كتب الأستاذ حليم خاتون: الفلسطيني الذي يكره نفسه
فلسطين
كتب الأستاذ حليم خاتون: الفلسطيني الذي يكره نفسه
حليم خاتون
2 آب 2023 , 07:46 ص

كتب الأستاذ حليم خاتون: 

ربما، ولولا ما يحدث اليوم في عين الحلوة، لوجب الحديث عن العربي الذي يكره نفسه...

لكن فلسطين هي الكيان الذي يعاني أكثر من غيره في هذا العالم العربي الضائع الذي يفتش عن ذاته فلا يجدها، بما في ذلك أكثر قوى هذا العالم العربي ثورية...

حتى الآن لم تصل أي قوة تدعي الثورية عندنا إلى ذلك النضج الثوري الكامل الذي عرفته شعوب أخرى حققت من أجل أوطانها قفزات تاريخية مؤثرة حفظت لهذه الأوطان مكانا مرموقاً في التاريخ...

حتى ثورة النبي وثورة الإمام الحسين، على عظمتهما، لم يقم في هذه الأمة من يتبنى تلك الثورات كما يجب...

تجربة العالم الإسلامي الذي يغرق في تخلف مريع لأنه لم يفهم من رسالة الإسلام إلا بعض الطقوس التي لا تهم الإنسانية، وذلك النمو المريع لحركات التعصب الذي لا يستند على منطق في كل هذا العالم الاسلامي بما في ذلك ما يجري على الساحة الفلسطينية عامة وما يجري في مخيم عين الحلوة خاصة هذه الأيام...

حركة التقاتل تجري دائما كما يبدو بين فريقين يدعيان في الوقت عينه التبعية للإسلام وكلا الفريقين ترجع اصولهما إلى إسلام الإخوان المسلمين الرجعي سواء في حركة فتح، أو مع الأصولية التكفيرية ( راجع مقالة الكاتب زياد ابو الرجا، من الثورة إلى الجيتو في اضاءات حول الرأسمالية الاسلامية الفلسطينية)...

في الوقت عينه، لا تزيد حركة اتباع الثورة الحسينية عن لحظات تاريخية لا تكمل الطريق خوفا من فتنة قال الحسين نفسه أنه خرج على الظالمين فيها لأجل استعادة العدل وفرض الإصلاح في أمة جده رسول الله...

لا يريد المرء جلد النفس، لكن لنعترف أننا كلما كنا نبتعد عن التعصب ونقترب من انسانية النبي، نحقق قفزات هائلة كما في انتشار الإسلام في كل القارات دون استثناء...

كذلك مع الحسين الذي مكن الإيرانيين والمقاومة اللبنانية من الوصول إلى القمم عند الالتزام بالجوهر، قبل التعثر يوم لا نقدم على مجابهة أعداء الداخل رغم علمنا أن "دود الخل منه وفيه"...

ماذا ينقص القوى الثورية حتى تتبنى حقوقا إسلامية بحق وحقيقة، مثل الحق في المأكل والملبس والسكن والعمل والتعليم لكافة الناس في البلاد الاسلامية؟

بماذا تتميز المانيا عن الكثير من الدول العربية ناقصة الدين، وناقصة الإيمان...؟

المهم...

عودة إلى ما يحدث على الساحة الفلسطينية...

هل من المعقول أن يرتكب الطرفان كل ذلك الإجرام بحق المواطنين الفلسطينيين الذين ما أن يخرجوا من نكبة حتى تدخلهم قوى ما يسمى التحرير في نكبة جديدة...؟

أين هي الأخلاقيات الثورية؟

ترتكب التنظيمات الفلسطينية بحق الجماهير الفلسطينية وبحق قضية التحرير الكفر بعينه، وألا ما معنى هذا الاقتتال فيما العدو هانئ في احتلاله للأرض وانتهاكه المقدسات الدينية والدنيوية ليل نهار...؟

هل من المعقول أن يأتي رئيس جهاز المخابرات الفلسطيني يطلب من السلطة في لبنان التضييق على الكفاح المسلح الفلسطيني، ومنع السلاح والخبرات القتالية من التسلل إلى داخل فلسطين؟

الخطيئة بحق الشعب الفلسطيني يرتكبها الطرفان، فريق السلطة الذي يبدو أن الكفاح المسلح بات عبئا عليه، وفريق الاسلام التكفيري الذي يسمح لحكومات الرجعية العربية والغرب الامبريالي بالتلاعب به إلى درجة لم يعد المرء يفهم ماذا تفعل حماس غير الصراخ في الهواء بينما تنتهك اسرائيل كل الخطوط الحمر في الضفة وفي فلسطين التاريخية دون عقاب...؟

هل الحرام الذي ارتكب في سوريا غير قابل للتطبيق في فلسطين؟

كنتم مثل الكلاب الداشرة تقاتلون في سوريا... لماذا أنتم صامتون في فلسطين؟

كل الفصائل مدانة...

كل الفصائل دون تمييز، لأن هناك من يتآمر على القضية الفلسطينية وهناك من يقف عاجزا بعد سبعة عقود لم يستطع خلالها تعبئة الناس وإقامة منظمة تحرير حقيقية تعود إلى الثوابت الفلسطينية وتزعزع استقرار العالم كله إذا لم يحترم هذا العالم حقوق الفلسطينيين في استعادة أرضهم على وطنهم التاريخي...

لو كان هذا السلاح المكدس اليوم في أيدي الإخوان المسلمين الفلسطينيين موجود في أيدي المناضلين في ستينيات او أوائل سبعينيات القرن الماضي، لما كان هناك اسرائيل منذ زمن بعيد...

اخرجوا من ذلك الثوب العفن وعودوا إلى الكفاح المسلح لأنه الطريق الوحيد الى فلسطين...

لو كان محمود عباس صادقا فعلا في "النضال السلمي" الذي يدعيه، لكان اول المضربين عن الطعام حتى الموت وفي وسط الأمم المتحدة، حتى إقامة الدولة الوطنية الفلسطينية على اي شبر يتم تحريره دون قيد أو شرط...

صعوبة المهمة يجب أن لا تعني التخلي عنها...

لقد كان صراع النبي مع قريش اصعب...

كما كان الكفاح المسلح اللبناني اكبر دليل على أن الدم ينتصر دائما على السيف حتى وصل لبنان اليوم إلى نقطة توازن الرعب الاستراتيجي دون أن يعني ذلك الوقوف هنا...

ربما آن الأوان، لعزل كل القيادات التي لا تضع الكفاح المسلح في التطبيق الفوري...

ربما أتى الوقت الذي يجب أن تقود الشعب الفلسطيني تلك المجموعات القتالية التي تقاتل باللحم الحي في داخل فلسطين بينما تراكم حماس عدد الطلقات بانتظار تسوية لن تكون في أي حال افضل بكثير من أوسلو...

حليم خاتون

المصدر: موقع إضاءات الإخباري