ترجمات /
ترجمات
ترجمات /"حرب "إسرائيل" وحماس تقلب استراتيجية بايدن في الشرق الأوسط رأسا على عقب
11 تشرين الأول 2023 , 02:27 ص


حتى نهاية الأسبوع الماضي، كانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تعتمد على بقاء الشرق الأوسط هادئا نسبيا بينما تسعى بهدوء إلى تحقيق أهدافها السياسية الرئيسية هناك المتمثلة في التوسط لتحقيق انفراجة بين "إسرائيل" والسعودية واحتواء طموحات إيران النووية.

لكن هذه الآمال تبددت عندما تسلل مقاتلون من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) من غزة واجتاحوا بلدات إسرائيلية يوم السبت، مما أسفر عن مقتل المئات وخطف عشرات آخرين. وردت القوات الإسرائيلية بقصف أودى بحياة المئات في القطاع الساحلي وفرض حصار كامل عليه.

بعد تجنب التدخل في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي يستعصي على الحل، يجد بايدن نفسه الآن مدفوعا إلى أزمة من المرجح أن تعيد تشكيل سياسته في الشرق الأوسط، وفي تحالف قد لا يشعر فيه بالارتياح مع رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو.

إنه وضع محفوف بالمخاطر من الناحية السياسية بالنسبة لرئيس يسعى لإعادة انتخابه في عام 2024، ويمكن أن تترتب عليه آثار كبيرة على أسعار النفط العالمية ويوجه موارد الولايات المتحدة واهتمامها بعيدا عما كان حتى الآن يمثل التحدي الأبرز في سياسته الخارجية ألا وهو حرب روسيا في أوكرانيا.

وجه هجوم حماس المفاجئ ضربة للجهود الأمريكية للتوسط في اتفاق تطبيع تاريخي بين "إسرائيل" والسعودية ووضع عقبات أمام نهج واشنطن إزاء إيران، راعية حماس منذ فترة طويلة.

ويؤكد مسؤولون أمريكيون أن محاولات إقامة علاقات بين العدوين القديمين "إسرائيل "والسعودية يمكن أن تنجو من الأزمة دون أن يصيبها أذى، لكن خبراء كثيرين يتبنون وجهة نظر أكثر تشاؤما.

وقال جون ألترمان، رئيس برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، في تناقض مع الخط الرسمي للحكومة الأمريكية "بكل بساطة، كل جهود التطبيع ستظل معلقة في المستقبل المنظور".

ورأت الإدارة الأمريكية في الجمع بين أقوى حليفين لواشنطن في المنطقة حصنا أشد مناعة ضد طهران ومنع تقدم الصين في منطقة الخليج الغنية بالنفط.

وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، للصحفيين في ساعة متأخرة من مساء يوم الاثنين، إنه لن يذهب إلى حد القول إن محادثات التطبيع توقفت مؤقتا أو إنها أصبحت في مرتبة متأخرة، لكن تركيز واشنطن في الوقت الحالي ينصب على مساعدة "إسرائيل" في الدفاع عن نفسها.

وتوقع مسؤول أمريكي كبير، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته أن يتم التوصل إلى اتفاق إسرائيلي سعودي في نهاية المطاف، لكنه قال "المسألة تتعلق بالتوقيت، وهل سيؤدي هذا لإغلاق النافذة لفترة معينة من الزمن؟ ربما، وربما لا".

وقال جوناثان بانيكوف، وهو مسؤول كبير سابق في المخابرات الوطنية الأمريكية، إن "الشارع العربي لن يدعم التطبيع بعد حرب واسعة النطاق دمرت فيها الضربات الإسرائيلية جزءا كبيرا من غزة".

وأثارت الأزمة أيضا انتقادات جديدة لمساعي إدارة بايدن لإقامة علاقات بين "إسرائيل" والسعودية، والتي كان يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها لا تولي اهتماما كبيرا لمسعى الفلسطينيين لإقامة دولة لهم.

واتهم خالد الجندي، وهو مستشار سابق لفريق التفاوض الفلسطيني، إدارة بايدن بقيادة عملية تطبيع إسرائيلية سعودية تتغافل عن الفلسطينيين إلى حد كبير.

وقال الجندي، الذي يعمل الآن في معهد الشرق الأوسط "مثل هذا الإهمال هو أحد الأسباب وراء ما نراه".

كانت حماس ترسل رسالة مفادها أنه لا يمكن تجاهل الفلسطينيين إذا كانت "إسرائيل" تريد الأمن، وأن أي صفقة سعودية من شأنها أن تعرقل التقارب الذي حدث في الآونة الأخيرة بين المملكة وإيران، حسبما قال مسؤولون فلسطينيون ومصدر إقليمي.

وقال مسؤولون أمريكيون في وقت سابق إن الوقت غير مناسب لمحاولة استئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية المتوقفة منذ فترة طويلة بسبب تعنت الجانبين.

وقال بانيكوف إن الرياض قد تعود على المدى الأطول إلى طاولة المفاوضات للحصول على ضمانات أمنية أمريكية ضد إيران.

ويقول محللون إن إدارة بايدن، حتى في أثناء مساعدتها لإسرائيل في محاربة حماس وتحرير عشرات الرهائن، الذين يحتمل أن يكون بينهم أمريكيون، يمكن أن تحاول صياغة استراتيجية تهدف على الأقل لإبقاء خيار إقامة دولة فلسطينية على قيد الحياة.

لكن نتنياهو، الذي تقاوم حكومته اليمينية المتطرفة بالفعل تقديم تنازلات تسعى إليها كل من واشنطن والرياض، سيعارض تقديم أي تنازلات للفلسطينيين، نظرا لارتفاع عدد القتلى وأزمة الرهائن التي يواجهها.


البيت الأبيض أُخد على غرة

قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان قبل ما يزيد قليلا عن أسبوع في مؤتمر رعته مجلة أتلانتيك "منطقة الشرق الأوسط أكثر هدوءا اليوم مما كانت عليه منذ عقدين من الزمن"، في إشارة إلى أن الإدارة يمكن أن تركز بشكل أكبر على أولويات مثل حرب روسيا في أوكرانيا والنفوذ الصيني المتزايد في منطقة المحيطين الهندي والهادي.

وقال مسؤولون أمريكيون إن مساعدي بايدن، الذين كانوا يقودون جهود تطبيع العلاقات بين "إسرائيل" والسعودية مقابل اتفاق دفاعي أمريكي تسعى إليه الرياض، فوجئوا تماما بهجمات حماس. وكانت المبادرة موضع تساؤل بالفعل في الكونجرس، بسبب سجل السعوديين في مجال حقوق الإنسان.

ومن المرجح أن يجبر هجوم حماس المدمر، وهو أسوأ هجوم على "إسرائيل "منذ خمسة عقود، بايدن على المشاركة الدبلوماسية في مشاكل الشرق الأوسط بشكل أعمق.

ويقول مسؤولون في الإدارة إن التحدي المباشر هو منع الحرب من التصاعد إلى صراع أوسع، وخاصة منع جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران من فتح جبهة ثانية على الحدود الشمالية" لإسرائيل".

وقال مسؤول أمريكي طلب عدم الكشف عن هويته إن بعض مساعدي بايدن أصيبوا بخيبة أمل بسبب عدم إدانة السعوديين لهجوم حماس بشكل مباشر.


تشجيع لإيران؟

يقول محللون إن الولايات المتحدة قد تضطر إلى مراجعة نهجها تجاه إيران.

ومنذ توليه منصبه، انطوى سجل بايدن السياسي على جهود فاشلة للتفاوض مع طهران على العودة إلى الاتفاق النووي. وتنفي طهران سعيها لامتلاك أسلحة نووية.

وقال مسؤولون أمريكيون إن إيران متواطئة في الهجوم على" إسرائيل" بسبب دعمها لحماس على مدى زمن طويل، لكنهم لا يملكون أدلة تربط طهران بشكل مباشر بالهجوم. ونفت طهران أي دور لها.

وأشار بعض المحللين إلى أن إيران قد تتجرأ على تصعيد "حرب الظل" مع" إسرائيل" بعد أن رأت غارة مسلحة تنتهك سمعة الجيش الإسرائيلي على أنه جيش لا يقهر، وتستخدم وكلاءها الإقليميين بشكل أكبر لاستهداف المصالح الأمريكية في المنطقة.

وقال بانيكوف، الذي يعمل الآن في مركز أبحاث المجلس الأطلسي "قد تكون إيران أقل ارتداعا في الوقت الراهن، سواء كان ذلك صحيحا أم لا، لأنها ترى أن الإدارة الأمريكية أقل استعدادا للانخراط في صراع عسكري أو اتخاذ إجراءات تهدد بحدوث ذلك".

ويجد بايدن نفسه أيضا مضطرا إلى الدفاع عن نفسه في مواجهة انتقادات الجمهوريين لصفقة تبادل السجناء مع إيران في الشهر الماضي، والتي أشار مسؤولون أمريكيون إلى أنها قد تكون خطوة لبناء الثقة، وإلغاء تجميد 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية للاستخدام للأغراض الإنسانية.




مات سبيتالنيك /حميرة باموق /سايمون لويس

المصدر: Reuters home