أصبحت صورةُ أمريكا في كُلِّ العالم، حتّى لدى مؤيِّديها، سوداءَ قاتمةً ممهورةً بدماءِ الأطفال، وروسيا وإيران تتصدّرانِ الواجهةَ السياسيةَ والعسكريةَ والِاقتصاديةَ في مواجهتها.
المشهدُ الدَّوْلِيُّ يتَبَدَّلُ قطعاً، وواشِنطُنُ تتراجعُ خطواتٍ كثيرةً وكبيرةً إلى الوراء، في ملفاتِ حقوقِ الإنسانِ وصَوْن ِ الحرياتِ والعدالةِ التي تتَبَجَّحُ بِها، كما سَجَّلَت تراجُعاً سياسياً كبيراً في ملفات كثيرة، بدأت بعضَها بالحصارِ وبعضَها الآخرَ بالدّّمِ، وآخرَها الذي لم ينتهِ بِجرائٍمِ حربِها على غَزَّة،من إبادةٍ جَماعيّةٍ وتطهيرٍ عِرقيّ، مِمّا تُمارِسُهُ بِآلةِ الحربِ الصهيونيةِ الأمريكيةِ الصُّنْع، و بدعمٍ ودفع ٍ وتحريضٍ مِنْ قادةِ واشنطن، واضح ٍ وعَلَنِيٍّ، وبمباركَةٍ"عربية"رأسُ حَربَتِها الرئيسُ المِصريُّ عبدُالفتّاحِ السيسي،كوهينُ العرَب.
في أوكرانيا، مصنعُ الفايروساتِ الصهيوأميركي، سَعَّرَت واشنطن نيرانَ الحربِ ضِدَّ روسيا، لكنّها انهزمت ولا يزالُ، بسببها، الشعبُ الأوكرانيُّ يدفعُ الثمن،
وفي سوريا تَتَلقى القوّاتُ الأمريكيةُ الضرباتِ اليوميةَ المؤلمة، وستنهزم.
وفي العراق، اِنْهَزَمَتْ أمريكا سابِقاً، واليومَ تتلقّى هزيمةً نكراءَ أُخرى، على يد أبطالِ المقاومةِ الإسلاميةِ العراقية، والفصائل الجهادية، الذين أَدْمَوْها، في كلِّ أماكن ِاحتلالها، أمَّا في اليمن، فحَدِّثْ ولا حَرَج، لقد سُحِقَ الأميركيون بالأقدام، هم وحلفاؤهم من الأوروبيينَ والأعراب، هذا كُلُّهُ، رغمَ تحويلِهم المنظمات الدولية التي تدَّعي حِمايَةَ حقوقِ الإنسان ِ، وصَونَ الحُرِّيَّاتِ، كما حوّلوا مجلسَ الأمنِ الدَّوْلِيّ، الّذي أُنشِئ لِيَفصِلَ بالنزاعاتِ بينّ الدُّوَل، حوّلوه ليكونَ أداةً بيدِهِم، وكذلك محكمةُ جرائِمِ الحربِ الدولية، فَكلُّ هذِهِ المُنظّماتِ عطَّلّتْها أمريكا، وشَلَّتْها، بحيثُ أصبحت عمياءَبكماء، عندما يتعلَّقُ الأمرُ بالفظاعات التي ترتكبُها أمريكا وإسرائيل في فلسطين وسوريا.
هذا العالمُ الغربيُّ المتشدِّقُ بشعاراتٍ كاذبةٍ لَم يتخذ موقفاً عنيفاً كهذا، بالشكلِ والقسوَةِ ضِدَّ داعشَ التي مزَّقَتِ الأرضَ، وقضت على الحَرْثِ والنّسْلِ، ووأدتِ الأطفالَ والكًبارِ وذبحتهم، ونبشتِ القبورَ، وهدَمَتْ دورَ العِبادَة، بل فعلَ هو بنفسه كلَّ هذا، وها هو
اليومَ، يُحرِّكُ داعش هذهِ لِتَهُبَّ لُنُصرَةِ إسرائيلَ، ونُصرتِه، إذ أصدرتِ البياناتِ وهدَّدَتْ حركةَ حماس، وذبحتْ مُواطِناً مصرياً بحُجّةِ مساعدةِ المقاومةِ الفلسطينيةِ بتهريبِ السلاح!
بِكُلِّ الأحوال، أمريكا رأسُ حربةِ الشيطان، وعقلُهُ المُدَبِّرُ لِكُلِّ مايَشْهَدُ عالمنا منَ الحروبِ والجرائمِ، والخرابِ والدّمار،و ما كانت غَزَّةُ إلّابُركاناً انفجَرَ بِوَجْهِها، وسَيُطِيحُ بِها وبأنظمتِها العربِيَّةِ اللَّصِيقةِ بحدودِ فلسطين.
اليوم، يبحثُ الأمريكيُّ عن طَوْق ِنجاةٍ لِيُلْقِي بهِ لِلكِيانِ الغاصِبِ، لكي يُخرِجَهُ منْ بين ِالأمواج التي تتلاطَمُه، فهوَ لم يجرؤ على أن يُقدِمَ على مغامرةٍ بَرِّيَّةٍ في غزة، والمقاومونَ متربصونَ بهِ يتشوَّقونَ لِلَحَظاتِ اللقاء، وعندما جَبُنَ ولم يُقدِمْ، خرجوا إليهِ ضفادِعَ بشريةً ومِظَلِّييِّنَ،إلى داخل قاعدةِ زيكيمَ، فأذاقوهُ مُر َّالموتِ والطِّعان ِالّذي لن ينسى طَعمَهُ، مُنْذُ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣،
وحتى سقوطِهِ الأخيرِ ، القريب.
قَطَرُ، الدوَيْلَةُ الصغيرةُ، الصديقُ الحنونُ لِتل أبيب، وبوابَتُها الخلفيةُ،نحو زورقِ النجاةِ،من خلالِ مفاوضاتٍ ومُساوماتٍ سارعَت إليها، بِجَلَّابِيَّتِها وغُطْرَتِها وعِقالِها، لِتَتَّصِلَ بإيرانَ وحماس،من أجل ِ الوصول ِ إلى وَقْفٍ لإطلاق ِالنارِ، وتبادُلِ الأسرىَ، وطرحَت مُسَوِّدَةَ اِتِّفاق ٍعلى الفريقَيْنِ: الإيرانيِّ و الفلسطينيّ، تنتظِرُ الجوابَ عَلَيْها في الساعاتِ القليلةِ القادمة، لعلَّها تكونُ مُدْخلاً، لِإنهاءِ الحربِ التي ذهبَ ضحيَّتَها أكثرُ منْ سبعةِ الآفِ شهيدٍ فلسطينيٍّ، وأكثرُ من عشرينَ ألفَ جريح ٍ، جُلُّهُم بحال ِ الخطر، وظروفُهُم الصحيةُ حَرِجَةٌ لِلْغاية.
صواريخُ اليمنِ ومُسيراتُهُ التي دَكَّت سفينتَهُ الحربيةَ في البحر الأحمر، وقصفت ميناءَ إيلات وتل أبيب، رغم تصدي أمريكا والسعوديةِ والكِيانِ، ما أرعبَ بايدن، الّذي اِرتعَبَ أيضا، من تطوُّر ِالوضعِ العسكريِّ فيالعراقِ وسورية، ضدَّ قُوّاتِه، فرفَعَ الصوت، وأرسلَ الرَّسائِلَ للإيرانيينَ، عارضاً عليهم وَقْفَ الحربِ في غزّةَمُقابِلَ وقْفِ القصفِ والعملياتِ العسكريةِ على مواقع قواته فكان الرَّدُّ الإيرانيّ: نحنُ لا نمونُ على مُطْلِقِي الصواريخ، وليس لنا أيَّةُ علاقةٍ بهم.
الجميعُ يُريدُ أن يَتَمَلَّصَ مِما اِرْتكبَتْهُ إسرائيلُ من فظائعَ وجرائم، والناطقُ بِاسمِ جيشِ الِاحتِلال ِ يُبَرِّرُ قصْفَ المُستشفياتِ في غزة، بِحَفْرِ حماس أنفاقاً تحتها!
وعندما يبدأُ العدوُّ الصهيونِيُّ بالتبرير، فهذا معناهُ أنَّ الضُّغوطاتِ الدَّولِيَّةَ، سِرَّاً عليه، بلغت أقصاها،خصوصاًوأنَّ الرَّأْيَ العامَّ الدَّوْلِيَّ أصبحَ يَصُبِّ لِغّيْرِ صالِح ِ دِعاياتِ الكِيان.
◦ تل أبيبُ ترفُضُ وَقْفَ القصفِ والدمار، وتُريدِ حَلاً تحتَ النار، والأعرابُ يتسابقونَ لِتلبيةٍماتريدُه بينما لم يبقَ لِلمقاومةِ شيءٌ لِتَخْسَرَه، فبعد كل هذا الكَمِّ منّ الدّّمار ، وأعدادِ الشهداءِ والجَرحى يجب التعاطي مع المفاوضاتِ بانتباهٍ عال ٍ، ويَقَظَةٍ وحِرَفِيَّة، ويجب ألّا تُصدَّقَ وعودُ العدوّ.
◦
نحن لا نُريدُ أنْ نُعلِّمَ حركةَ المقاومةِ حماس ما يجبُ أن تفعلَه، ولكنْ يجب أنْ لا تقبلَ بِأقلِّ منْ إعادةِ الإعمار، وفَكِّ الحصارِ قبل التبادُل، وإلَّا فستستعيدُ تل أبيبُ أسراها، بالثمن الذي تُحَدِّدُهُ هي،وستفرض على غزةَ حصاراً لئيماً للغاية، وتمنعُ إعادةَ الإعمار، ويَتِمُّ تشريدُ نصفِ الغزاويين، من بيوتهم.
بيروت في....
28/10/2023