كتب الأستاذ حليم خاتون:
پولا يعقوبيان ومارك ضو يتزعمان حرب الدفاع عن المثلية في لبنان...
معهم طبعا بعض المثليين وعدد لا بأس به ممن لا عقل له ليرى أبعد من أنفه...
كم هو عدد المثليين في هذا البلد؟
عدة مئات، بضعة آلاف... من المؤكد ليس أكثر...
الذين يرفعون الصوت دفاعا عن المثلية يبثون الضباب حول القضايا المصيرية، ويخفون حقائق مهمة من أجل حياة ملايين الأفراد الآخرين...
تماما كما يفعل جماعة الرفق بالحيوان في وقت صار يعامل معظم الناس اسوأ من معاملة الحيوان...
هذا ليس مستغربا من جماعة حزب المصرف داخل كتلة التغيير...
الذين يرفعون الصوت في مهاجمة المثلية يزيدون الضباب حول القضايا المصيرية، ويلهون الناس عن هذه القضايا المصيرية... فلا نرى ما يجب أن نراه، سواء عن حسن نية أو عن سوء هذه النية...
منذ أشهر، والسوشيال ميديا تمطر فيديوهات عن انتشار المثلية الفظيع في الغرب، والتحذير من شرعنتها في بلادنا...
لا يستطيع اي كان إنكار أن المثليين يتمتعون بحقوق تفوق حقوق الكثير من الفئات المهمشة هنا في الغرب... لكن الصورة التي يتم نشرها في بلداننا مبالغ فيها الى درجة البروباغاندا التي تؤدي إلى تغطية أمور بأمور أخرى ليست مصيرية في حياتنا نحن اللبنانيين خصوصاً، والعرب عموماً...
المثليون في أوروبا يعاملون كشأن خاص لا دخل للآخرين به...
سواء كانت المثلية شأن خاص او كانت مرضا يجب معالجته، المهم عدم الانجرار وراء البروباغاندا، سواء المؤيدة أو تلك المعارضة لأن مشاكلنا اكبر بكثير من المثلية...
سألتني ابنتي الصغرى إذا كان بإمكاننا رؤية فيلم باربي الذي كان جرى منعه في لبنان على أساس أنه يشجع على المثلية، بينما أصر نديم الجميل على التحدي والترويج له...
ابنتي بالمناسبة لها من العمر ١٤ عاما، وكتبت بحثا في المدرسة السنة الماضي حول النزاع في شبه الجزيرة الكورية، وتأثير ذلك النزاع على الأمن العالمي...
هي حصلت على علامة ممتاز، وانا استفدت من المعلومات التي وردت في هذه الدراسة...
الفيلم بالغ السطحية كما الكثير من القصص الأميركية التي تنشر ثقافة الفراغ الفكري... لكنه بالتأكيد لا يحوي أي شيء غير عادي عن المثلية أو حتى عن الجنس...
ما فعلته وزارة الثقافة في لبنان هو منع الفيلم ربما لكي تزداد الدعاية له، لا أكثر ولا أقل...
لكن في لبنان يجب أن لا يهدأ الضباب حتى لا يذوب الثلج ويظهر "الخرا"...
من المعيب وضع فيلم باربي إلى جانب حرب عين الحلوة...
الفرق بينهما كبير جداً...
لكن قضية المثليين في البدء ثم حرب الإلغاء الفلسطينية داخل عين الحلوة، منعتا اللبنانيين من رؤية نتائج الدراسة التي قدمتها شركة التدقيق الجنائي والتي قالت فيها بكل وضوح أن هندسات رياض سلامة المالية تسببت بخسائر للاقتصاد اللبناني في السنوات السبع الأخيرة تزيد على السبعين مليار دولار...
إلى جيوب من ذهبت هذه الهندسات المالية؟
إذا اضفنا إلى هذا مبلغ أكثر من ثلاثين مليار دولار استفاد منها مجموعة من كبار الأغنياء الذين اقترضوا من المصارف هذه المليارات بالدولار الأميركي ثم سددوا القرض على أساس دولار ال ١٥٠٠ ليرة بفضل مرسوم من رياض سلامة نفسه، مثل شركة ايشتي التي كانت اقترضت من المصارف مبلغ حوالي ٥٠ مليون دولار ثم إعادته إلى هذه المصارف بربع القيمة أو حتى أقل...
نكون عرفنا أين ذهبت أموال المودعين، ولا يبق سوى اعتقال كل من استفاد من هندسات رياض سلامة، وكل من اقترض ثم دفع القرض على أساس ١٥٠٠ ليرة، ووضع اليد على أموالهم حتى إعادة أموال المودعين كاملة دون أي نقصان؛ هذا إذا افترضنا فعلا أن الطبقة الحاكمة تريد فعلا إعادة أموال المودعين وليس فقط أموال بعض كبار المودعين حصراً...
طبعاً، عين الحلوة قصة أخرى أكثر تعقيداً، لكن المبدأ نفسه يسري هناك؛
حرب عين الحلوة لها مهمات، منها ما هو ظاهر، ومنها ما سوف يكشف عن مدى تورط جهات رسمية لبنانية نيابة عن جهات دولية حين يظهر...
وفقاً للاستاذ رضوان مرتضى يتحمل مندوب الرئيس ميقاتي مسؤولية سوء إدارة ملف تبريد الصراع بين فتح والإسلاميين...
زيادة على ذلك، ما أشار إليه النائب أسامة سعد حين تساءل مع ابتسامة العارف بالامور عن كيفية دخول السلاح والعناصر إلى داخل حلبة الصراع في المخيم، رغم أحكام الجيش طوقا حول هذا المخيم...
ثم من يدفع ثمن هذه القذائف والرصاص الذي يتجاوز ملايين الدولارات يومياً؟
هذا من جهة؛
من جهة أخرى، تفتقت عبقرية الاستاذ محمد بركات في أساس ميديا عن اكتشاف مذهل:
حزب الله هو من يسعر هذه الحرب حتى يتمكن من السيطرة على المخيم عبر القضاء على حركة فتح...
دائما تلك الفوبيا الإيرانية...
عندما رفض حزب الله منذ سنين اقتحام مخيم نهر البارد قيل يومها أن الحزب يتضامن مع فصائل المقاومة الفلسطينية على حساب الجيش وحساب المصلحة الوطنية اللبنانية...
يا اخي "حيرتونا"...
اثبتوا على رأي، ولو مرة واحدة...
في لبنان هناك جماعة من "المتفلسفين"، يتعاملون مع حزب الله على أساس المثل الشعبي القائل،
إن "خريت" قاتلك، وإن ما "خريت" قاتلك...
ليت الأمر يكون كذلك استاذ محمد؛ ليت حزب الله يفكر فعلاً في السيطرة على المخيم وعلى كل المخيمات... على الأقل، نضمن أن هذا السلاح الموجود داخل المخيمات سوف يكون لتحرير فلسطين، وليس سلاحا عبثيا كما هو هذه الأيام...
في المقابل، قررت شاشة الجديد أن القتال يدور بين حركة فتح ومجموعات إرهابية، في اصطفاف واضح مع حركة فتح التي تسير وتجر خلفها الشعب الفلسطيني إلى الهاوية...
وضعت شاشة الجديد حركة فتح في ناحية وخلطت كل الأطراف المقابلة ضمن سلة واحدة تتلخص بالإرهاب...
الأكيد هو أن جماعات الإخوان المسلمين المختلفة داخل المخيم تمثل عنصرا إرهابياً في أكثر من مكان...
لكن هناك أطرافا إسلامية تريد وتعمل فعلا لصالح التحرير والعودة ولا يفترض بأي كان أن يخلط عباس بدرباس كما فعلت الجديد...
ليس دفاعاً عن أحد، لكن المؤكد هو أن حركة فتح باتت تضم أطرافا كثيرة فقدت البوصلة ويجب إنهاء سلطانها على الشعب الفلسطيني في الشتات، قبل إنهائه داخل فلسطين...
ماذا يخفي الصراع الدائر في عين الحلوة؟
بين أمور أخرى، يبدو أن نغمة نزع السلاح غير الشرعي تبدأ من هناك مع خلط واضح بين سلاح الزعران والإرهاب الموجود بكثرة في المخيمات وبين السلاح الواجب حمايته لضمان حق العودة إلى فلسطين فعلاً...
إن أي نزع لسلاح المقاومة الشعبية الفلسطينية سوف يؤدي حكما إلى التوطين...
يبقى دائما السؤال، لماذا تم زرع مخيمات اللجوء حول المدن بعيداً عن حدود فلسطين؟
عبقرية من قامت بهذا العمل المشين؟
الم يكن لهذا فائدة في تأمين يد عاملة رخيصة إلى حد العبودية لطبقة الواحد في المائة؛ يد عاملة لا تملك حق الاعتراض النقابي يوم كان هناك نقابات؟
الم يكن زرع تلك المخيمات في الداخل يهدف إلى تحويلها مستقبلا إلى ضواحي للوصول إلى التوطين ودفن القضية الفلسطينية؟
مرة أخرى، يجب الاعتراف أن الغرب عموماً، والاميركيين خصوصاً كانوا أكثر ذكاء من طبقة الواحد في المائة عندنا نحن العرب لأنهم خططوا أبعد من أنف الرأسمالية العربية عبر زرع بؤر توتر دائم ساهم في ثلاثة حروب أهلية عربية على الأقل حتى اليوم:
في عمان وايلول الأسود،
في لبنان الذي غرق أكثر من السابق في الطائفية بعد حرب أهلية انتهت بهزيمة المشروع الوطني الديموقراطي،
وفي سوريا حيث لعبت بعض التنظيات الفلسطينية دورا في محاولة تدمير الدولة السورية...
سواء أحببنا ام لا، يجب إعادة النظر في أماكن وجود هذه المخيمات وفي ادوارها السلبية دائما على بنية الدول الوطنية...
ألا يجدر بنا تشجيع سفن العودة إلى فلسطين بالانطلاق من كل هذه المخيمات، تماماً كما فعلت الوكالة اليهودية عندما امطرت فلسطين بالسفن المحملة بالمهاجرين اليهود في القرن الماضي...؟
اليس هذا أقل كلفة ماديا وانسانيا، وافضل الف مرة من تأجيج الصراعات الفلسطينية الفلسطينية؟
لماذا يتوجب على الكيانات الوطنية حمل اثقال اغتصاب فلسطين، بينما تعيش الدول التي عملت لهذا الاغتصاب في منئ عن مآسي نتائج ما جرى؟
حتى مال الانروا لم يعد الغرب يريد دفعه...
فلتذهب سفن العودة الى حدود فلسطين وليتفضل الاميركيون والبريطانيين والغرب بشكل عام والروس معهم بإبجاد حلول لمشكلة قاموا هم يخلقها في القرن الماضي...
وليتفضل محمود عباس ويرينا شطارته في المقاومة المدنية وهو لم يعجز فقط عن حماية المدنيين الفلسطينيين، بل تماهى مع الصهاينة في قتل المقاومين اواعتقالهم في سجون السلطة قبل تسليمهم إلى الجلاد الصهيوني...
يقول رضوان مرتضى أن حرب عين الحلوة تحمل وجوها كثيرة مثل الصراع على خلافة محمود عباس على رأس سلطة رام الله...
لكن حروب المخيمات سوف تستمر دائما لأن القضية الفلسطينية لن تجد حلاً طالما واقع اغتصاب فلسطين قائم، وطالما يتلهى الجميع بحل القضية على حساب الضحية بدل الجلاد...
الحل لا يمكن أن يكون إلا عبر مقاومة فلسطينية وعربية مسلحة لا تتوقف ولا توفر وسيلة في العنف الثوري حتى تحقيق حق العودة وتقرير المصير للشعب الفلسطيني، حتى لو أدى هذا الى الاصطدام مع أنظمة الذل والردة العربية...
كلما بعدنا عن وسيلة الكفاح المسلح سوف نغرق أكثر في الاقتتال والعشائرية والطائفية والمذهبية والحروب الأهلية...
إذا، يبقى الحل الوحيد هو في دفع الثمن من خلال حرب تحرير بدل هدر الأرواح في نزاعات سوف يؤجج نارها دائما الأميركي القبيح الذي يمسك زمام الأمور داخل كل الأنظمة العربية بلا استثناء...
حليم خاتون