تنتظر مسامع العالم كله، ولا نبالغ حينما نقول: إنَّ كلَّ العالم اليوم ينتظر كلام أمين عام حزب الله السيدحسن نصرالله، حول أحداث ومجريات غزة، وما بعدها، والى أين ستسيرُ الأمور، لأنَّ الجميعَ باتَ على يقين ٍبأنَّ كلمتَهُ هي الفصلُ والمؤشِّرُ لسيرِ الأحداثِ القادمة، وبِكلامِهِ تكونُ بدايةُ الحربِ الكبرى في المنطقة، أو يكونُ معها هدوءٌ نسبيٌّ في الشارعِ الغزّاوي، وبالتالي في جغرافيا المنطقة برمتها .
كلامٌ، سيكونُ لهُ الوَقْعُ الكبيرُ الذي سَيَتَعدّى مفاعيلَ كل آلاتِ الحربِ مجتمعةً ويزيد، لأنه سَيُحَدِّدُ مفاهيمَ وسيناريوهاتٍ مُقبلة، سِلماً كانَ أو حرباً.
القائدُ العارفُ بخبايا الأحداثِ وسيناريوهاتِها، وما ستؤولُ إلَيْهِ وقائعُ المنطقة، بل هو الأعرَفُ والأقدَر ُعلى ساحتِنا الإقليميةِ بكلِّ حروفِها من ألِفِها الى يائها، لا يزال مُلتزِماً صمتاً يُزلزِلُ الكِيانَ الصهيونيّ ومَنْ معه، في كل لحظةٍ ومعَ كلِّ حدث، ومن غير المعلوم متى سينهي حربَ الصمت، لتبدأ معركةُ الكلام، الأمر الذي لم يعد بالبعيد، وخلال أيام قليلة سيُطِلُّ مُخاطِباً مَنْ يعنيهمُ الشّأن، أصدقاءَ كانو أم أعداء، ليضع نقاطَ الخريطةِ السياسيةِ المقبلة، على حروفِ أحداثِ هذه المًنطقة، مكوناً معها مصيرَ ومسارَ كلِّ ما هو قادم .
حتى هذه اللحظة، أتقن القائدُ الذي خَبِرَ الجميعَ، وعرفَ كيف يتعاملُ معهم. صمتاً يُصيبُ منَ الصهاينةِ ومنْ حليفِهِم الأكبرِ أمريكا مقتلاً،لتنقضي بعدها ساعاتُ الصمت، تتبعُها كلماتٌ ترسم مسارَأفعالٍ ومواقف.
الصمتُ الحالي المقصود، والَّذي أعطى ثمارَهُ في كلِّ الِاتِّجاهات، لدى العدوِّولدى الصديق، وقد اقتربَ موعدُ كلامِهِ الذي تعوّدناهُ حاملاً مواقفَ وتقديرات.
التأخيرُ المقصودُ، لِكلامِ الأمين الذي ينتظرُهُ الجميع، يَحمِلُ عِدّةَ دلالات، وقُصِدَ بِهِ أكثرُ من هدف، وكما عهدنا سيِّدَ الكلام، فإنَّهُ أصاب في صمته البليغ ما أراد، حتى وصلَ الصهاينةُ ومعهم الأمريكيون، إلى تَقَصِّي، وسؤال ِ مَنْ يَعنِيهِم الأمرُ، ومن قد لا يعنيهم، لمعرفةِ تَوَجُّهٍ واضحٍ من أصحابِ الراياتِ الصفراءِ، مع كلِّ ما يحدُثُ في المنطقة، لكنهم كانوايُصدَمون دوماً بجوابٍ وحيد: "لن نترك غزةَوحيدة، وسنتدخَّلُ في الوقتِ والظرفِ الذي نراهُ مُناسِباً، وضِمْنَ الآلِيَّةِ التي تخدِمُ الهدف".
جملةٌ احتَمَلَتْ مئاتِ التحليلاتِ والتوَقُّعات، ودون أن تستطيعَ معرفةَ توقيتٍ واضحٍ، لدخولِ المعركة، أو تَوَجُّهٍ واضح ٍ عن كيفيةِ هذا الدخول، وما إنْ كان سيبقى مُقتصِراً على رماياتٍ صاروخيةٍ، ورُبَّما تقدُّماتٌ محدودة، أم سيكون أكثرَ من ذلك بكثير، لدرجةٍ لم تترك أمريكا وسيلةً لمحاولةِ معرفةِ أجوبةٍ شافية، دونما نتيجة، لِتعيشَ الحَيْرَةَ والقلقَ، من صَمْتٍ تخطَّتْ فعالِيَّتُهُ أسلحةً كثيرةً ظهرت، وستظهرُ في أيِّ معركة.
صمتُ الأمين ِعلى الأرواح، المُتَعَمَّدُ غايَتُهُ عدمُ إرسال ِ أيِّ إشاراتِ طمأنةٍ أو قلق ٍ يَقِينِيٍّ لِلأعداء، وإبقاؤهم يعيشونَ قلقَ المَجهول ِالذي يفُوقُ بتأثيرِهِ كُلَّ ما يُشبِهُه، إضافةً إلى تَرْكِ الساحةِ تُحَدِّدُ ما إذاكانَ يجبُ الدخولُ أو أنَّ الحليفَ، بلْ الحلفاءَالفلسطينيين يستطيعون تحمُّلَ المَهَمَّةِ المُلْقاةِ على عاتِقِهم، وينتصرونَ فيها، خاصَّةً معَ رِهان ٍ على تقدُّمٍ بَرِّيٍّ إسرائيلي، إنْ حصلَ، فَسيزيدُ تَعْرِيَةَ الصهاينةِ، حيثُ الكفاءةُ والخبرة، وسيتفاجأُ قادتُهُم وضُبّاطُهُم بحجمِ الخِبْرَةِ البَرِّيَّةِ التي امتَلَكها المقاومون الفلسطينيون، خلالَ أيامِ الِاستِعدادِ لما هو قادم، وبالتالي، ستكون خسارةٌ كارِثِيَّةٌ لِلجيشِ الصهيونيّ، لن يستطيعَ تغطيةَ نتائجِها بمجازٍرَ تلحقُ بالمدنيين والاطفال، مهما كثُرَت وازدادتْ وتيرةُ الإجرامِ فيها .
لتِبقى المقاومةُ الصفراءُ حاضرة، براً وبحراً وجواً للمشاركة حين تستدعي الحاجة، والتي لم تَحِنْ بعدُ، خاصة وأنَّ الجيشَ الإسرائيليَّ لم يُحَقِّقْ أيَّ مَكْسَبٍ يَرُدُّ لَهُ بعضاً من ماءٍ وَجْهِهِ المَهدُور، ولم يَبْرَعْ سوى في المجازرِ تتلوها المجازر، ولا جديدَ في أرضِ الميدان ِ سِوى الدماءِ ورائحةِ الموت.
الخلاصة: صمتٌ أسمعَ كُلَّ النّوَاحِي، وأَلْهَبَ في قلوبِ الأعداءِ الرُّعْبَ، ولا يزالُ حتى تحينَ لَحْظَتُهُ التي لم تَعْدْ بعيدة، خاصّةً معَ اِزْدِيادِ المجازرِ التي لن يطولَ السكوتُ عليها كثيراً، ومشاريعِ التهجيرِ القَسْرِيّ، الَّذي تسعى إليه تل أبيب، ومعها الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ وبعضُ مُطّبِّعِينَ وغيرُهُم من بعضِ الغربِ والأوروبيين، وهو أمر ٌلن يُقبَلَ في أي ظرفٍ كان، مهما كلَّفَتِ النتائج.
حتى بروزِ تَطُوُّرٍ يَستَدْعي الِانْتِقالَ من معركةِ الصّمتِ إلى سيفِ الكلامِ والتَّحدِّي والتهديدِ ورسمِ معادلاتٍ جديدة، وهو أمرٌ اقتربتْ لحظاتُهُ بشكلٍ كبير،حتّى حصولِ ذلك، سيكتفي سيدُ الكلامِ بصمْتِهِ المُرْعِب، مُصِيباً في قلوبِهِم الرِّعْبَ، ومعهُ ألفُ ألفِ اِستِفسارٍ وسؤالٍ لن يجيبَهم عليها إلّا من تكلّمَ فأجادَ، وهدَّدَ بإصبَعِهِ فكانَ أهلاً لذلك.