يَطْلُعُ علينا المُحَلِّلونَ والسياسيونَ، صُبحَ مساء، بتحليلاتِهِمُ التي تنصَبُّ كُلُّها أو أكثرِيَّتُها على التصويرِ أنَّ الأزمةَ في لبنانَ ستُحَلُّ بمجرَّدِ اِنتِخابِ رئيسٍ للجمهوريةِ في لبنان.
وهذا تفكيرٌ غيرُ صحيحٍ البتّة.
فَلْيُذَكِّرْنا هؤلاءِ المحللون والسياسيون، كيف كانَ حالُ البلدِ في عهودِ الرؤساءِ السابقينَ كافة؟
كيف كان الحالُ في عهدِ الرئيس إميل لحود؟ وكيف كان في عهدِ الرئيس ميشال سليمان؟ وكيف كان في عهد الرئيس ميشال عون؟
وأكثر من ذلك، كيف كان وضعُ لبنانَ في عهدِ أيِّ رئيسِ جمهوريةٍ سابق، إلَّا "مارحم ربي"، من عهودِ القليلينَ منهم.
لا نقولُ هذا اِنتِقاصاً من قدْرِ أيِّ رئيسٍ منَ الرؤساء، بغضِّ النظرِ عن موقِفنا من بعضِهم، إنّما نقوله انتقاصاً منَ النظامِ السياسيِّ الضعيفِ والمأزوم، الذي يحكم لبنان.
إنَّ مشاكلَ لبنانَ ليستْ ناجمةً عن تَعَذُّرِ وُجودِ رئيسٍ أو مسؤول ِ، لأسبابٍ تتداولُها الألسُنُ والسفاراتُ والمنابرُ ووسائلُ الإعلام، بل هي ناجمةٌ من وجودِ الموجودينَ جميعِهِم في السلطة، وناجمةٌ أكثرَ من وجودِ النِّظامِ السياسِيِّ الذي يُحَصِّنُهُم بعيوبِه ويُحَصِّنونَهُ بفسادِهِم.
لذا، ولكي لانُكَرِّر الكلام الّذي يعرفه الجميع، نقول: فتِّشوا عن الحلِّ في مكانٍ آخرَ غيرِ المناصبِ والمسؤولياتِ والرئاسات...
فتشوا عن الحلِّ في المنظومةِ المهترئةِ كُلِّها التي تحكُمُ هذِهِ المناصبَ والمسؤولياتِ والرئاسات، وتعطيهم كلَّ شيءٍ من دون ِ أنْ تُحاسِبَهم على شيء، حتى ولو ابتلعوا الأخضرَ واليابس، وأكثر من ذلك هذه المنظومة ويُحاصرونَ كُلَّ مسؤول أو رئيسٍ يُحاوِلُ أن يكون نزيهاً وشريفاً، فيَعزِلونَهُ ويُسقِطُنَه،وتُتْرّكُ الغَلَبَةُ لأبناءِ المنظومةِ العاقّين... ونقطة على السطر.
من ناحيةٍ ثانية، كلُّ هذا التضليل ِ كَوْمٌ، والذُلُّ الذي نشعرُ بهِ كوم، عندما نرى تداوُلَ مصيرِ الرئيسِ والوطن ِ في السِّفاراتِ، وعلى ألسُنِ المبعوثينَ والـمُتَدَخِّلينَ، من كُلِّ الأصنافِ والأعراق، وعندما نرى بعضَ السُّفراءِ يجمعون نوابَنا في صالوناتِهم، كما يجمعُ المُدرِّسُ التلامِذَةَ "الشطار"، يجمعونهم ليُحاضروا فيهِم ويعطوهم التعليماتِ والتوجيهاتِ اللازمةَ، لا لِخِدمةِ مصلحةِ لبنانَ حتماً، بل لِخِدْمَةِ مصالحِ بُلدانِ هؤلاءِ السفراءِ، ومصالح ِ كُلِّ الذين يُذِلُّونَ لبنانَ واللبنانيين.
وكفى بذلك ذُلّاً وامتِهانَ كرامة.
أفما آن للشّعبِ اللبنانيِّ الجائع المطحون أن ينتفض لِكرامته التي لايملكُ غيرها؟!
أيلول 2023