لماذا التقاطر الأمريكي والغربي الإستعماري الى دولة الكيان..؟؟
عين علی العدو
لماذا التقاطر الأمريكي والغربي الإستعماري الى دولة الكيان..؟؟
راسم عبيدات
19 تشرين الأول 2023 , 17:39 م


بقلم :- راسم عبيدات

دولة الكيان منذ إقامتها على ايدي القوى الإستعمارية المتعاقبة،بريطانية وأمريكية على أراض الشعب الفلسطيني ،جرى امدادها بكل مقومات البقاء والوجود والقوة تسلحياً ومالاً وحماية وحصانة من أي عقوبات او قرارات قد تتخذ بحقها على خلفية خرقها لقرارات الشرعية والقانون الدولي،وأصبحت بمثابة البقرة المقدسة التي لا يجب المس بها حتى لو بالكلام وليس بالفعل،ومن يقوم بذلك سيتهم باللاسامية وبدعم وتأييد " الهولوكست" المحرقة ضد اليهود ...حتى أن مندوبة دولة اليمين المتطرف الأمريكي في الأمم المتحدة في عهد الرئيس السابق اليميني المتطرف ترامب ،نيكي هايلي قالت بشكل واضح بأن عهد تقريع دولة الكيان في الأمم المتحدة قد انتهى بلا رجعة،وأي مندوب يتطرق أو يسعى لإدانة وتجريم دولة الكيان من خلال المؤسسات الدولية ستصفعه بحذائها ذو الكعب العالي....وقادة الدول الإستعمارية كانوا دوماً يحرسون على ان تكون دولة الكيان الأكثر تسليحاً وتفوقاً عسكريا في المنطقة، لكي تكون عصاهم الغليظة في الحفاظ على مصالحهم واهدافهم في المنطقة،ولكي يجري استخدام فائض قوتها في إحتلال أكبر مساحة من الأرض العربية،ولكي تمارس أيضاً عدوانيتها وعنجهيتها في منع انبعاث او تشكل أي مشروع قومي عربي يوحد الأمة العربية، التي حددت القوة الإستعمارية، بأنه يجب ان تبقى بلدانها مفرقة،وتحت قيادة انظمة عشائرية وقبلية وقطرية ومحميات تكون تابعة وتحت مظلة الإشراف الأمني الإستعماري،وأن يجري إقامة قواعد عسكرية استعمارية على أراضيها،وأن تبقى ثرواتها وخيراتها منهوبة من قبل تلك القوى الإستعمارية ...وضمن هذه الرؤيا والأهداف بقيت دولة الكيان تمارس البلطجة والعدوان واستباحة الأرض العربية دون رادع او خوف من أية عقوبات قد تفرض عليها او قرارات تتخذ بحقها،فأمريكا ودول الغرب الإستعماري توفر لها مظلة من الحماية في تلك المؤسسات تبقيها دولة فوق القانون الدولي وتوفر التغطية لكل الجرائم التي ترتكبها.

بعد أن تعرضت دولة الكيان الى خطر وجودي في حرب اكتوبر عام 1973،بعد أن شنت عليها حرب مشتركة من قبل الجيشين المصري والسوري،أستطاعت امريكا عبر جسر جوي ان تنقذها،وما تبع ذلك من توقيع مصر لإتفاقية "كامب ديفيد" الخيانية التي تدفع مصر والأمة العربية ثمنها حتى اليوم،فهي لم تخرج مصر بثقلها العسكري والبشري من المواجهة مع دولة الكيان فقط،بل حولت مصر الى دولة وظيفية تابعة ،حتى أضحت عاجزة الان ان تفتح معبر رفح لإدخال شاحنات مساعدات اغاثية لسكان القطاع الذين يتعرضون لحرب إبادة ومحرقة جماعية .. وأعقب اتفاقية " كامب ديفيد" ،تصفية الوجود العسكري الفلسطيني في لبنان،وخروج قوى المقاومة الفلسطينية منها الى أكثر من عاصمة عربية،وبقي الهدف المركزي لدولة الكيان وامريكا وقوى الغرب الإستعماري، تصفية القضية الفلسطينية من كل جوانبها ،ولكن كل المشاريع السياسية التي طرحت فشلت بفعل الصمود والمقاومة والإنتفاضات الشعبية الفلسطينية،انتفاضة الحجر الفلسطيني/ كانون اول/1987 ،تلك الإنتفاضة التي كادت ان تنجح في نقل الدولة الفلسطينية من الإمكانية التاريخية الى الإمكانية الواقعية لولا الإستثمار المتسرع لنتائجها من قبل الجناح المتنفذ في المنظمة،والذي قاد الى اتفاق أوسلو الإنتقالي – الدائم،هذه الإتفاق الكارثي الذي نتج عنه سلطة ومؤسسات اوسلو،وشكل النصر الثاني لدولة الكيان بعد نكبة عام 1948،وما زلنا ندفع ثمنه حتى اليوم استمرار للنكبات وتقسيم الشعب والأرض والقضية.

أوسلو الذي قيل بأن سيجلب دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس،وضمان حق العودة للاجئين وفق القرار الأممي 194،لم يحقق أي من حقوق الشعب الفلسطيني ،لم يعد لا حقوق ولا أرض واستغلته دولة الكيان،لكي تواصل الإستيطان ونهب الأرض وتقطيع أوصالها.

تداعيات اوسلو الكارثية أوجدت حالة من الإنقسام الفلسطيني،بين سلطة في الضفة الغربية، لا تريد مغادرة نهج وخيار وثقافة أوسلو المدمرة،والتي ثبت فشلها وعقمها،وبأن ما يريده الكيان منها حفظ أمن المستوطنين والتنسيق الأمني وضرب المقاومين مقابل مساعدات مالية واقتصادية لسلطة اوسلو ولأجهزتها الأمنية،وسلطة نشأت في غزة رسمت خططها ورؤيتها واستراتيجيتها على إقامة سلطة مقاومة تمازج بين السلطة والمقاومة،ورغم كل ما تعرضت له من حصار،وكل المعارك التي شنت على القطاع،من عام 2008 -2009 و 2012 و2014 و2018 و2019 و 2021 و2022 و2023 ،تلك المعارك التي اتت بعد تحرير الجنوب اللبناني في 25/ايار والحرب العدوانية التي شنت على جزب الله مقاومة اللبنانية في تموز /2006 ،وهدفت لخلق شرق أوسط امريكي كبير،تمكن حزب الله من "قبره"،ومن ذلك التاريخ لم تعد دولة الكيان،قادرة ان تكون الشريك الإستراتيجي القادر على حماية المصالح الأمريكية في المنطقة،ولم يعد جيشها ذلك الجيش الذي لا يهزم،وبدت دولة الكيان"اوهن من بيت العنكبوت"، واوجدت المقاومة اللبنانية وحزب الله قواعد ردع واشتباك برية وبحرية وحمت ثروات لبنان البحرية وشكلت رادع لأي عدوان على الأراضي اللبنانية.

وكذلك المقاومة الفلسطينية التي لم ينتصر الكيان في أين من الحروب التي شنت على قطاع غزة، كانت ترسم معادلات ردع وقواعد إشتباك جديدة مع دولة الكيان، وتعمل على مراكمة وزيادة قدراتها العسكرية والتسليحية وتطوير أنفاقها الهجومية،وكذلك طورت من ترسانتها العسكرية على صعيد الصواريخ ومداياتها وقدراتها التدميرية ودقتها،والطائرات المسيرة الإنتحارية،ووحدات المدفعية والسيبر وامتلاك التكنولوجيا، والعمل الإستخباري والأمني ،واوجدت قوى نخبة على درجة عالية من التدريب والكفاءة والخبرة ...ولعل معركة "سيف القدس" ايار /2021،والتي انتصرت فيها غزة للأقصى والقدس وما تلاها من معركة" بأس الأحرار" ،كانت بروفات نحو معركة " طوفان الأقصى" ،حيث قوة الردع عند جيش الكيان تراجعت وأصبحت الأزمات تعصف بدولة الكيان بنيوية وسياسية ومجتمعية ،والإنقسامات تعمقت لتطال المؤسستين الأمنية والعسكرية،والمعادلات والمعارك كانت تقول بأن زمن الإنتصارات لجيش الكيان قد ولت،ولم يعد ذلك الجيش الذي يمتلك زمام المبادرة ويتحكم في بدايات المعارك ونهاياتها.

جاءت معركة " طوفان الأقصى" لتقلب كل المعادلات والمشهد ولتلحق هزيمة عسكرية بدولة الكيان غير مسبوقة،والسيناريو الذي تحقق فيها والخطة التي رسمت لها،وقادت الى تحطيم الخطوط الدفاعية لدولة الكيان على خطوط قطاع غزة مع مستوطنات غلاف غزة واقتحام مواقعه العسكرية على طول خط الغلاف في زمن قياسي ،لكي تكشف مدى الفشل العسكري والأمني والإستخباري الذي أصاب دولة الكيان في عصبها المركزي مخلفاً أزمات وتخبط وإرباك قيادي على كل المستويات عسكرية وأمنية وسياسية،كل هذا دفع بدولة الكيان لكي ترد على تلك الهزيمة الساحقة بعقلية ثأرية انتقامية كتعويض عن فشلها وهزيمتها بشن حرب إبادة وحرق بحق المدنيين ومنع كل مستلزما الحياة الأساسية عنهم من ماء وكهرباء وسولار ومواد غذائية وطبية،حيث قصفت البنايات والأبراج السكنية والأسواق ودور العبادة والمشافي والمصارف والبنايات الحكومية ومقرات الأمم المتحدة ...ومسحت عائلات ،ومناطق بكاملها في قصف همجي ووحشي بغطاء امريكي وأوروبي غربي استعماري بلغ عدد ضحاياه حتى اللحظة أكثر من 3000 شهيد وأكثر من 12500 ألآلآف جريح جلهم من الأطفال والنساء.

حجم الهزيمة القاسية التي حلت بدولة الكيان،جعلت أمريكا ودول الغرب الإستعماري تهب لنجدة دولة الكيان،حيث أمريكا أرسلت بوارجها الحربية "جيرالد فورد" و"ايزنهاور" وفتحت مخازنها لتزويد دولة الكيان بأحدث الأٍسلحة التدميرية وأرسلت لها بشكل عاجل مساعدات مالية بقيمة 8 مليار دولار وبريطانيا ارسلت سفينتين حربيتين للإستطلاع والمراقبة والمانيا وضعت تحت تصرفها مسيرتين حربيتين وفرنسا قالت بانها ستساعد في تزويد دولة الكيان بالمعلومات الإستخبارية وستكون جاهزة للتدخل اذا ما توسعت الحرب البرية.

المهم القادة الأمريكان الأوروبيين الغربيين تقاطروا الى دولة الكيان التي باتت تحت خطر التهديد الوجودي،ولم تعد تلك الدولة القادرة ان تكون شريك استراتيجي يحمي المصالح والأهداف الأمريكية والغربية في المنطقة ...وزير الخارجية الأمريكي بلينكن اتى كيهودي وكذلك فعل وزير الخرب الأمريكي لويد اوسن والرئيس الأمريكي بايدن الذي عبر عن افتخاره بصهيونته سيصل اليوم الأربعاء بطائرة عسكرية لدولة الكيان،وكذلك الرئيس الفرنسي العنصري ماكرون ووزيرة خارجيته كاترينا كولونيا والمستشار الألماني اليمنيي المتطرف اولاف شولتز والرئيس الروماني كلاوس يوهانس،وبلينكن شارك في كابينت الحرب المصغر وكذلك سيفعل رئيسه بايدن اليوم ،وهذا الحجيج لكل القوى والقيادات الإستعمارية والتكالب على شعبنا ومقاومتنا الفلسطينية، يقول بشكل واضح الكيان تعصف به الأزمات وحالة التخبط والإنهيار الداخلي والتخوف من الخيارات والثمن البشري في أي حرب برية قادمة وتداعياتها على دولة الكيان والمنطقة والإقليم والعالم واحتمالات توسعها لحرب اقليمية شاملة،ولذلك كل هذا الحضور الإستعماري يهدف الى :- ضمان أمن وحماية ودعم مُطلق لـ”تل أبيب” وتهديد مباشر لحركة حماس وبقية قوى المقاومة، التضامن مع دولة الكيان والإلتزام الصارم بأمنها،التوضيح بشكل لا لبس فيه أن لدولة الكيان الحق، بل ومن واجبها، الدفاع عن شعبها من حماس و”الإرهابيين” الآخرين ومنع الهجمات المستقبلية.، توجيه رسالة واضحة إلى أي جهة فاعلة، سواء كانت دولة أو غير دولة ،المقصود هنا حزب الله وايران وبقية مكونات محور المقاومة، تحاول الاستفادة من هذه الأزمة لمهاجمة دولة الكيان، لا تفعل ذلك. ولتحقيق هذه الغاية، قام بنشر مجموعتين من حاملات الطائرات وأصول عسكرية أخرى في المنطقة”. التنسيق الوثيق مع دولة الكيان لضمان إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم فصائل المقاومة ـ بما في ذلك الرجال والنساء والأطفال الصغار و"الناجين من المحرقة "والمواطنين الأمريكيين ". تلقي ملخصا شاملا عن أهداف إسرائيل واستراتيجيتها في الحرب” ،اما الكذب الوقح يتمثل بأنه سيطلب من دولة الكيان كيف ستدير عملياتها بما يقلل من الخسائر في صفوف المدنيين وضمان تدفق المساعدات الإنسانية الى المدنيين ومنع حماس من الإستفادة منها،وهو يعلم بأن معظم الشه د اء من الأطفال والنساء .

نعم هذا التقاطر الأمريكي والغربي لدولة الكيان عدا هذه الأهداف،فهو يريد من الأطراف العربية والسلطة الفلسطينية الذين سيلتقي قادتها غداً في عمان، أن ينضبطوا للمسارات الأمريكية الإستراتيجية،ويمنعوا ويحاصروا تفاعل الحالة الشعبية في دولهم،لكي تسير العملية العسكرية لدولة الكيان وفق المخطط لها،وكذلك سيدعوها الى الإنخراط الأمني بشكل مباشر مع دولة الكيان ضمن هيكل أمني تقوده امريكا.

فلسطين – القدس المحتلة

18/10/2023

[email protected]

المصدر: موقع إضاءات الإخباري