كتب الأستاذ حليم خاتون:
"إنه غضب الله"، يردد بعض الجهلة...
الله يغضب بكل تأكيد، وغضبه صعب جداً...
لكن الله يغضب على الباطل...
الفقر باطل، لكن الفقراء لا ذنب كبير عليهم إلا في الخنوع والقبول بقدر لم يأت من الله قطعاً...
"إنه غضب الطبيعة"، يردد آخرون...
غضب الطبيعة التي ترد على التوحش الرأسمالي في انتهاك كل قوانين هذه الطبيعة...
في جمهورية بادن فيرتينبورغ، في إحدى المدن، جرى استفتاء حول مشروع مد أنابيب إلى باطن الأرض لاستمداد الحرارة من أجل التدفئة والطاقة...
رفضت الأغلبية هذا المشروع لما يحمله من إخلال في التوازن في الطبيعة حيث بينت الكثير من الدراسات أن هذا الإخلال قد يولد مستقبلاً منطقة هزات أرضية لكي تستعيد القشرة الأرضية توازنها...
حتى في الجزائر، جرت مظاهرات ضد استخراج النفط والغاز الصخري في أحد المناطق لما يتطلبه هذا الاستخراج من كميات هائلة من المياه بينما المنطقة عطشى...
كما أن الله لا يمكن أن يغضب من المساكين، كذلك هي الطبيعة؛
الطبيعة تضرب في أي مكان؛ في ايطاليا، في نيوزيلندا، في أميركا، وليس فقط في بلدان العالم الثالث...
لكن لو وقعت هزة أرضية غداً في فلسطين المحتلة، سوف تكون الأضرار الأكبر في مناطق الفلسطينيين...
لا الله يكره الفقراء، ولا الطبيعة تستهدفهم بغضبها...
كل ما في الأمر أن أولي الأمر عند الفقراء لا يهتمون بأمر هؤلاء الفقراء...
عندما ينظر المرء إلى طريقة البناء شبه العشوائي في بعض المناطق ؛ عندما يرى المرء بيوت التنك في احياء فقراء العالم الثالث؛ عندما يتجول المرء في مخيمات اللجوء الفلسطيني، ويرى كيف يتكدس الناس غصبا عن إرادة هؤلاء الناس وغصبا عن كل القوانين الإنسانية والطبيعية، يمكن فهم حتمية وقوع الكارثة يوماً ما...
الأبنية التي وقعت في المغرب، وتلك التي جرفتها السيول في درنة في ليبيا لم يتم بناؤها "على الأصول" بالتأكيد...
لا حاجة إلى أي لجان تحقيق...
الصور على الشاشات لا تستطيع إخفاء أبنية وبيوت البؤس تلك التي كانت ضحية هذا الغضب...
٢٠٠ مليار دولار على الأقل من أموال ليبيا، هي ما وضع الغرب اليد عليه بعد سقوط معمر القذافي...
القذافي الذي كان يرسل المال بلا حساب إلى من يبدد هذا المال في غير محله، لم يعرف أن يبني في ليبيا سدودا تقاوم الأعاصير، ولا بنى بيوتا تليق بشعب حر...
هو لم يبن حتى اقتصاد انتاج ولا بنى اجيال معرفة...
كل ما حصل، هو أن القذافي خلع الملك وجلس مكانه يتفرعن على الناس...
ما حصل في ليبيا، يحصل في كل البلاد التي يحل عليها بلاء يشبه بلاء القذافي...
في لبنان، بدد نظام الطائف أكثر من ٢٥٠ إلى ٣٠٠ مليار دولار خلال ٣٠ سنة ولا يوجد عندنا لا ماء ولا كهرباء ولا بنية تحتية تحترم التطور البشري والنمو السكاني...
بكلام آخر، أهدر وسرق أهل نظام الطائف ما معدله ١٠ مليارات دولار سنويا دون أن يبنوا بلدا...
في فلسطين المحتلة، يحصل الكيان على حوالي نفس المبلغ سنويا من أميركا والغرب...
هذا المبلغ، ورغم بعض الفساد الذي أرسل أولمرت إلى السجن، ويحاول ارسال نتنياهو أيضاً، جعل من هذا الكيان القوة العسكرية الاولى في منطقة الشرق الأوسط، وربما القوة العسكرية ما قبل العاشرة في العالم...
هذا الكيان يحتل أحد اهم المراكز الاولى في العالم في ال High-technology...
هذا الكيان، ورغم كلفة الحروب التي يشن وكلفة الاحتلال، يعيش في وضع أفضل عشرات المرات من وضع لبنان، ومن وضع مصر رغم انفتاح السادات، وبيعه لأصول مصر "بتراب المصاري" ...
لا الله يغضب عن غير حق؛ ولا الطبيعة تتبلى على البشر...
أنها أنظمة الفساد المنتشر في بلاد العالم الثالث بتركيز أكثر مما في بقية العالم... زائدا على ذلك، شعوب خانعة تقبل بالذل والهوان وتعيش في البؤس وكأنه القدر...
كما تكونون، يولى عليكم...
لا يوجد فراعنة الا في مجتمعات العبيد..
حليم خاتون