايحاء بعلاقة ما بين رياض والحزب...

من حق الاستاذ منير الإشارة إلى علاقة حزب الله والسلطة الفاسدة بكاملها، بما في ذلك البطريرك الذي وضع الخطوط الحمر لحماية سلامة، ولكن ليس من حقه الإشارة فقط إلى علاقة الحزب مع حركة أمل...

حزب الله، بكل اسف، يملك علاقة مع كل الفاسدين، وهذا عيب...

لكن حزب الله لم يحم يوما رياض سلامة كما فعل الباقون...

قول جزء أو طرف من الحقيقة والتعمية عن بقية هذه الحقيقة هو ما فعله، وما يفعله منير يونس...

هذا تماما كما المرأة التي ترفع الفستان لتغطي شعرها بعد أن يطير (الإشار)...

في القاموس، هذا اسمه عهر سياسي... عيب يا استاذ منير...

كنت أكبر من هيك...

حليم خاتون 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري