جورج حدادين
بعد خمسون عاماً من حرب تشرين عام 1973، حرب العبور المجيدة، حيث اجتاح الجيش المصري العظيم خط بارليف، الذي كان يعتبر عصي على الاجتياح، واجتاح الجيش السوري مواقع الجولان المحصنة،
تحقق بهذا الاجتياح النصر العظيم على قوات الاحتلال، وكانت الهزيمة ، التي أرغمت حماة الكيان الصهيوني ، الولايات المتحدة عل التدخل، تتدخل بجسر جوي لإنقاذ إسرائيل، والتاريخ يعيد نفسه اليوم ، دلالة واضحة، لكل من كان وما زال يعتقد بأن الولايات المتحدة زالإتحاد الأوروبي ، ممكن أن يكونا وسيطاً،
الكيان الصهيوني أنشأ ليكون كلب حراسة مصالح المركز الرأسمالي العالمي، البارحة واليوم وغداً، ولهذا تحديداً تجد موقف موحد للأتحاد الأوربي والولايات المتحدة " إدانة العدوان الحمساوي على إسرائيل"
اجتاحت قوى المقاومة الفلسطينية تحصينات العدو الصهيوني وسيطرت ليس فقط على تحصيناته العسكرية بل استولت على مستعمراته على مساحة تعادل ضعفي مساحة قطاع غزة، ( 600 كم2 )
احدث الإجتياح صدمة مرعبة لدى القيادة العسكرية والسياسية الصهيونية، حيث تحطمت أسطورة الجيش المتغطرس الفاشي، وتهشمت النظرة المتعالية لإستخباراته العسكرية والمدنية الشين بيت والموساد الخ.
لم يكن أحد يتوقع هذا الاجتياح الساحق، لا العدو ولا الصديق ، فكانت الصدمة عند العدو والصديق
مذهل كيف استطاعت قوى المقاومة الفلسطينية التمويه على كافة هذه الاستعدادات الدقيقة الواسعة الضرورية للقيام بعملية تعتبر فريدة في التاريخ العسكري:
كيف تم التشويش على كافة أجهزة الترصد والتنصت والاستشعار، والرادرات وأبراج المراقبة،
وكيف تم اجتياح الجدار العازل المغطى بكافة أجهزة التحسس والإستشعار والكميرات والاسلاك الشائكة، جدار اسمنتي ثلاثة أمتار فوق السطح وثلاث أمتار تحت السطح.
كيف تسلح هذا المقاتل بالجرأة والشجاعة والكفاءة للقيام بهذه الخطوة، بالأخص في ظل واقع عربي رسمي بائس خانع مستسلم يهرول نحو التطبيع إعتقاداً منه أن التطبيع يشكل خشبة الخلاص له، وشريحة فلسطينية تولول يا وحدنا، حيث أثبتت هذه المعركة أن المقاومة لم تكن وحدها بل سيظهر بوضوح دور محور المقاومة مجتمعاً في هذه الحرب التي قد تمتد في الزمن.
وفي ظل واقع فلسطيني منقسم، لا بل جزء منه تابع، سلطة تعتبر التنسيق الأمني مقدس، لا يمكن المساس به، بالرغم من كافة الإجراءات القمعية والوحشية ، التي تمارسها الطغمة الصهيونة، ضد الشعب الفلسطيني وأرضه وشجره وحجره، تحت سمع وبصر هذه السلطة.
وكيف اكتسب المقاتل الفلسطيني المهارة والخبرة والكفاءة ، تحت رقابة كافة الأجهزة الصهيونية ، وتمكن من القيام بهذه المهمة المعقدة ، ضد جيش مسلح ومدرب خاض العديد من الحروب ضد غزة المحاصرة والمراقبة على مدار الساعة
عدة مئات من المقاتلين الأشاوس تجتاح في سويعات حصون عدو، ترتعد منه قيادات أنظمة عربية خانعة تهرول نحو التطبيع، وبأوامر أمريكية تسرع في اصدار بيانات إدانة للمقاومة، وتعلن تضامنها مع أسرى الجيش والمستعمرين الصهاينة، ما هذا المنحدر القبيح؟
يتبع