كتب الصحافي الأستاذ عماد مرمل: مع استمرار الحرب «المفتوحة» على قطاع غزة و«المقيدة» على الحدود الجنوبية، تكثر التكهنات حول نيّات «حزب الله» المتسلّح بغموض يُقلق العدو ويحيّر الصديق.
مقالات
كتب الصحافي الأستاذ عماد مرمل: مع استمرار الحرب «المفتوحة» على قطاع غزة و«المقيدة» على الحدود الجنوبية، تكثر التكهنات حول نيّات «حزب الله» المتسلّح بغموض يُقلق العدو ويحيّر الصديق.
27 تشرين الأول 2023 , 18:52 م


وسط احتجاب الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله عن الإطلالةِ الخطابية،منذ بَدْءِ العدوان على غزة، انشغلت الأوساطُ الإسرائيليةُ بالصورةِ الثلاثيةِ الأبعادِ التي جَمَعَتْهُ معَ الأمين ِ العامِ لحركةِ الجهادِ الإسلامِيّ زيادنخالة ونائبِ رئيسِ المكتبِ السياسيِّ لحركةِ حماس، صالح ِ العاروري،لِماانطوتْ عليه من دلالات في لحظةِ احتِدامِ المواجهةِ، في غزة وعلى الحدود اللبنانيةِ الجنوبية.

وبَدَتِ الصورةُ المنشورة، عن سابق ِ تصورٍ وتصميم، أشبَهَ بصاروخ ٍ إعلاميٍّ – نفسيٍّ «دقيقٍ» انطلقَ من مكان ِما، في الضاحية الجنوبية، وذلك في خِضَمِّ حربٍ تُخاضُ، في جانبٍ أساسيٍّ منها، عَبْرَ جبهةِ «الميديا» التي يُحاوِلُ الكيانُ الإسرائيلِيُّ أنْ يَسْتَحْوِذَ عليها، منذُ وقوع ِ عمليةِ"طوفان الأقصى"في 7 تشرينَ الأول.

وأكّدَ العاروري لاحقاً أنْ: «ليستْ كلُّ الِّلقاءاتِ، معَ قيادةِ الحِزبِ، معلنةً، وقد سبقَ أنْ التَقَيْنا بالسيِّدنصر الله في اليوم الأول للمعركة.

«ما يؤشّرُ إلى أنّ نشرَ صورةِ الِّلقاءِ الأخيرِ كان مقصوداً، لإيصال ِرسالةِ تحذيرٍ بالبريدِ السريع ِإلى تل أبيب، بل لعلَّ تلك الصورةَ كانتْ تُعادلُ، مِنْ حيثُ الأهميةُ والمعنى، مضمونَ الِاجتِماع ِ نفسِه، ضِمْنَ مُقتَضَياتِ الحربِ النفسيَّةِ والميدانيةِ على حدٍّ سواء.

وترافقَ الإعلانُ عنِ اللقاءِ بينَ أطرافِ مِحوَرِ المقاومةِ معَ تسريبِ رسالةٍ خَطّها «السيدُ» بِيَدِه،وطلبَ فيها تسميةَ شهداءِ الحِزبِ في المواجهاتِ على الحدودِ معَ فلسطينَ المُحتلَّةِ بـ «شهداءُ على طريقِ القدس.»

ولَئِنْ كان بمقدورِ«السيدِ» توزيعُ هذا التعميمِ على أجهزةِ الحزبِ عَبْرَ طُرُق ٍ أخرى،إلّا أنّ اخْتِيارَهُ اِعْتِمادَ صيغةِ الرسالةِ التي كتَبَها بِنَفْسِه، يُعْطِي مضمونَها من جهةٍ بُعداً وازِناً يتجاوزُ الإطارَ الإجرائيَّ التقليديَّ إلى تحديدِ هُوِيَّةِ المعركةِ التي يَخوضُهامُقاتلوالحزبِ ومعنى تضحياتِهِم، ويَعْكِسُ منْ جِهَةٍ أُخرى أَرْيَحِيَّتَهُ في إدارةِ كُلِّ تفاصيل ِالمواجهةِ الحاليةِ، رغمَ مخاطرِ المرحلةِ وضغوطِها.

الى جانب هذه الإطلالات الجزئيةِ والمدروسة، ورغمَ انشغالِهِ بتفاصيل ِحربِ غزة، ومعركةِ الحدودِ الجنوبية، خَصَّصَ السيدُ نصرُالله، نحو 20 دقيقةً لِنِقاشٍ هاتِفِيٍّ، عبر الخط الداخليِّ الآمِن ِ، مع رئيسِ التيارِ الوطنيِّ الحُرّ النائب جبران باسيل،الذي كان قد تمنّى التواصُلَ معه في إطار مُبادَرتِهِ الأخيرةِ، لِتَحصين ِ الوَضْع ِ اللبنانيِّ، والَّتي قادَتْهُ إلى زيارةِ القياداتِ السياسية.

وهذا الِاتِّصالُ يُؤَشِّرُ إلى أنّ السيدَ نصرَاللهِ يُولِي الجبهةَ الداخليةَ وضرورةَ تحصينِها جزءاً أساسياً من اِهتِمامِه، وهو يضعُها في حساباتِهِ الِاستراتيجيةِ، عندَ درسِ الخِياراتِ المُمْكِنَةِ في مُواجهةِ تحدِّي العُدوانِ على قِطاع ِ غزةَ ولبنان.

◦ وبالنسبةِ لحربِ الِاستنزافِ التي جَرّتِ المقاومةُ الإسرائيليَّ إلَيْها جنوباً ،يُؤَكِّدُ المُطَّلِعونَ أنَّ الحِزْبَ لم يَسْتخدِمْ في المُواجهاتِ الحدوديةِ، حتى الآن، سوى واحدٍ بالمئةِ من قُدُراتِه، وهو لم يكشِفْ بَعْدُ أوراقَهُ القويةَ التي تَعُجُّ بها جُعْبَتُهْ، في انتظارِ التوقيتِ المناسبِ المُرْتَبِطِ حَصْراً بِمُجْرَياتِ التَّطَوُّراتِ المَيْدانِيَّةِ واِحْتِمالِ التّدَحْرُج ِنَحْوَ الحَرْبِ الكُبرى.

ويَلْفِتُ هؤلاءِ إلى أنَّ القتالَ يدورُ حالِياً على «الحافّةِ الأمامِيّة» حيث يُطْلِقُ مقاتلو الحزبِ الصواريخَ الموجّهةَ نحوَ مواقعِ الِاحتِلالِ الإسرائيليِّ المُنْتَشِرَةِ على طُولِ الواجهةِ الحدودية، مُشيرينَ إلى أنَّ المُقاوِمينَ يُخاطِرُونَ بِأَنْفُسِهِم، ويُطلِقونَ صواريخَهم منْ أماكنَ مُتقدِّمةٍ ومكشوفة، ما يُفَسِّرُ عددَ الشُّهداءِ المُرتَفِع، ولو أنَّهم يتراجعونَ قليلاًإلى الخَلْفِ، لكانَ بإمكانِهِمُ التَّمْوِيْهَ والِاحْتِماء لٰكِنّهم لايفعلون، حرصاً على حِمايةِ البَلْدَاتِ الجنوبيةِ من ردودِ فِعل ِ الِاحْتِلال.

ويَلْفِتُ العارفونَ إلى أنَّ المقاومةَ تَتَدَرَّجُ في اِستعمال ِأسلِحَتِها وخِياراتِها، آخذةً في الحُسْبان ِأنّ الحربَ قدْ تطولُ، ولا يجِبُ حرقُ المَراحِل.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري