عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
حرب الإعلام الإلكتروني بدأت مع بداية دخول عالم الإنترنت على لبنان. وهذا سر من أسرار هذه الحرب؛ وسأكشف أحد جوانبه لأول مرة، فقد أبلغني مسؤول الإعلام الحربي حينها أبو علّام ؛ فقد كان على تعاون مباشر ومستمر بينه وبين الخبير في عالم الإنترنت الأخ أبو محمد عبد. وكان الهدف التركيز على ضخ الأخبار الدقيقة عن كافة مجريات العمليات في لبنان على صفحة "الأمهات الأربع" الذين شكلوا جبهة سياسية ضاغطة على باراك. وشكلت كثافة العمليات الميدانية وتزايد أعداد القتلى والجرحى في صفوف جيش الإحتلال والعملاء نتيجة للعمليات المتزايدة وحملات "الأمهات الأربع" الإحتجاجية ضغوطًا هائلة على باراك الذي لم يستطيع ان يتحمل نتائجها. فأخذ قراره بالإنسحاب المذل من لبنان دون قيد أو شرط في 25 أيار/مايو 2000.
فالإعلام الإلكتروني هو سلاح إستراتيحي في أية معركة قادمة؛ فلا تستهينوا به وتقللوا من تأثيره. ونتيجة لتآكل الداخل في الكيان المؤقت والإنقسام الحاد بين مكوناته سيكون للإعلام الإلكتروني الدور الأساس في الإنتصار الموعود. فترقبوه.
اليكم مقال الأستاذة لطيفة الحسيني الذي يتحدث عن دور الاعلام في الحروب المعاصرة وهو يعنوان
الإعلام الإلكتروني للمقاومة: سلاحٌ دقيقٌ
لطيفة الحسيني
خَبِر العدو طويلًا حزب الله. اكتشف أساليب حروبه. ربّما ظنّ أنه أدركها كلّها. رويدًا رويدًا، تبيّن أنه ظلّ مبتدئًا لم يحفظها البتّة. يعي العدو أن المقاومة ومنذ الطلقات الأولى باغتته، إعلانًا وميدانًا. كلّ شيء كان مُختلفًا في لبنان. لم يعهد هذا الأسلوب مع الحركات السابقة.
الإعلام الحربي للمقاومة شكّل تحديًا للاسرائيليين. حاولوا فكّ شيفرته ولكنهم في كلّ مرّة كانوا يصطدمون بالخيبة. مع انطلاق إخباريات المقاومة عام 1983 بُعيد نشأة حزب الله، تعرّف الصهاينة على إعلامٍ جديد، ينقل المواجهات والبطولات. إذاعة صوت المستضعفين ثمّ جريدة "العهد" وتباعًا الوسائل الأخرى. سنواتُ القتال كانت غزيرة بالمحطات المفصلية، غير أن العدوّ يقف عند إحداها، التي قد تكون الأكثر إيلامًا.
كمين أنصارية وحربه النفسية
خريطة الجولة الافتراضية في الجليل التي نشرها موقع "الانتقاد" عام 2012
عام 2012، حدّد السيد نصر الله للمرة الثانية الجليل الوجهة الحتمية لعمليات المقاومة البرية في حال اعتدت "اسرائيل" على لبنان. حينها، نشر موقع "الانتقاد" خريطة لجولةٍ افتراضية في الجليل هدفها الإجابة عن سؤال "لماذا يُخيف التقدّم نحو الجليل الصهاينة الى هذا الحدّ؟".
لم تمضِ ساعات على نشر المادة التي تضمّنت أبرز المدن الفلسطينية والمستعمرات الواقعة في الجليل، وطبيعة الممرّات هناك والأهداف المحتملة في الحرب المقبلة وسيناريو المواجهة، حتى انشغل إعلام العدو بتحليل تداعيات ما ورد في إعلام حزب الله الاكتروني ورسائله. صحيفة "يديعوت أحرونوت" نشرت الخريطة كما هي وبدأت تقرأ مضامينها: ماذا تعني؟ كيف ذلك؟ هذا ما ينتظرنا؟ تبنّت كلّ تفصيل فيها.
عام 2017، نشر موقع "العهد الإخباري" الناطق باللغة الانكليزية مقطع فيديو خُصّص لتناول الأهداف المحتملة في الكيان الصهيوني في حال اندلاع حرب مستقبلية. المادة وصلت سريعًا الى الصهاينة. موقع "والاه" الاسرائيلي توقّف كثيرًا عند ما احتواه من معلومات دقيقة عن "مفاعلات ديمونا ومصنع رافائيل السري" وأهداف نووية أخرى مهدّدة بالدمار في المعركة المقبلة بين العدو وحزب الله.
موقع "تايمز أوف اسرائيل" اعتبر وقتها أن الفيديو لا يسرد فقط المواقع التسعة ويعرض صور الأقمار الصناعية للمواقع، بل يُضيف معلوماتٍ كعدد الأشخاص الذين يعملون هناك، وعدد المباني التي تتكوّن منها وماهية المواد الخطرة التي يتم التعامل بها.
أمّا موقع INEWS24 فعلّق على الفيديو رابطًا بين المنشور ومُحاولات ترهيب "إسرائيل" من قبل السيد نصر الله، مُعنونًا كلامه بالتالي: "بالفيديو، مواقع نووية اسرائيلية مُهدّدة بالتدمير".
عام 1997 عملية أنصارية. التكتيك مُغاير تمامًا عن كلّ ما سلف. الهدف، الأسلوب، النتائج أصابت العدوّ بعمق. "الرجاء" كان لملمة الفضيحة والمصيبة والهزيمة. الكمين المحقّق الذي أدّى الى "إبادة" 12 ضابطًا وجنديًا من وحدة "شييطت" الاسرائيلية كسر تعميمات الرقابة العسكرية لدى العدو. في تلك المرحلة، حاول الصهاينة قطع الطريق على أيّة عملية من شأنها أن تؤثّر في نفوس المستوطنين جراء ما حصل، غير أن الآتي إعلاميًا كان أقسى. هيئة دعم المقاومة الاسلامية ومن خلال قسم الانترنت الذي كان قد أبصر النور في هذه الفترة خرق رقابة الاسرائيليين. تمكّن من خلال الاستخدام الموفّق للمادة المعلوماتية المتعلّقة بأشلاء الجنود من تحقيق إنجاز على صعيد إثارة الجدال الداخلي الاسرائيلي وتأكيد انعدام الثقة المتزايدة بين المؤسسة العسكرية ومجتمعها.
نجاح "فعلة" هيئة الدعم ظهرت ملامحه سريعًا في إعلام العدو. صحيفة "هآرتس" أوردت خبرًا بتاريخ 11/23/1998 يتحدث عن مطالبة بعض أهالي الجنود القتلى في أنصارية بتشكيل لجنة تحقيق تبحث في ظروف دفن ذويهم، بعد أن شعرت بعض العائلات بحدوث تغيير في شكل قبور أبنائها من دون إعلامها بملابسات الدفن الذي تمّ سرًا.