ربى يوسف شاهين/ سورية
بين عشية وضحاها من عمر الشعب الفلسطيني، وبعد 73 عاماً من المقاومة، وفي أيام ذكرى حرب تشرين التحريرية 1973، وتحديداً في السابع من تشرين الأول من عام 2023، تعالت أصوات المقاتلين الفلسطينيين نحو بقاع وطنهم المسلوب، فاقتلعت سواعدهم مستوطنات الرعاع في الكيان الغاصب، وبددت احتفالاتهم في وضح النهار، فاصبحوا كـ القطعان في همجية يسرحون، لا يعلمون إن كانوا في حلم أو حقيقة.
وما بين الأمس والغد من عمر الإنسان زمن قد يُشعل فتيل الحرب، ويمضي إلى النهاية، والبداية بداية مرحلة جديدة ينشدها شعب يعرف معنى الإحتلال واغتصاب الأرض والعرض. فـ منذ أن دنس الكيان الصهيوني أرض بلاد الشام، في بقعة جميلة منه إسمها فلسطين، لتغدوا الجراح مفتوحة حتى يوم ملحمة "طوفان الأقصى" في تاريخ فلسطين المحتلة والأمة العربية على السواء، في يوماً لم يتوقعه المحتل الإسرائيلي ولا حتى من هم على رأس السلطة الإسرائيلية في يوماً من الأيام.
فقد اعتاد الإحتلال ورغم أنه يحسب لحراك الفلسطيني الأعزل ألف حساب، وأن أي حراك مقاوم للشعب الفلسطيني تتحدد ملامحه بعملية فردية من قبل الشبان الفلسطنيين، أو تنفيذ عملية طعن بين الفينة والأخرى، أو ضربات من صليات صواريخ المقاومة، وفي كل حرب مع المقاومة تنتهي بمدة محدودة المعالم، إلا أن هذا اليوم الذي أُعلنت فيه حرب "طوفان الأقصى"، قد هدد كيان المحتل أمنياً وعسكرياً ونفسياً ووجودياً حرب ضروس نفذها المقاومون من شباب فلسطين المحتلة بأبسط ما يمتلكون من معدات للقتال، فكانت حرب الشوارع وسيلتهم لخطف وأسر مستوطنين فوجئوا بقوتهم وسرعتهم تخطيطاً وتنفيذاً عال الدقة تطورت فيه أساليب المواجهة ليتمكن المهاجمون من أسر ضباط في الجيش الإسرائيلي، لم يفكروا بأنهم سيكونون في قبضة المقاومة، وتحقيق إصابات مباشرة في صفوف الجنود الاسرائليين وآلياتهم المجنزرة والمصفحة، فلم تعد الميركافا إلا هدفاً بسيطاً لشباب فلسطين المحتلة.
وتستمر الحرب المقاومة على قدم وساق، لكن المحتل الغاصب يعزز من أسلحته عبر استخدام طائراته الحربية التي يتباها بها، فلا تكافؤ في هذه الجزئية، وبدأ بقصف مدينة غزة قصفاً عنيفاً لا يهمه وقت ليلاً ونهاراً وأحدث مجزرة في خان يونس راح ضحيتها العديد من الأطفال الأبرياء عبر استخدام إرهابه الذي أخذ ضوءه الأخضر من رئيس الولايات المتحدة "بايدن" ليعزز معنويات الإسرائيليين ويحرضهم على مزيد من الإجرام فيقطع الماء والغذاء عن أهل غزة ويقصف المستشفيات ومراكز الإيواء. كل هذا ماهو إلا تعبيراً عن همجية المحتل وصفاته الإرهابية، التي اختص فيها منذ زمن، ولكنها توضحت للرأي العالمي في ملحمة "طوفان الاقصى" التحريرية.
في المحصلة هي حرب حق سمًيت من قبل أصحاب الأرض الحقيقيين، وقد عاهدوا الله وأنفسهم أنهم لمُحرروها، وإن بذل الدماء لرخيصة أمام ثمنها ففيها الأقصى الشريف ثالث الحرمين الشريفين.