سمير جعجع اختصرها من الآخِر...
لا ضرورة للحوار...
نذهب الى مجلس النواب...
سمير جعجع لا يفكر فقط في الزاروب المسيحي الضيق...
هو يعرف جيدا أن مصلحة المسيحيين في هذه المرحلة تقتضي مجئ فرنجية لأن هذا الرجل هو آخر ضمانة للمناصفة في لبنان في وضع يسوء كل يوم أكثر، وقد يصل إلى الكابوس الذي لم يعد بعيدا...
سمير جعجع يفتش عن دور له في المعسكر الأميركي عبر تقديم خدمات مجانية للأميركيين...
سمير جعجع رأى كيف كسب الاميركيون في الترسيم البحري وكيف يكسبون في الداخل اللبناني دون دفع أية أثمان...
الاميركيون يسيطرون على السلطة المالية عبر المصرف المركزي...
يسيطرون على السلطة الأمنية عبر قيادة الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى الخاضعة للسفارات الغربية...
يسيطرون على الوضع الاقتصادي عبر نظام ريعي استهلاكي تابع بالكامل لقوانين السوق الحرة مع حكومات تمثل طبقة التجار بشكل أساسي والسياسيين، من نفس هذه الطبقة...
باختصار...
يسيطر الاميركيون على البلد بالكامل عبر السيطرة على كامل الطبقة السياسية الحاكمة...
أقصى ما يفعله الخصم الوحيد لهم على الساحة اللبنانية أي حزب الله هو التلويح احيانا بتهديدات كتلك التي أطلقها الشيخ صادق النابلسي فتسببت بزوبعة في فنجان أخاف الداخل ولم يهز حتى اليوم، بدن الخارج رغم الخيمتين والصاروخ اليتيم...
ضحك الاميركيون كثيرا حين سمعوا سليمان فرنجية يطمئنهم عن معاداته البروليتاريا وإيمانه بالنظام الإقتصادي الحر...
لقد تجاوز الاميركيون مرحلة القرن العشرين مع الاتحاد السوفياتي وثنائية الأقطاب...
فيتنام الشيوعية هي أهم حليف لواشنطن اليوم ضد الصين في جنوب شرق آسيا...
الاميركيون براغماتيون...
قد يقبلون غدا بمرشح حزب الله للرئاسة أيا يكن... لكنهم طالما حصلوا ويحصلون على المكتسبات دون دفع الأثمان من جيوبهم... فليقم جعجع بالحرتقة على حزب الله...
لبنان رقعة شطرنج يتقدم اللاعب الأميركي فيها خطوة أمام حزب الله تحديدا... لأن له داخل جبهة "الممانعة" أصحاب وحبايب مستعدين للخدمة حين شتحين الساعة...
جبران باسيل لم يبعد كثيرا عن هذا المنطق... لا حوار طالما سليمان فرنجية مرشح للرئاسة...
المسألة محصورة عنده في سليمان فرنجية...
أنانية جبران باسيل تعمي قلبه عن مصلحة المسيحيين في آخر حراس المناصفة، سليمان فرنجية...
جبران باسيل، كما التيار البرتقالي، يعتقد نفسه لاعبا فاعلاً ، بينما هو في واقع الأمر مفعولا به، ولا يشكل أكثر من جوكر لم تحسم الأوضاع بعد في يد من يكون...
البطرك الراعي يرفض الحوار الداخلي لأنه يعرف أن نتيجة هذا الحوار سوف تضعه كما سليمان فرنجية في مواجهة مع مَن أمن لهم قانون الانتخاب المزيف احتكار التمثيل المسيحي في برلمان لا علاقة له بالديمقراطية الشعبية ولا يستطيع بالتأكيد ادعاء تمثيل الشعب اللبناني...
يدعو البطرك في المقابل الى مؤتمر دولي مشترطا تحييد لبنان...
فقط من خلال المؤتمر الدولي يستطيع البطرك تجاوز المحنة الديموغرافية التي تقض مضاجعه لأن الحل الوحيد للخروج منها لا يمكن أن يكون سوى بالعلمانية الكاملة التي سوف تنهي سلطته كما كل السلطات الدينية الأخرى التي تقبض على انفاس هذا الوطن الصغير قيد التكوين وقيد التأسيس...
ثلاثة أطراف ترفض أي حوار بين اللبنانيين هرباً من دفع الثمن...
رغم علم الأطراف الثلاثة أن سليمان فرنجية هو المؤهل الوحيد للمحافظة على المناصفة إلى أن يتقرر أي نظام سياسي نريد...
نظام طائفي كما اليوم، أم نظام علماني ينهي الزواريب في هذا البلد...
أمل تدعو إلى الحوار لكسب الوقت وتقطيع مرحلة المحاسبة في سبيل الحفاظ على نفس النظام، و"يا دار ما دخلك شر"...
لقد ساعدهم السيد نصرالله يوم تم اسقاط إمكانية الثورة عشية ١٧ تشرين...
تريد حركة أمل أن ينسى الجميع كل الموبقات التي حصلت، وعفا الله عما مضى...
حزب الله في المقابل يدعو إلى حوار لأنه يريد تحييد الداخل أثناء الصراع مع الأميركيين...
حزب الله يعرف جيدا أن سليمان فرنجية لن "يشيل الزير من البير"...
لكن، وكما دائما، يقوم الحزب بالترقيع عسى وعل...
حتى الكلام غير الموفق الذي أطلقه الشيخ النابلسي على الجديد أمس أحرج حزب الله...
ما قاله الشيخ أوحى إلى أن معركة الحزب ضد الوجود الأميركي في غرب آسيا قد بدأت...
ربط الشيخ صادق بناء الدولة في لبنان مع وجوب الحرب ضد وجود الكيان في فلسطين...
رغم صحة هذا الكلام مئة في المئة، أحرج الشيخ حزب الله غير المستعد لخوض الصراع لا مع الأميركيين ولا مع من بيادق الأميركيين في لبنان...
إذا، وبعد هذه الصورة العامة، ما الحل؟
لأن الحل الوحيد الممكن يكمن في بناء دولة علمانية تلغي جميع القوى الطائفية الفاعلة في البلد...
لن يكون هناك حلا فعلياً...
الشغور يفرض نفسه، ومع الوقت سوف يفرض تنازلات بين تلك القوى الطائفية تقوم على إعادة اقتسام جبنة السلطة...
الشعب اللبناني الذي اعتاد ثقافة الريع والاستهلاك سوف يرضى بما سوف يجري وهو يجري فعلا على الأرض...
تدفق مالي اغترابي يذهب إلى استيراد ينفخ الفقاعة المالية عند طبقة التجار وينتهي في مشروع رفيق الحريري، الوطن الكباريه...
الطبقة السياسية سوف تنجو بريشها...
لن يكون هناك محاسبة...
الطائفية تمنع المحاسبة...
الشعب العنيد، عنيد جدا في الدفاع عن جلاديه...
السلطة والمعارضة وما بينهم وما فوقهم وما تحتهم سوف يستمرون في حفلة محاربة طواحين الهواء...
جعجعة لا ولن تنتنج طحينا...
سوف تختفي اسماء جاءت بفعل كذبة التغيير ولن يكون هناك تغيير...
البلد الذي لن يفرض العلمانية سوف يظل رهينة الطوائف...
و"يا زمان الطائفية...
طائي فيي، وطائي فيك،
خللي إيدك على الهوية،
شد عليها قد ما فيك..."
شوف الدولار... يا محلاه...
رح يلعب دايما...
فيي وفيك...
ويا زمان الطائفية...
"
قم فوت نام، وصير احلام.."
حليم خاتون