كتب الأستاذ حليم خاتون: حزب الله الى اين؟
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: حزب الله الى اين؟
حليم خاتون
30 أيار 2023 , 17:36 م

كتب الأستاذ حليم خاتون: 

"سنكون حيث يجب أن نكون".

هي الجملة التي أطلقها السيد نصرالله حين قرر حزب الله الوقوف إلى جانب الدولة السورية أثناء الحرب الكونية التي شنتها الإمبريالية الأمريكية ودول حلف الناتو والدول التابعة لهذا التحالف الشيطاني...

لا يمكن لأي كان إلا رفع القبعة لهذا الحزب ولهذا القائد على ما وصلت إليه الأوضاع في سوريا...

قبل سوريا، وأثناء سوريا، كان العراق الذي كان يرزح تحت إحتلال أكبر قوة فاشية عنصرية مجرمة في العالم...

قد يكون النجاح في العراق أقل إبهارا... لكن الذنب هناك ليس ذنب الحزب بقدر ما هو ذنب القوى العراقية التي لا تشبه في صفات القيادة، ذلك التماسك والصبر ورباطة الجأش الذي تميزت به قيادة بشار الأسد في سوريا...

في العراق، الكل يشبه أولئك المسلمين الذين تركوا مواقعهم في نزلة أحد وهرعوا لأجل كسب الغنائم...

لكن قبل سوريا والعراق كان تحرير لبنان، أو معظم لبنان توخيا للدقة... وفوق كل هؤلاء، سوف تكون فلسطين، لأن فلسطين تختزل جوهر الصراع الذي بدأ في هذه المنطقة مع الغزوات الصليبية ولم ينته بعد...

في كل تلك الساحات، كان الحزب، وسوف يكون حيث يجب أن يكون...

عندنا في بلاد الشام مثل يقول:

"السكافي، حافي"...

في لبنان، ينطبق هذا المثل كثيرا على وضع حزب الله داخل السلطة...

في الكثير من تفاصيل الصورة اللبنانية، يبدو حزب الله في وضع غير ملائم داخل كادر هذه الصورة...

من المؤكد أن حزب الله في لبنان يحتل مواقع في السلطة لا تناسب ابدا تلك الصور الناصعة التي تميز بها في ساحات القتال...

حزب الله في السلطة موجود حيث يجب أن لا يكون...

يحق لحزب الله أن يكون في هذه السلطة فقط، وفقط في حالة واحدة، حين يقرر أن يلعب الدور القيادي في عملية بناء دولة في لبنان...

حتى الآن، كل ما يفعله الحزب هو ترقيع في ترقيع...

في كل مرة يواجه الحزب انتقادات على العجز وقلة الحيلة، تكون الإجابة أن الحزب لا يريد التسبب في نشوب حروب وصراعات داخلية...

الوضع في لبنان معقد إلى درجة أن أي محاولة إصلاح سوف تعني بالتأكيد نشوء نزاع مسلح...

الوضع اللبناني هش جداً إلى درجة وجوب لعب دور ابي ملحم لكي لا ينشأ صراع...

تركيبة المجتمع اللبناني طائفياً ومناطقيا تجعل منه لوحة من الفسيفساء قابلة للكسر...

الدولة اللبنانية بأكملها ينخرها السوس...

محاولة إيجاد أوادم في لبنان تبدو مهمة مستحيلة...

كل القوى في لبنان مصابة بالعفن...

كل المسؤولين مدانين سلفا...

عدوى الفساد تجاوزت المسؤولين كي تصل إلى معظم الناس من كل الفئات، ومن كل الطبقات...

كل فرد تقريبا فاسد بالقدر الذي يناسب موقعه...

كل فرد تقريبا يبرر لنفسه السطو على المال العام بهذا القدر أو ذاك...

من أعلى رتبة في هرم السلطة وحتى الحاجب في أي مؤسسة من مؤسسات القطاع العام، الكل فاسد... كل واحد قدر استطاعته...

لا يوجد ملف واحد في البلد لا تفوح منه الروائح الكريهة...

لقد بنينا بلدا مثاليا في الفساد والسرقة...

بنينا إنساناً مثاليا في قلة الأخلاق...

كيف يمكن بناء دولة بالشراكة مع أولئك الذين نهبوا كل شيء؟

كيف يمكن بناء دولة دون الاصطدام مع اللصوص الذين نهبوا هذه الدولة؟

من أجل السلم الأهلي، يقترب حزب الله الى محاولة المشي على البيض دون كسره...

حتى وصل الأمر إلى الشك بجدية نظافة كف هذا الحزب...

بغض النظر عما يعتقده المرء في تقييمات رياض قبيسي وفريقه، لا يمكن مشاهدة برنامج "يسقط حكم الفاسد" وعدم رؤية مدى الضرر الناتج عن غض النظر من قبل ممثلي المقاومة في السلطة تجاه ما يحدث...

حتى حين يتحركون كما الأمر مثلاً مع نادي الغولف، يتمنى المرء لو كان على رأس الحزب روبين هود بدل السيد نصرالله...

خلال أكثر من ساعة من الزمن، تناول البرنامج ما يمكن اعتباره معظم ملف الأملاك البحرية المصادرة من قبل "اللي يسوى واللي ما يسواش"...

أملاك تزيد على ستة ملايين متر مربع من أجمل بقاع الشاطئ اللبناني على البحر المتوسط موضوع عليها اليد من قبل أهل السلطة ومن العامة الذين يتمتعون بتأييد قوة من القوى اللبنانية أو على الأقل، تم رشوة قوة من القوى من أجل تسهيل وضع اليد...

حتى في مسألة تسوية الأوضاع تقترب الأمور من الهزل...

كما في نادي الغولف، يدفع أصحاب الملايين، واصحاب المليارات قروشا معدودة تقترب إلى أقل من "الشحادة" مقابل وضع اليد هذا...

كان وزير الأشغال علي حميه المحسوب على حزب الله قد بدأ خطوات خجولة جداً ووعد بالمزيد من المشكوك في أمر حصوله...

"لو كانت بدها تشتي، كانت غيمت"...

لو كان حزب الله ينوي فعلا على شيء، لفعل...

لكن مقولة "ما خلونا" التي يتشدق بها العونيون، تسري أيضاً على حزب الله الذي يتقيد بأنظمة نظام فاسد حتى العظم...

هل يمكن لأملاك تزيد قيمتها على ٣٠ إلى ٥٠ مليار دولار أن تعطي سنويا ايجارات تقل عن خمسمائة ألف دولار بدل ٢ الى ٣ مليار...

حتى الملاليم، يرفض واضعوا اليد على الأملاك البحرية، دفعها...

صحيح أن الاصطدام مع وليد جنبلاط سوف يؤدي إلى حرب أهلية، وهو من أكبر واضعي اليد على أملاك الدولة البحرية...

لكن السؤال يبقى هل نريد فعلا بناء دولة؟

حتى سوليدير التي لم يتم التطرق إليها بحجة أنها خارج نطاق وزارة الأشغال؛ كيف يمكن القبول بخزعبلات محمد الصفدي...؟

الأمر نفسه يسري على اشرف ريفي والمنتجع السياحي الذي وضع اليد عليه هو وأقارب زوجته على ذمة رياض قبيسي...

لا يعرف المرء إذا كان ناظم احمد فعلا من جماعة حزب الله كما يقول رياض قبيسي؛ لكن هل يمكن القبول هكذا...

لماذا علينا الشحادة من المملكة السعودية أو الخضوع لصندوق النقد الدولي من أجل بضعة مليارات ونحن لا نفعل شيئا لتحصيل ما يجب تحصيله من لصوص الداخل؟...

ما ينطبق على الأملاك البحرية، ينطبق أيضا على وزارة الصحة اليت استلمها حزب الله...

هل قرر الحزب المشي على خطى حركة أمل في مقولة من يذهب إلى السوق، يبيع ويشتري...

ما صحة ما قاله رياض قبيسي عن استفادة مستشفى الرسول الاعظم أو بهمن كما المستشفيات الأخرى؟

ألا يدفع سكوت حزب الله تجاه مسألة البطاقة الصحية وقبوله بما فعلته المافيا إلى الكفر...

ماذا عن احتكار شركات استيراد الدواء؟

في لبنان، "كيف ما مديت إيديك، بيتطال شي"...

في كل زاوية، في كل قطاع، في كل وزارة أو مؤسسة...

بيوت نمل من الفساد...

ماذا على حزب الله أن يعمل؟

ببساطة، إلى الجحيم مع انتخاب رئيس للجمهورية...

ليبقى الشغور في كل شيء حتى سقوط النظام...

هذا اقل ما يجب فعله لإجبار الجميع على الذهاب الى مؤتمر لبناء دولة، "ولا بلا"...

الذي يريد الكلام عن السلاح، عليه أن يؤمن بناء جيش يستطيع مواجهة اسرائيل...

قصة لكم فسادكم، ولي سلاحي يجب أن تنتهي...

كما يجب أن ينتهي لبنان القديم...

إذا أراد حزب الله أن يكون حيث يجب أن يكون في المعركة ضد الفساد وضد اللصوص، عليه أن يبدل موقعه اليوم قبل الغد...

لقد انتهى زمن السكوت عن السرقات ونهب المال العام والخاص، وجاء زمن دفع كل ابن كلب لما يتوجب أن يدفعه من أجل أن نبقى أحرارا ولا نصبح جراء تنتظر ابن كلب اخر يأتينا من بلاد العم سام يمرر فرمانات لا نحتاجها...

"الحياة وقفة عز"...

إما أن نكون او لا نكون، ويلعن "هالعيشة" إذا كنا سوف نظل في هذا الذل تحت إمرة لصوص باسم الحفاظ على السلم الأهلي...

حليم خاتون 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري