حوارات تتجدد وقرارات تتبدد, قيادات تهدد وتتوعد. و رسالة موجهة للجبهة الشعبية
فلسطين
حوارات تتجدد وقرارات تتبدد, قيادات تهدد وتتوعد. و رسالة موجهة للجبهة الشعبية
طارق ناصر ابوبسام
29 تموز 2023 , 14:39 م

كتب طارق ناصر ابو بسام

بعد الدعوة الموجهة من ابو مازن الى الإمناء العامين من اجل الحوار، ظهرت اراء متعددة حول هذه الدعوة والنتائج الممكن ان تتمخض عنها، هناك من عارض وهناك من ايد الدعوة،

وهناك من اعتبر ان هذه الدعوة لا تعنيه بعد التجارب السابقة.

في البداية لابد من التدقيق في المصطلحات، ان دعوة أبومازن تاتي في اطار عقد لقاء يتم فيه القاء الخطب والكلمات، ولا يعدو كونه مهرجانا خطابياُ، وكفى الله المجتمعين العمل الجاد للحوار من اجل الخروج من الازمة الفلسطينية التي اصبحت مستعصية وتطال الجميع. وهذا ما كان يحصل في كل الجولات السابقة.

اما الحوار الحقيقي فله شروطه ومقاييسه، ويستند الى أسس واضحة يجري فيه تبادل الاراء والوصول الى القواسم المشتركة بين المتحاورين، وهذا لم يحصل سابقا ولن يحصل الآن في ظل العقلية المتحكمة فى القرار.

انا شخصيا منذ البداية، ورغم ايماني المطلق بأهمية الوحدة الوطنية وفي ضوء تجربة السنوات السابقة وما افرزته، اقول ان الدعوة عنوانها نبيل ولكن اهدافها سيئة. ليس هذا توقعا وانما استنتاج يقوم استناداً الى الوقائع والتجربة الطويلة.

ابومازن يريد (الحوار) من اجل تجديد شرعيته ومؤسساته المتهالكة، ومن اجل اعادة الاعتبار لدوره، خاصة بعد ان اثبت الشعب الفلسطيني ومقاتلوه الأبطال قدرتهم على التصدي للعدو ومخططاته، وقاموا بسحب البساط من تحت اقدام سلطة اوسلو والتنسيق الأمني .

نعم ابو مازن يريد مهرجانا خطابيا لتجديد شرعيته، وقوى المقاومة تريد حوارا جديا من اجل تحقيق الوحدة الوطنية.

السؤال المطروح هل يستوي هذا وذاك والى متى تبقى قوى المقاومة رهينة لموقف ابو مازن وحساباته البعيدة عن مصلحة الشعب والوطن.

قد اكون مخطئاً، لكن كما يقول المثل المية تكذب الغطاس

والتجربة منذ عام ٢٠٠٥ تؤكد هذه الحقيقة المرة، حيث اتخذت القرارات الجميلة في كل الجلسات لكن لم يطبق منها شيئاً ولا ادري كم عام نحتاج حتى نطبق قرارا واحدا منها.

وانا اقول ان أية قرارات لن تطبق الا اذا رضي عنها السلطان.

ان المشكلة الحقيقية ليست في قبول الدعوة أو رفضها.

المشكلة الأساسية تكمن في مع من نتحاور.

هل نتحاور مع من تنازل عن ٧٨ % من ارض الوطن واعتبرها ملكية خاصة له يفعل فيها ما يشاء.

هل نتحاور مع من ينسق امنيا مع العدو ويتعاون معه في ملاحقة وتصفية المناضلين.

هل نتحاور مع من يكمم الأفواه ويزج باصحاب الرأي في السجون

هل نتحاور مع من سرق اموال الشعب والثورة وجمع الملايين في حساباته الخاصة.

هل نتحاور مع الفاسدين

هل نتحاور مع من يرفضون الشراكة والديمقراطية وقاموا بالغاء دور المؤسسات لحساب دور الأفراد.

الواجب الوطني وابسط ابجديات الثورة تقول:

ان التعامل مع هؤلاء يتم من خلال عزلهم ومحاسبتهم

علينا أن نقرأ تجارب الشعوب و ثوراتها المختلفة من الجزائر الي فيتنام وغيرها كيف تعاملت مع امثال هؤلاء.

ان الواجب الوطني والدفاع عن القضية والتمسك بالأرض والمبادئ، واحترام دماء الشهداء و عذابات الاسرى والوفاء لتضحيات الشعب وبطولاته تفرض على كل الوطنين عدم التعامل معهم.ونبذهم وانزال أشد العقوبات بهم.

ادرك صعوبة ذلك لكن هذا هو الطريق الى الإنتصار.

لم يعد مفهوما اليوم موقف القوى التى تلهث وراء ( الحوار)، خاصة الجبهة الشعبية التي سارعت الى الترحيب بهذه الدعوة ولا ادري متى تتعلم الجبهة الدرس وانا لست معلما، المعلم هو الشعب الذي هتف بسقوط هذه السلطة ورفض استقبال قياداتها كما شاهدنا ذلك في جنين.

كان على الجبهة الشعبية وقوى المقاومة ان تلتقط فرصة ما حصل في جنين وفي الضفة من اجل تضييق الخناق على هذه السلطة وإسقاطها وليس انقاذها.

اقول ذلك من موقع المعرفة التامة ان هذه القيادة وهذه السلطة باتت تسير نحو السقوط، ومن المعيب استمرار التعاون معها، بدلا من ذلك يجب في كل يوم فضحها والعمل على المزيد من تعريتها على طريق اسقاطها.

اقول للرفاق في الجبهة لقد وقعتم في خطأ كبير لن يغفره لكم شعبكم

ماذا تقولون لعائلات الشهداء وأسر الجرحى والأسرى.

كيف تقبلون الذهاب الى ( حوار) في ظل تمسك الو مازن بسياسته المعروفة (الحفاظ على اوسلو واستمرار التنسيق الأمني والقبول بشروط الرباعية الدولية ورفض المقاومة في ابسط اشكالها) والى جانب ذلك رفضه اطلاق سراح المقاومين وأصحاب الرأي.

المكتوب يقرأ من عنوانه، انتم ذاهبون الى كرنفال وحفل خطابي ليس الا ومسرحية هزلية تتكرر مابين فترة واخرى بطلها ابو مازن وانتم تقومون بدور الكومبارس والتسحيج لا اكثر.

التعامل مع ابو مازن وغيره يتم فقط من خلال إجبارهم على الرضوخ للإرادة الشعبية وهذا لن يتم الا من خلال تفعيل دوركم وليس الركض خلف سراب واوهام الوحدة.

في الختام

سؤال لكل ذاهب الى (الحوار)

استحلفكم بدماء الشهداء عذابات الأسر وأنين الجرحى هل أنتم مقتنعين بالوحدة مع هذه القيادة التي جربت عشرات المرات

عودوا الى شعبكم لا تخسروا كوادركم

وعليكم الخروج من هذه اللعبة التي مل شعبنا من تكرارها.

كفى خداعا للشعب ولانفسكم.

ان ما كتبته يعبر عن راي الكثيرين في صفوف التنظيمات وأغلبية كبيرة من ابناء شعبنا.

ختاما اقول لكم اخرجوا من هذه المصيدة ولا تساهموا في اعطاء الشرعية لمن فقدها.

ان الخروج من الأزمة التى نمر بها، لا يكون من خلال وحدة مع هؤلاء بل يكون من خلال عملية فرز حقيقية في الساحة الفلسطينية بين برنامج مقاوم وبرنامج يخدم العدو .

وهذا يستدعي وضع استراتيجية سياسية كفاحية تتفق عليها كل قوى المقاومة من اجل الخروج من المازق. ومواصلة طريق التحرير.

طارق ابو بسام

٢٨/٧/٢٠٢٣

المصدر: موقع إضاءات الإخباري