كتب الأستاذ حليم خاتون:
رغم الملايين التي اشترى بها رياض سلامة السياسيين، والاحزاب، وحثالة القضاة، والكثيرين من الضباط، والصحف، والشاشات، ومجالس إدارة المصارف، والمرتزقة من الإعلاميين، والكتبة المأجورين؛ لم يستطع كل هؤلاء الاستمرار في الإمساك بيده قبل أن يسقط في جهنم وبئس المصير...
أساساً، لم يكن رياض سلامة يدفع لهؤلاء، لا من جيبه الخاص، ولا من المال الذي أتى به من بيت أبيه...
كان يدفع لكل هؤلاء الكلاب من أموال المودعين الذين ضحك عليهم اركان الطبقة الحاكمة في هذا النظام عبر وهم أن كل شيء على ما يرام، في الوقت الذي كان رياض سلامة وزعماء مافيا السلطتين الدينية والدنيوية يقومون بتهريب أموالهم إلى الخارج...
قام رياض سلامة باختراع نسبة ٠,٣٨٪ عن عمليات مصرف لبنان أعطاها لشركة فوري التي شكل شقيقه رجا واجهة له فيها...
هذه النسبة، على ضآلتها، أمنت لرياض سلامة مئات ملايين الدولارات التي استثمرها في أوروبا كما فعل الطغاة قبله من معمر القذافي الى موبوتو سيسي سيكو إلى حسني مبارك إلى شاه إيران إلى الديكتاتور الفلبيني ماركوس... ، لكن ماذا عن بقية الساسة المسؤولين؟
أين أموالهم؟
من يبتز هؤلاء عبر التهديد بمصادرة الأموال غير الشرعية أصلا؟
في كل الأحوال، لن يكون نصيب هؤلاء افضل من نصيب من سبقهم من طغاة...
الغرب بارع في تقديم القروض التي سوف تُنهب ثم تُهرب قبل أن يعود هو ويصادرها مع الارباح التي تكون تراكمت من عرق الفقراء...
ماذا عن جماعة ال ١٠ وال ٢٠ وحتى الخمسين في المئة؟
من سوف يحاسب هؤلاء؟
الحقيقة أن أهل النظام استطاعوا تأمين سقوط غير قاتل لمُحاسِب هذا النظام؛ لكنهم بقوا هم في السلطة أو على الأقل، بقوا على رؤوس طوائفهم الجاهلة الغبية...
صحيح أن رياض سلامة نجا من الاعدام كما يجب أن يحصل لو كان هناك عدالة...
كما صحيح أيضاً أنه على الأرجح لن يسجن بفضل الحمايات الكثيرة التي يتمتع بها محليا ودولياً...
لكن الرجل ظل حتى الرمق الاخير يحاول الحصول على تمديد ما...
حتى تهديد الفرسان الاربعة( نواب الحاكم) بالاستقالة كان الهدف منه بشكل أساسي إثارة ذعر اللبنانيين البسطاء من أن رياض سلامة هو سوبرمان منع انهيار النقد، رغم أن الرجل ساهم عبر منصات النهب التي كانت تخدم أهل النظام بشكل أساسي؛ ساهم بضرب قيمة الليرة حتى وصلت إلى حوالي مئة ضعف قبل أن تعود النسبة إلى ما بين ستين وخمسة وستين ضعفاً...
الفرق _في النسبة لم يكن أكثر من أرباح استفاد منها أهل النظام والتي يقدرها البنك الدولي بمليارين ونصف المليار من الدولار الفريش الأميركي التي انضمت بدورها إلى اخواتها من المليارات المنهوبة المهربة إلى بنوك الغرب الكاذب حول الإصلاح...
صحتين لمن اشترى الكفيار المدعوم والسومون فوميه والكاجو على طاولات المازة في الملاهي الليلية...
صحتين لمن سافر واكل وشرب و(خري) في مرحاض تنظفه عاملة تنظيفات تقبض بالدولار ثلاثة أضعاف ما يقبضه الجندي أو رجل الأمن الذي لا يزال يضرب التحية لهذه الحثالة...
السؤال هو من كان يستفيد من هذه المنصات؟
أليسوا هم نفس الطبقة التي منعت تطبيق الكابيتال كونترول حتى أنجزت تهريب كل أموالها ولا تزال تمنع أي اجراءات لأنها في طور الاستيلاء على ما بقي من أموال المودعين وما سوف يأتي من أموال ضرائب فرضت على الفقراء بينما يُمعن أهل السلطة بما استولوا عليه من أملاك بحرية ومشاعات أخرى لا يستطيع اللبنانيون إحصائها لكثرة ما احتوت من نهب وسرقة...
قد يكون لقمان سليم عميلاً اسرائيليا، أو على الأقل لم يكن وطنياً يهتم بقضايا الأمة...
لكن ماذا عن أولئك الذين يصدحون آذاننا بالصراخ حول فلسطين واسرائيل الشر المطلق، ثم يقومون بما هو أكثر شرا من الاحتلال والاغتصاب؟
الاربعون حرامي في حقيقة الأمر ليسوا أربعين فقط... قد يكونون ٤٠٠ أو ٤٠٠٠ أو أكثر...
هم في حقيقة الأمر قد يقتربون من ٤٠ ألف من الذين شاركوا رياض سلامة في بعثرة أكثر من ثلاثمائة مليار دولار في ثلاثة عقود كانت تكفي لبناء دولة حديثة قد تفوق حتى دول أوروبا في التطور...
بأقل من هذا المبلغ، تم بناء أوروبا في خطة مارشال بعد الحرب العالمية الثانية...
بينما لم يشبع أهل السلطة في لبنان... "إلا لا اشبع الله لهم بطونا" حتى ينتهوا كمن سبقهم في التاريخ....
كل المطلوب ببساطة، كان وضع مصلحة الوطن اولا...
في لبنان، الكل يتحدث بالوطنية...
الكل يتحدث بالاخلاق...
اين هؤلاء من الأخلاق، واين هم من الوطنية...
ما الفرق بين من استورد النفايات النووية وقام بدفنها في حالات(حتماً) وفي عيون السيمان، وبين من قام بامتصاص دم اللبنانيين ثم قام بتصدير هذه الأموال إلى حيث لا منفعة للبنانيين بها...
أهل النظام سواسية...
خرج أمس نواب الحاكم الاربعة يتحدثون في العفة...
اين كانت هذه العفة؟
ما قاله الدكتور وسيم منصوري يعرفه اصغر طفل عايش ما حصل في هذا البلد منذ أتت إلى السلطة زمرة لعنت من قبلها فإذا بها أكثر استحقاقا في اللعن ممن سبقها...
رحمة الله على لصوص الزمن الأول يوم كانت الصحف تتحدث عن قميص كامل الاسعد الذي بلغ ثمنه نصف معاش استاذ مدرسة في السبعينيات...
رحم الله من كان يزيد على المقاولة بضعة قروش، حتى إذا جاء الآخرون سبقوا الأولين باشواط، فقام رفيق الحريري بالقضاء على الصناعة والزراعة لصالح دولة التجار في كذبة الشراكة المتوسطية...
لم يكن رفيق الحريري شخصاً من لحم ودم؛ بل كان كومة من مصاصي الدماء من كل الطوائف...
شارك هؤلاء فيما نهب ثم ورث الجميع السلطة منه مع نفس قوانين النهب التي حاك خيوطها فؤاد السنيورة وباسل فليحان وغيره من منظري البرجوازية الوطنية التي لا يمكن أن تتواجد في دولة تابعة من دول العالم الثالث...
قمنا بلعن فؤاد السنيورة، فإذا من جاء بعد السنيورة العن منه...
حسنا، يا دكتور وسيم ومعك ثلاثة دكاترة من جهابذة العلم في الاقتصاد والقانون...
مشكلتكم أنكم مع كل العلم الذي تملكون، لا تزالون عبيدا تجلسون في الصفوف الأولى حين يتكلم الزعيم، خليفة الله على الأرض...
مسكين الأرمني؛ جناحه مكسور لأن الأرثوذكس لم يستطيعوا إيجاد خليفة لله على الأرض خاصة وأن المطران عودة لا يزال يرقد في عالم ١٤ أذار البائدة محاولا احياء الروح وهي رميم...
أرنا يا دكتور منصوري أنك ورفاقك تختلفون عن محاسب أهل النظام رياض سلامة...
أرنا انك تستطيع الضرب على الطاولة وفرض ضرائب تصاعدية على الأغنياء قبل الفقراء...
أرنا انك تستطيع إجبار الطبقة الحاكمة بإرجاع ما تم تهريبه إلى الخارج تحت طائلة مصادرة ممتلكاتهم في لبنان...
لا تكن ورفاقك كمن سبق وباع مجد لبنان مقابل سبعة من الفضة...
لا تكن مع رفاقك كمن ورث المجد، وحوله إلى سلطة مضاربة على من يريد الاستثمار في الوطن...
لم يعد الكابيتال كونترول يقتصر على منع التحويلات إلى الخارج، بل أصبح مطلبا لقانون يقوم على مصادرة أموال من استفاد من المضاربات على الليرة وانت ورفاقك تعرفون من هم هؤلاء...
ليس المطلوب منك مقاطعة أميركا وانت تعيش على الدولار، لكن المطلوب منك أن لا تخضع لاميركا كما فعل السلف الطالح...
في يد الحاكم سلطة تفوق سلطة زعماء الطوائف...
كن حرا واعطي مثلا لشعب لبنان كيف تكون الحرية...
نعم، قد يقتلك أهل النظام...
هم فعلوها قبلا، وقادرون على فعلها اليوم...
لكن أن كنت تخاف، استقل واذهب إلى المنفى...
وان كنت "قدها"، قل كلمتك وامشي...
ما نفع أن تسير على الأرض كما الدواب، في الوقت الذي تناديك ابواب المجد بعد أن فتحت لك ذراعيها...
إما أن تكون حاكما كما يجب وإلا فاللعنة عليك وعلى من يجعل منك طرطورا اخرا في هذا الزمن الرديء...
حليم خاتون