لماذا لا يزال البشر يستخدمون الذراعين والقدمين كوحدات قياس؟
منوعات
لماذا لا يزال البشر يستخدمون الذراعين والقدمين كوحدات قياس؟
3 حزيران 2023 , 07:15 ص

لاتزال طرق القياس التي تستخدم أجزاء الجسم البشري مستمرة حتى يومنا هذا لأنها مريحة وتوفر مزايا إضافية مقارنة بوحدات القياس الجديدة.

قياس الأبعاد بأجزاء الجسم

إذا أردت تقدير أبعاد الغرفة دون الاستفادة من شريط القياس، فيمكنك المشي على محيط الغرفة بخطوات يبلغ طول كل منها نفس المسافة بين الكعب إلى أطراف أصابعك، وحساب عدد خطواتك، ولتقدير ارتفاع الحائط، يمكنك حساب عدد أكف اليدين بالبدء من الأرض إلى السقف، وبذلك، ستنضم إلى تقليد إنساني عريق. 

استخدمت معظم المجتمعات البشرية حول العالم، وربما جميعها، استراتيجيات قياس تعتمد على أجزاء الجسم، وفقاً لدراسة هي الأولى من نوعها نُشرت في مجلة العلوم Science، ويمكن أن تستمر هذه الأنظمة غير الرسمية التي تستخدم أجزاء الجسم لعدة قرون بعد أن أدخلت الثقافة وحدات قياس موحدة لأنها، كما يجادل المؤلفون، تؤدي غالباً إلى تصميم أكثر راحة للأدوات والملابس والأشياء الشخصية الأخرى.

ويقول ستيفن كريسوماليس، عالم أنثروبولوجيا الرياضيات في جامعة واين ستيت، الذي كتب افتتاحية مصاحبة للبحث الجديدة: "لم يقم أحد من قبل بهذا النوع من الدراسة المنهجية متعددة الثقافات للقياس الذي يستخدم أجزاء الجسم، إنه يجمع كمية هائلة من البيانات التي تظهر، ليس فقط مدى شيوعها، ولكنها تميل إلى إظهار أنماط معينة، وهذا في الواقع اكتشاف مهم جداً".

ماهي وحدات القياس التي تستخدم بعض أجزاء الجسم ؟

العديد من وحدات القياس السابقة والحالية مستوحاة من أجزاء جسم الإنسان، ففي وقت مبكر من عام ٢٧٠٠ قبل الميلاد، استخدم المصريون القدماء الذراع الملكية، وهي وحدة طولها حوالي ٥٣ سنتيمتر، والتي من المحتمل أنها مشتقة من المسافة من الكوع إلى طرف الإصبع الأوسط، أما الوحدات الأخرى التي لا تزال مستخدمة حتى اليوم، مثل القدم والقامة، وهي في الأصل امتداد ذراعي الشخص، وأصبحت الآن موحدة وتساوي 1.8 متر، مستوحى بالمثل.

على الرغم من أن الوحدات المعيارية غالباً ما يتم دعمها على أنها متفوقة على التدابير الجسدية غير الرسمية، إلا أن الناس في العديد من المجتمعات استمروا في استخدام أجسادهم بهذه الطريقة بعد أن تجذر التوحيد القياسي، كما يشير روب كارونين، وهو عالم يدرس التطور الثقافي في جامعة هلسنكي.

دراسة هذه الممارسات في تاريخ البشرية

لاستكشاف مدى انتشار مثل هذه الممارسات في تاريخ البشرية، قام كارونين وزملاؤه بالتمعن في البيانات من 186 ثقافة سابقة وحالية في جميع أنحاء العالم، بحثاً عن أوصاف لوحدات القياس القائمة على الجسم في قاعدة بيانات تسمى ملفات منطقة العلاقات الإنسانية، وقاعدة البيانات هذه هي نتاج منظمة دولية غير ربحية كانت تجمع وتدير الإثنوغرافيا "علم وصف الأعراق البشرية" والأدب الأنثروبولوجي "علم دراسة الإنسان" منذ الخمسينيات.

نتائج الدراسة

وجد الفريق هذه الأنظمة المستخدمة في كل ثقافة نظروا إليها، لا سيما في صناعة الملابس والتقنيات، فعلى سبيل المثال، وفي أوائل القرن العشرين، قام شعب "كاريلي"، وهم مجموعة أصلية في شمال أوروبا، بتصميم الزلاجات بشكل تقليدي لتكون بطول قامة "أي 1.8متر" بالإضافة إلى ستة أذرع طويلة.

بعد ذلك، نظر الفريق في عينة فرعية من 99 ثقافة، ووفقاً لمعايير مستخدمة على نطاق واسع في الأنثروبولوجيا، تطورت بشكل مستقل نسبياً عن بعضها البعض، كانت القامة واليدين والذراع هي المقاييس الأكثر شيوعاً التي تعتمد على الجسم، حيث ظهر كل منها في حوالي 40 ٪ من هذه الثقافات، ومن المحتمل أن المجتمعات المختلفة طورت ودمجت مثل هذه الوحدات لأنها كانت ملائمة بشكل خاص للتعامل مع المهام اليومية المهمة، كما يجادل المؤلفون، مثل قياس الملابس وتصميم الأدوات والأسلحة، وبناء القوارب والهياكل.

أهمية هذه الممارسات

ويقول كارونين: "فكر في كيفية قياس حبل أو شبكة صيد أو قطعة قماش طويلة، إذا قمت بقياسه بأداة قياس، فسيكون ذلك مرهقاً للغاية في ذلك الوقت، لكن قياس العناصر باستخدام المقاييس البدائية التي تعتمد على أجزاء الجسم مريح للغاية: فقط قم بتمديد ذراعيك مراراً وتكراراً ودع الحبل يمر عبر يديك، لذا فليس من قبيل المصادفة أن نجد القامة تستخدم لقياس الحبال وشباك الصيد والقماش حول العالم"

المصدر: مجلة العلوم