كَتَبَ د. إسماعيل النجار:
مقالات
كَتَبَ د. إسماعيل النجار: "كيف بدأت أمريكا بهدم مجتمعاتنا وماذا حقَّقَت؟".
د. إسماعيل النجار
8 أيلول 2023 , 08:57 ص


هي البرامج السريَةُ الأمريكيةُ التي وُضِعَتْ للعملِ عليها في الدُوَل الغنيةِ التي يحوي باطن أرضها ومياهها ثروات طبيعية، بهدف إضعافها والسيطرةِ عليها ونهبها.

مَهدَت أمريكا لذلك، باستهداف الدُوَل العربية والإسلامية أولاً، والتي كانت الهدفَ الأساسَ للبرنامجِ السِرّي الذي طَوَّرَت لأجلِهِ اِلاستخباراتُ الأمريكيةُ الكثيرَ من البرامجِ الِاجتماعيةِ والثقافيةِ والفنيةِ والفكرية.

◦ لَعِبَتِ السينما الأمريكيةُ في هوليود الدورَ المركزيَّ في تضخيمِ صورةِ أميركا، وتلميعِها وإظهارِها بمظهرِ الدولةِ القويةِ الجبارة، التي لا تُهزَمُ،والعارفةِ العالمةِ بكلِّ شيءٍ، ولا يفوتُها أيُّ صغيرةٍ أو كبيرة.

وضَخَّتِ الِاستخباراتُ الأميركيةُ المالَ الوفيرَ لِتأسيسِ محطَّاتِ تَلفَزَةٍ، وتأسيسِ مجلاتٍ خلاعيةٍ، وصناعةِ أقمارٍ صناعيةٍ، وتطوير وسائلِ الإتصالات، وكل هذه الإمكانياتِ لهدَف ٍوحيد، هو ضربُ المجتمعاتِ الدينيةِ المحافظةِ، في المنطقةِ العربيةِ وأفريقيا.

بالنسبة لآمريكا،يكفي ضربُ جيل ٍواحدٍ في هذه المجتمعات جميعِها، فإنَّ الأمورَ ستكونُ خواتِيمُها سعيدةٌ بالنسبةِ لها، لأنَّ الماءَ ستجرِي في مجايها الطبيعية التي شقتها لها هوليود،وبلاي بوي، ثُمَّ الأقمارُ الصناعيةُ ومحطاتُ التلفزة، ومؤخراً ثورةُ الأنترنت.

المرحلةُ الأولى من الخطّةِ الأمريكيةِ أسمته ال cia عمليةَ"إسقاطِ الأخلاق"، وتستهدفُ الأطفال والشباب، من عمر 12سنة لغاية 20 سنة، لتكريسِ مفهومٍ خاطئ ٍ لديهم عن الحياة، وتغيير الأيديولوجيةِ الشخصيةِ لكلِّ شابٍّ وفتاة، ودفعِهِم، لِتَرْكِ إيمانِهِم وعقائدِهم، والتَّهَكُّمِ على المتديِّنينَ، من كافَّةِ المشارِبِ الدينيةِ والمذهَبِيَّةِ الإسلاميةِ والمسيحيةِ، بهدفِ تخريبِ عُقولِهم. وهم نجحوا في سحق الديانةِ المسيحيةِ في الغرب، وجاءَ الدَّوْرُ على الإسلام.

في الفترةِ الممتدَّةِ، ما بين هوليود السينما والتلفزيون، وصولاً إلى ثورة الأنترنت، تمكّنَتِ المخابراتُ الأمريكيةُ من تخريبِ عقولِ ما يزيد عن ال 60٪ من الشبابِ اليافعين، ودفعِهِم للِانحرافِ عن سِكّةِقِطارِالتديُن والتآلف الِاجتماعيّ، حيث أصبحتِ العقائدُ الدينيةُ "تتآكلُ" بِبُطءٍ شديد، لكن من دون ِ توقف.

ونجحتْ في إبعادِ الكثيرينَ عن عبادةِ الإلهِ الواحدِ، أو حتّى التفكيرِ في الخَلقِ والخالِقِ، والذهابِ نَحْوَ اللَّهْوِ والشهواتِ البهيمية، وبذلك يكونون قد حقّقوا ما يصبونَ إليهِ من اِبْتِعادِ الناسِ عن ِ الإيمان ِ والعبادة، كما استبدلوا الجمعياتِ الدينيةَ المحترمةَ والإرسالياتِ التبشيريةَ بجمعياتٍ وهميةٍ تحملُ أسماءً وعناوينَ بَرَّاقةً، لكنها تحتوي في طّياتِها على برامجَ إنحرافيةٍ لِدَعْمِ الشُّذوذِ والِانحلالِ الخُلُقيّ.

لقد نجحوا في صَرْفِ أنظارِ الشبابِ عنِ المساجِدِ و الكنائسِ، وجَرُّوهم إلى مستنقعاتِ المُخَدِّراتِ والشُّذوذِ، عبر الإغراءاتِ المختلفة، ومِنها المال، وصنعوا وسائلَ بسيطةً لهم لكي يدخلوا عالَمَ الِانفلاتِ من داخلِ منازِلِهم.

"التيك توك" واحدٌ من البرامج ِ التي تسعى الفتياتُ والنساءُ للحصول ِ عَبْرَهُ على المال ِ بوسائلَ مختلفةٍ، مما دفَعَ بالبعضِ مِنْهُنَّ الى التعرِّي، والِاختِلاطِ بالرجالِ،والتحدُّثِ بالأحاديثِ الجنسيةِ وغيرِها.

وهناك المئاتُ،لابل الآلاف من البرامجِ الشبيهةِ التي تدفعُ النِّساءَ والشبابَ الى الِانحطاطِ الأخلاقِيِّ، مُقابِلَ فُتاتِ المال ِ الذي يُعْطى لهم.

اليومَ،بعدما اكتملَ بِناءُ الأرضيةِ الواسعةِ لهؤلاءِالشياطين،أعلنوا علناً أنَّ الشّاذّينَ بَشَرٌ يستحِقُّونَ الِاحترامَ والتقدير، ووضعوا حقوقَهم في مقدّمةِ كُلِّ فِئاتِ المجتمع،حتى وصلَ بهِمُ الأمرُ لِلتّهديدِ بأنَّ كُلَّ دولةٍ لا تعترفُ بالشَّاذِّينَ سوف لن يُسْمَحَ لِمُواطِنِيها بدخول ِ الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ ومَنْ مَعَها،من دوَلِ أوروبّا الغربيةِ اللَّصِيقَةِ بِها.

إن اِبتِعادَ المؤمنينَ منَ المسيحيينَ والمسلمينَ عن أديانِهِم، وكُتُبِهِم السماويةِ وتعاليمِ الإنجيل ِ والقرآن، سمحَ لِلدَّوْلَةِ الشيطان ِ الأكبرِ أنْ تدخُلَ إلى بيوتِهِم وعُقولِهِم، وتُدَمِّرَ مجتماعاتِهِم وأبناءَهُم؛ سأعطي مثالاً: لبنان الذي يُعاني منَ الحصارِ الأمريكيِّ الخانِق، وبعد ضرْبِ البنيةِ الِاقتصاديةِ والماليةِ والصحيةِ للبلاد، جاء وقتُ ضربِ المؤسساتِ الخيريةِذاتِ القيمةِ الإسلاميةِ والمسيحيةِ المحترمة، للسيطرةِ عليها عبرَ الإِقطاعِ السياسِي ِّ، وحَرْفِ التربيةِ فِيها، من مفهومِ القِيَمِ والعاداتِ والتقاليدِ العريقةِ والحشمة، تمهيداًلإدخال ِالشُّذوذِإليها،كمايحصلُ في بيتِ اليتيمِ الدُّرْزيِّ اليوم، حيث أُجبِرَتْ مُديرّتُهُ السيدة حياة نكدي على الِاستقالةِ،تحتَ التّرهيبِ والوعيد، من أجلِ تكليفِ إدارةٍ جديدةٍ مواليةٍ للغربِ، لِتَقومَ بالتغييرِ اللازم.

وهكذا تنتصرُ علينا أمريكا، لأنّنا قومٌ لا نحمِي مُجتمعاتِنا، ولا مؤسَّساتِنا المُحترَمة.

إنّ العودةَ إلى اللهِ هي الحلّ، وعلى المسلمين والمسيحيين واليهودِ المتديّنين أن يتمسَّكوا بإنسانيَّتِهم: بقِيَمِهِم وأخلاقِهم، وأن يُوَاجِهوا هذا المشروعَ الشيطانِيَّ الحيوانيّ، ويَهزِمُوهُ، مهما كانتِ التَّكلفة، انتصاراً للإنسانيّةِ التي يسعَى الشياطينُ إلى استبدالِها بالحيوانيّة.

بيروت في....

7/9/2023

المصدر: موقع إضاءات الإخباري