كتب الأستاذ حليم خاتون: بين أرنب الدولتين والحرب الكبرى
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: بين أرنب الدولتين والحرب الكبرى
حليم خاتون
27 تشرين الأول 2023 , 22:46 م

كتب الأستاذ حليم خاتون: 

ليست المرة الأولى التي يخرج الغرب فيها ارنبا وهميا عن حل للقضية الفلسطينية حين يشتد ساعد مقاومة الشعب الفلسطيني، أو حين يتهدد وضع النظام الرسمي العربي بسبب هذه القضية...

حدث هذا في اوائل السبعينيات حين تم رمي مشروع الدولتين؛ اختلفت الفصائل فيما بينها إلى أن تم ذبح القضية في شوارع بيروت والفنادق والمطاعم...

حدث هذا أيضاً مع اجتياح العراق فتم جر الخراف العربية إلى مؤتمر مدريد الذي انتهى كما كل الأنظمة العربية إلى مزبلة التاريخ...

الإمبريالية، كما الكيان، لا تريد اسم فلسطين من الأصل...

لذلك، لا يجرؤ النظام الرسمي العربي على ذكر هذا الإسم...

اليوم أيضاً، بدأ الحديث عن تسوية ما تؤدي إلى قيام دويلة فلسطينية نعرف جميعا أن الهدف الوحيد للحديث عنها ضمن مشروع الدولتين لن يزيد عن تجمع بلديات في الضفة والقطاع لن تزيد سلطته عن إمكانيات سلطة محمود عباس في رام الله...

لماذا تحدث بايدن عن مشروع الدولتين الآن كما بعض العربان الذين يخافون شعوبهم النائمة اصلا؟

ببساطة، لأن لا بايدن ولا الغرب ولا هؤلاء العربان يعرفون إلى أين سوف تتجه الأمور...

حتى محور المقاومة لا يزال يراهن على حل ما يؤجل الحرب الكبرى بعد أن رأى إلى أي مدى يمكن للغرب أن يذهب، ناهيك عن خوف هذا المحور من التكفيريين والكفار على حد سواء...

فلا أبو محمد الجولاني يأبه لما يحدث لأهل السنة والجماعة في فلسطين؛ كما لا يأبه لفلسطين أشرف ريفي الذي يتحدث عن أن السنة في لبنان يتضامنون مع الفلسطينيين، لكنهم ضد الحرب...

أشرف ريفي سوف يصلي من اجل فلسطين إذا ما تذكر كيفية الصلاة عند المسلمين، وكفى المؤمنين شر القتال...

أما آن وقت دفن ابي جهل!...

حتى ضمن محور المقاومة؛ على الأقل، بعض المتحدثين باسم هذا المحور على ما يدعي هذا البعض؛ لا ينفي هؤلاء فرحهم بالدويلة شرط أن تكون مرحلة أولى... وكأن الصهاينة وكل الأساطيل التي أتت سوف تعطيهم هذه الدويلة فقط لتغطية الجرائم التي ارتكبت في غزة...

لن تأتي الدويلة إلا بعد هزيمة الغرب...

فلماذا يكون القبول يومها؟

يا إخوان، مجيء الأساطيل الغربية سوف يحدث غدا كما حدث اليوم...

تلك الأساطيل سوف تكون دوما هناك لحماية الكيان...

هزيمة إسرائيل ممنوعة إذا لم تقترن بهزيمة كل الغرب...

أي حديث بغير هذا هو مجرد اماني لن تتحقق...

صحيح أن اسرائيل مشروع قاعدة متقدمة للغرب للسيطرة على العالم العربي وإن الاصيل في هذه الحالة لا يقاتل عن الوكيل؛ لكن الصحيح أيضاً أن اسرائيل ليست مجرد قاعدة...

اسرائيل تدخل في العقلية الصليبية لهذا الغرب الذي عاد يسيطر على المشرق ولن يرضى عن هذه السيطرة بديلاً...

قول بايدن أنه لو لم يكن هناك إسرائيل لوجب اختراع اسرائيل هو جوهر الفكر الصليبي الذي عاد إلى منطقتنا بعد مرض وسقوط الخلافة العثمانية بغض النظر عن صوابية هذه الخلافة من عدمها...

ما يحدث اليوم على جبهتي غزة وجنوب لبنان هو خير دليل على ما ورد أعلاه...

في غزة ارتكاب مجازر حتى يوم المجازر...

تجاوزت هذه المجازر كل ما حصل على أيدي الهاغاناه وغيرها من العصابات الصهيونية سنة ٤٨؛ لكن هذه المرة بعلم ومشاركة الغرب مباشرة وغير مباشرة...

على جبهة جنوب لبنان، يسقط لحزب الله خسائر غير متوقعة بالمقارنة مع محدودية المواجهة الجارية هناك...

صحيح أن بعض الأسباب في هذا يمكن إرجاعه لخوض حزب الله حرب مواقع مع جيوش تتفوق عليه بالتكنولوجيا والديموغرافيا في حين أن فرصة انتصار الحزب في هكذا ظروف يمكن أن تحصل فقط في حروب العصابات والجبال أو في حروب الشوارع...

لكن أحد أهم أسباب الخسائر يعود إلى التدخل العسكري الأميركي البريطاني مباشرة في هذه الجبهة عبر التنسيق بين الاقمار الصناعية العسكرية الأميركية والقواعد البرية في فلسطين المحتلة...

إذا، اميركا دخلت الحرب...

اميركا موجودة داخل هذه الحرب...

اميركا سوف تكون موجودة دوما في أية حرب ضدنا...

في جميع الأحوال...

في كل الظروف سوف تدخل اميركا وكلابها المسعورة الحرب...

أمامنا حل من اثنين لا ثالث لهما،

أما الاستسلام والخضوع للإمبريالية الأميركية ونسيان فلسطين ووضع سمير جعجع في بعبدا وأشرف ريفي في السراي الحكومي وإعادة ابن البيك إلى عين التينة...

وإما القتال حتى يوم القتال...

ليس الأمر سهلاً على الإطلاق؛

لكنه ليس مستحيلاً أيضاً...

لسنا أقل من الشعوب التي قاتلت وهزمت الإمبريالية...

الحرب ضد اسرائيل سوف تكون حربا ضد كل الغرب بكل ما في الكلمة من معنى...

ضد الغرب في كل الساحات، وفي كل المجالات...

هي حرب صعبة جداً جداً...

لن يكون فيها يا امي ارحميني...

لكنها حرب سوف تنتهي بالانتصار لا ريب...

في غزة اليوم، ينتصر الدم على السيف...

في غزة اليوم، يسقط دم الشهيد فتنبت حقول من الأبطال من أهل هذه الأرض...

ما قاله السيد عباس يوماً تحقق مع حزب الله؛

لماذا لا يتحقق مع كربلاء غزة...

"اقتلونا ... فإن شعبنا سوف يعي أكثر..."

طوفان الأقصى نفسه ليس أكثر من ثمرة لتلك الدماء التي سقطت طيلة خمس وسبعين سنة...

كلما امعنوا في القتل، زاد شعبنا جرأة...

لقد جاء الاميركيون يحملون من العتاد والرجال ما يفوق مجرد معارك هنا وهناك...

الجيوش الجرارة التي أتت تريد إرهابنا، علينا مواجهتها بالاتكال على الله...

قال رفاق عمر المختار لشيخ المقاومين يوم زحفت جحافل ايطاليا الفاشية إلى ليبيا إن ليس باستطاعتهم مواجهة جيش يملك طائرات...

سألهم شيخ المجاهدين،

"هل تطير تلك الطائرات فوق العرش أم تحته؟"

"بل تحته" أجاب الرفاق...

"نحن معنا من يجلس فوق العرش؛

لا يمكن لمن يطير تحت العرش أن يهزم من يتكل على من يجلس فوق العرش..."

نكون او لا نكون...

لسنا مغامرين...

كما انتصر دم الحسين على سيوف بني أمية...

سوف ينتصر دم أطفال غزة على المسيح الدجال وأتباعه من أهل الغرب الاستعماري...

من يتكل على الله، لا يمكن إلا أن يربح التاريخ والجغرافيا... وإنها لثورة حتى النصر...

نموت واقفين ولا نركع...